توقعت شركة إي إف جي هيرميس في تقرير صدر أخيراً أن يسجل نمو القروض في البنوك الكويتية معدلاً متوسطاً إلى مرتفع في 2024، مشيرة إلى أن الدافع الرئيسي لنمو القروض هذا العام إقراض شركات غير مقيمة، ومؤسسات مالية غير مصرفية وكيانات مرتبطة بالحكومة في دول الخليج، حيث كثّفت البنوك مشاركتها في القروض المجمَّعة الإقليمية، خصوصاً في السعودية والإمارات.
وأضافت «هيرميس» أن نمو الائتمان المحلي تحسن بعد 2023 الذي كان بطيئاً للغاية ولكنه لا يزال ضعيفاً، إذ بلغ، حسب إحصاءات بنك الكويت المركزي، نحو 2 في المئة على أساس سنوي لشريحة الأفراد، ونحو 3.5 في المئة على أساس سنوي لشريحة الشركات المحلية كما في أكتوبر 2024.
وأخذ التقرير بالاعتبار نمو قروض القطاع البنكي الذي سيكون مكوناً من خانة فردية مرتفعاً في 2025 حسب تقديرات «هيرميس» التي ترى أن نمو الائتمان قد يرتفع العام المقبل، بالنظر إلى التقدم في طرح مشاريع بالبنية التحتية في النصف الثاني 2024، وبعد أن أظهرت الحكومة التزاماً قوياً بالمضي قُدُماً في المشاريع الإستراتيجية الرئيسية، في مجالات النقل والخدمات اللوجستية (ميناء مبارك وشبكة السكة الحديدية الخليجية)، إلى جانب قطاعات ومشروعات أخرى.
وتوقعت «هيرميس» أيضاً تحسّن الطلب من الأفراد على الائتمان 2025، مع انخفاض تكاليف الاقتراض. وأخيراً، هناك تفاؤل في شأن الموافقة على قانون الرهن العقاري الأول خلال العام المقبل. موضحة أنه لا تزال هناك حاجة ماسّة إلى اتخاذ إجراءات بالنسبة للإسكان الحكومي (بما في ذلك التمويل)، ففي هذا العام، ارتفع عدد المتقدمين على قائمة الانتظار لنحو 97 ألفا. وبناءً على تقديرات «هيرميس»، إذا تم إقرار «الرهن العقاري»، سيرتفع نمو الائتمان سنوياً للبنوك نحو 5 في المئة.
سعر الخصم
وخفّض بنك الكويت المركزي سعر الخصم 25 نقطة أساس حتى الآن في 2025، بالمقابل خفض الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الفائدة 75 نقطة أساس. وتتوقع «هيرميس» أن يقتفي «المركزي» أثر «الفيدرالي» في بعض التخفيضات خلال 2025. وتأخذ في الاعتبار ضغط صافي هامش الفائدة بمقدار 5-15 نقطة أساس في القطاع المصرفي، على أن تشهد البنوك الإسلامية انخفاضاً أبطأ في صافي هامش الربح مقارنة بالتقليدية، حتى مع انخفاض الفائدة، بسبب التأخير في تعديل تسعيرها للتمويلات لتعكس بيئة أسعار الفائدة المتغيرة.
وانخفضت تكلفة المخاطر لدى أغلب البنوك الكويتية بشكل أكبر في 2024 إلى أدنى مستوى لها منذ عقد من الزمان. وتبدو اتجاهات جودة الائتمان معتدلة في مختلف أنحاء القطاع (لا زيادة جوهرية في القروض المتعثرة على مدى السنوات الثلاث الماضية).
وتستمر البنوك في الاحتفاظ باحتياطيات كبيرة من المخصصات الفائضة، بعد سنوات عدة من متطلبات بنك الكويت المركزي بتجنيب مخصصات احترازية. وتوقعت «هيرميس» مستويات مماثلة إلى حد ما لتكلفة المخاطر بالنسبة للقطاع المصرفي في 2025 مقابل 2024.
وأشارت «هيرميس» إلى تقدم محادثات الدمج بين بنك الخليج وبنك بوبيان منذ الإفصاح الأول نهاية يوليو 2024، لافتة إلى أن بورصة الكويت تعد واحدة من أكثر أسواق الأسهم ربحية على مستوى العالم بهامش ربح صافٍ يتجاوز 50 في المئة وعائد ