«أتطلّع بشغف إلى محادثاتي مع صاحب السمو لرفع مستوى علاقاتنا في مختلف المجالات»

مودي: آفاق شراكتنا مع الكويت لا حدود لها

21 ديسمبر 2024 05:21 م

- الترابط التاريخي والتبادلات بين الجانبين من خلال الأفكار والتجارة جعلا شعبينا متقاربين
- تبادلنا التجارة منذ العصور القديمة والاكتشافات في جزيرة فيلكا تتحدث عن ماضينا المشترك
- الروبية الهندية كانت عملة قانونية في الكويت لأكثر من قرن وهذا يوضح التكامل بين اقتصادينا
- الهند كانت شريكاً تجارياً طبيعياً للكويت ولاتزال كذلك في العصر الحديث
- يجب أن تتماشى جذور علاقاتنا التاريخية مع ثمار شراكتنا في القرن الـ21 من حيث الديناميكية والقوة
- الهند من أكبر الشركاء التجاريين للكويت وهيئة الاستثمار الكويتية ضخت استثمارات كبيرة في الهند
- علاقاتنا التجارية مهيأة بشكل تام للسطوع بقوة بالقدر نفسه الذي كانت تتمتع به شبكاتنا التجارية تاريخياً
- قدر كبير من المشتركات وتوافقات متعددة بين رؤيتي «الهند 2047» و«الكويت 2035»
- الطاقة ركيزة مهمة لشراكتنا وقد تجاوزت تجارتنا في هذا القطاع العام الماضي 10 مليارات دولار
- الكويت سادس أكبر مورد للنفط الخام للهند ورابع أكبر مورد للغاز البترولي المسال إليها

أعرب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي عن تطلعه بشغف إلى محادثاته مع سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد خلال زيارته إلى الكويت، وعن تطلع بلاده إلى الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين البلدين إلى مستوى شراكة إستراتيجية.

وقال مودي، في لقاء أجرته معه وكالة «كونا» أمس بمناسبة زيارته إلى الكويت التي تعد الأولى لرئيس وزراء هندي إلى البلاد منذ 43 عاماً، إن «الجذور القوية لعلاقاتنا التاريخية يجب أن تتماشى مع ثمار شراكتنا في القرن الـ21 لناحية الديناميكية والقوة وتعدد الأوجه»، علاوة على أن «رؤيتي البلدين الصديقين لتحقيق النهضة التنموية تحملان الكثير من المشتركات».

وكان رئيس الوزراء قد وصل في وقت سابق صباح أمس إلى البلاد، حيث كان في مقدم مستقبليه على أرض مطار الكويت الدولي، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف، ورئيس ديوان رئيس مجلس الوزراء عبدالعزيز الدخيل، ووزير الخارجية عبدالله اليحيا، والمستشار في ديوان رئيس مجلس الوزراء رئيس بعثة الشرف المرافقة الشيخ الدكتور باسل الصباح، ومساعد وزير الخارجية لشؤون آسيا السفير سميح جوهر حيات، وسفير دولة الكويت لدى جمهورية الهند الصديقة مشعل الشمالي.

شكر الأمير

وعبّر رئيس الوزراء، في اللقاء مع «كونا»، عن الشكر لسمو أمير البلاد على دعوته الكريمة له لزيارة دولة الكويت، مؤكداً أنها تنطوي على أهمية خاصة، لا سيما أنها أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء هندي إلى الكويت منذ أكثر من أربعة عقود.

كما عبّر عن الشكر لسموه أيضاً على دعوته له لحضور حفل افتتاح بطولة كأس الخليج العربي لكرة القدم (خليجي زين 26) التي انطلقت مساء أمس، متمنياً لدولة الكويت النجاح في استضافة هذا الحدث الرياضي.

روابط عميقة

وأضاف أن بلاده والكويت تتقاسمان روابط عميقة وتاريخية حيث دائماً كانت العلاقة بين البلدين علاقة دفء وصداقة و«الترابط التاريخي والتبادلات بين الجانبين من خلال الأفكار والتجارة جعلا شعبينا متقاربين».

وتابع «لقد تبادلنا التجارة منذ العصور القديمة... والاكتشافات في جزيرة فيلكا تتحدث عن ماضينا المشترك... كانت الروبية الهندية عملة قانونية في الكويت لأكثر من قرن من الزمان حتى العام 1961 وهذا يوضح مدى التكامل الوثيق بين اقتصادينا... كانت الهند شريكاً تجارياً طبيعياً للكويت ولاتزال كذلك في العصر الحديث... وقد عززت روابطنا الشعبية على مر القرون رابطة صداقة خاصة بين بلدينا».

وذكر أنه «بشكل عام تتقدم العلاقات الثنائية بشكل جيد، وإذا جاز لي القول فإنها تتجه نحو آفاق جديدة... وأتطلع بشغف إلى محادثاتي مع صاحب السمو أمير الكويت لرفع مستوى علاقاتنا في مختلف المجالات بما في ذلك الدفاع والتجارة والاستثمار والطاقة».

واستطرد: «يجب أن تتماشى الجذور القوية لعلاقاتنا التاريخية مع ثمار شراكتنا في القرن الحادي والعشرين من حيث الديناميكية والقوة وتعدد الأوجه... وقد حققنا الكثير معاً لكن آفاق شراكتنا لا حدود لها وأنا متأكد من أن هذه الزيارة ستمنحها زخماً جديداً».

الجالية والاستثمار

وأشار رئيس الوزراء الهندي إلى أن «الجالية الهندية أكبر الجاليات في الكويت وتضم أكثر من مليون شخص، في وقت تعتبر الهند من بين أكبر الشركاء التجاريين للكويت، كما تنفذ العديد من الشركات الهندية مشاريع في مجال البنية التحتية وتقدم خدمات في مجالات متعددة في الكويت».

ولفت إلى أن «هيئة الاستثمار الكويتية ضخت استثمارات كبيرة في الهند، وهناك اهتمام متزايد بالاستثمار في الهند الآن... وعلى الصعيدين الثنائي ومتعدد الأطراف فإن هناك إدراكاً جيداً لمصالح كل طرف».

وبشأن سبل تعزيز التجارة الثنائية، أفاد مودي بأن «قطاعات التجارة والتبادل التجاري تشكل ركائز مهمة لعلاقتنا الثنائية، وتشهد تجارتنا الثنائية ارتفاعاً فيما تضيف شراكتنا في مجال الطاقة قيمة فريدة لتجارتنا الثنائية».

وتابع أن «هناك إمكانات كبيرة لتوسيع تعاوننا في قطاعات الأدوية والصحة والتكنولوجيا والرقمنة والابتكار والمنسوجات... ولتحقيق هذه الغاية يجب على غرف الأعمال والتجارة ورواد الأعمال والمبتكرين التفاعل والتواصل مع بعضهم البعض بشكل أكبر».

وشدد مودي على أن «علاقاتنا التجارية المعاصرة مهيأة بشكل تام للسطوع بقوة بالقدر نفسه الذي كانت تتمتع به شبكاتنا التجارية تاريخياً. فلنعمل معا لتحقيق هذه الغاية».

مشتركات الرؤيتين

وبسؤاله عن رؤيتي (الهند 2047) والكويت (2035) وكيف يمكن أن تصبحا مفيدتين بشكل متبادل لكلا البلدين وشعبيهما، قال مودي إن «رؤيتنا هي أن نرى الهند دولة متقدمة بحلول العام 2047 عندما نحتفل بمرور 100 عام على استقلالنا، كما نسعى جاهدين لتسريع النمو في كل القطاعات لتحسين مستويات معيشة شعبنا... نحن نبني الهند بحيث تكون البنية التحتية المادية والاجتماعية من الطراز العالمي وجميع المواطنين لديهم الفرصة للتفوق... نحن ملتزمون بتوسيع دورة التنمية لدينا للارتقاء بكل هندي إلى مسار تنمية أعلى... النتائج موجودة ليراها الجميع».

واستطرد بهذا الشأن «إننا في السنوات العشر الماضية انتشلنا 250 مليون شخص من براثن الفقر... نحن نكفل أيضاً أن تكون جميع لوائحنا وقوانيننا وفق المعايير العالمية حتى يشعر المستثمرون وكأنهم في وطنهم».

وأشار إلى رؤية (كويت جديدة 2035) وتركيزها على تحويل البلاد إلى مركز اقتصادي ومركز للاتصال، مبيناً أن هناك عدداً كبيراً من مشاريع البنية الأساسية من مطار إلى ميناء بحري، وخط السكك الحديدية ومشاريع للطاقة المتجددة ومناطق اقتصادية خاصة قيد التنفيذ.

وأكد أن «هناك قدراً كبيراً من المشتركات في رؤيتينا اللتين تتوافقان في العديد من الجبهات، وسترون هذا في العمل بالفعل... إن الوتيرة الهائلة للنشاط الاقتصادي في بلدينا تفتح فرصاً كبيرة لحكومتينا وشركاتنا للتعاون والتنسيق».

وقال بهذا الصدد إن الكويت والهند «تتمتعان بشراكة أوسع نطاقاً في عدد كبير من المجالات بغض النظر عن شراكتنا التقليدية في قطاع الطاقة... وتشمل هذه المجالات التعليم والمهارات والتكنولوجيا والتعاون الدفاعي».

وأشار إلى أن عدداً من الشركات الهندية يشارك بالفعل في تنفيذ مشاريع البنية الأساسية في قطاعات مختلفة في الكويت، وفي المقابل هناك أيضاً استثمارات من شركات كويتية في الهند، واصفاً إياها بأنها «شراكة مفيدة للطرفين بالمعنى الحقيقي للكلمة».

الطاقة

وفي ما يتعلق بالشراكة الثنائية بين الكويت والهند في قطاع الطاقة، أفاد مودي بأن «الطاقة ركيزة مهمة لشراكتنا الثنائية، فقد تجاوزت تجارتنا في هذا القطاع العام الماضي 10 مليارات دولار».

وأضاف أن «الشراكة في مجال الطاقة بين الهند ودولة الكويت ليست مجرد ركيزة لعلاقاتنا الاقتصادية بل إنها أيضاً محرك للنمو المتنوع والمستدام... نحن نرسم مساراً نحو مستقبل من الرخاء المشترك وأمن الطاقة والرعاية البيئية».

وذكر مودي أن دولتي الكويت والهند احتلتا باستمرار مرتبة بين أكبر عشرة شركاء تجاريين عالميين في قطاع الطاقة، مشيراً إلى أن الشركات الهندية تشارك بنشاط في استيراد النفط الخام والغاز المسال ومنتجات البترول من الكويت فيما تصدر أيضا منتجات البترول إلى الكويت.

وأوضح أن دولة الكويت تحتل حالياً المرتبة السادسة كأكبر مورد للنفط الخام للهند، والمرتبة الرابعة كأكبر مورد للغاز البترولي المسال لها.

وأكد أن هناك مجموعة كبيرة من المجالات الجديدة للتعاون بين الجانبين كتجارة الهيدروكربونات التقليدية والحلول منخفضة الكربون، مثل الهيدروجين الأخضر والوقود الحيوي وتقنيات احتجاز الكربون، بالإضافة إلى قطاع البتروكيماويات.

ولفت إلى أنه يمكن لرؤية الكويت الطموحة للبتروكيماويات بموجب إستراتيجيتها لمشاريع الطاقة بحلول 2040 أن تفتح الأبواب أمام الاستثمار المشترك وتبادل التكنولوجيا والنمو المتبادل، فهناك مجال هائل لإدخال التقنيات المتقدمة وتعزيز الابتكار عبر سلسلة قيمة الطاقة.

صُنع في الهند

قال رئيس الوزراء الهندي: «نحن سعداء برؤية منتجات (صُنع في الهند) خصوصاً ما يتعلق بالسيارات والآلات الكهربائية والميكانيكية وقطاعات الاتصالات تحقق تقدماً جديداً في الكويت... تصنع الهند اليوم منتجات عالمية المستوى بأقل تكلفة ممكنة... ويعد التنويع في التجارة غير النفطية أمراً أساسياً لتوسيع التجارة بين الجانبين».

الجالية... جسر حيوي

قال مودي إن «الجالية الهندية التي يبلغ تعدادها نحو مليون نسمة في الكويت تعمل كجسر حيوي بين الجانبين».

وأعرب عن «الشكر لصاحب السمو أمير البلاد وحكومة دولة الكويت على رعايتهم الكريمة للجالية الهندية... ستتاح لي الفرصة للقاء الجالية الهندية».

وأوضح أن «الهنود في الكويت هم أكبر جالية ولقد ساهموا بشكل كبير في تنميتها، كأطباء ورجال أعمال وعمال بناء ومهندسين وممرضين ومهنيين آخرين، وهذا يعني أيضاً أن هناك مليون سفير هندي يغذون روابط الصداقة والتعاون بين دولتينا الصديقتين».

وتابع أنه «مع رفع مستوى علاقتنا مع الكويت إلى شراكة استراتيجية، أعتقد أن دور الجالية الهندية سينمو، وأنا على ثقة بأن السلطات الكويتية تدرك المساهمات الهائلة لهذا المجتمع النابض بالحياة وستستمر في تقديم التشجيع والدعم».

وأضاف مودي «رسالتي إلى إخوتي وأخواتي الهنود في الكويت هي أنه يجب أن يستمروا في رعاية ودعم هذه الصداقة الخاصة التي تربطنا بهذا البلد العظيم... أقول لهم إنه حتى مع احتفاظكم بالوطن الأم في قلوبكم... يجب أن تستمروا في تكوين روابط قوية مع موطن عملكم وشعبه الأبي».

القوة الناعمة

اعتبر رئيس الوزراء أن تراث الهند وروحها الحضارية يشكلان أساس قوتها الناعمة قائلاً «لقد نمت القوة الناعمة للهند بشكل كبير، جنباً إلى جنب مع توسع حضورها العالمي خصوصاً على أمد العقد الماضي».

وأوضح أنه «في الكويت والخليج تبرز الأفلام الهندية كمثال رئيس على هذا الترابط الثقافي... لقد رأينا أن الناس في الكويت لديهم ولع خاص بالسينما الهندية، وقيل لي إن هناك ثلاثة عروض أسبوعية على تلفزيون الكويت عن الأفلام والممثلين الهنود».

وتابع «وبالمثل فإننا نشترك في العديد من السمات في مطبخنا وتقاليدنا في الطهي... كما أسفرت قرون من التواصل عن أوجه تشابه لغوية ومفردات مشتركة... إن تنوع الهند وتأكيدها على السلام والتسامح والتعايش يتردد صداهما مع قيم المجتمع متعدد الثقافات في الكويت... إن مجتمعنا الهندي النابض بالحياة يعمل كجسر حي بين البلدين».

وأعرب مودي عن سعادته «بأن برنامجاً أسبوعياً باللغة الهندية بدأت إذاعة الكويت الوطنية ببثه بعنوان (ناماستي الكويت) هذا العام»، مضيفاً «لقد تحدثت عنه في برنامجي الشهري مان كي بات (التحدث من القلب) والناس في الهند يشعرون بالسعادة لسماع ذلك».

روابط متجذّرة بين الهند ودول مجلس التعاون

أكد رئيس الوزراء أن «مجلس التعاون الخليجي ككيان جماعي له أهمية حيوية بالنسبة للهند، إذ تشكل دوله الجوار المباشر للهند ويفصل الجانبين فقط بحر العرب».

وأضاف أن «العلاقة بين الهند ودول مجلس التعاون الخليجي متجذرة في الروابط التاريخية والثقافية والتجارية والقيم المشتركة التي تعززت وتطورت إلى شراكة عبر مختلف المجالات».

وذكر أن دول مجلس التعاون تمثل نحو سدس إجمالي تجارة الهند، وتستضيف نحو ثلث الجاليات الهندية فهناك نحو 9 ملايين هندي يقيمون فيها، وهم يشكلون مجتمعاً مهماً فيها ويساهمون بشكل إيجابي في نموها الاقتصادي وتنميتها.

وهنّأ قيادة الكويت على استضافة مؤتمر القمة الـ45 لمجلس التعاون الخليجي بنجاح مطلع شهر ديسمبر الجاري، مؤكداً ثقته بأن العلاقات الهندية - الخليجية ستتعزز أكثر تحت رئاسة الكويت للمجلس.

الحلول لا يمكن أن توجد في ساحة المعركة

تطرق مودي إلى موقف بلاده من الصراع في قطاع غزة وفي أوكرانيا، قائلاً: «لقد دعمنا باستمرار الحل السلمي للصراعات من خلال الحوار والدبلوماسية... إنني أعتقد اعتقاداً راسخاً بأن الحلول لا يمكن أن توجد في ساحة المعركة».

وذكر أن الهند أبدت استعدادها للمساعدة في دعم الجهود الجادة التي يمكن أن تؤدي إلى استعادة السلام باعتباره من الجوانب البارزة في نهجها تجاه الصراعات المختلفة، بما في ذلك الوضع في غزة وأوكرانيا.

وأعرب مودي عن قلق بلاده إزاء اتساع الصراع في غزة وتأثيره على الاستقرار في المنطقة، وكذلك الوضع الإنساني في القطاع إذ دعت إلى إيقاف إطلاق النار والإفراج عن جميع الأسرى، مؤكداً أن بلاده «تواصل دعم حل الدولتين المتفاوض عليه من أجل إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة ومستقلة وقابلة للحياة داخل حدود آمنة ومعترف بها».

وعلى الجانب الإنساني، قال «إننا نواصل تقديم المساعدات الإنسانية إلى الشعب الفلسطيني، إذ أرسلنا 70 طناً من المساعدات الإنسانية في وقت مبكر من الصراع وقدمنا 65 طناً تقريباً من الأدوية في الشهر الماضي، وساهمنا بمبلغ 10 ملايين دولار على أمد العامين الماضيين لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)».

وتابع «لقد أكدنا في تعاملاتنا مع مختلف البلدان الشريكة أهمية المشاركة الصادقة والعملية بين أصحاب المصلحة من أجل سد فجوة الخلافات وتحقيق تسويات تفاوضية».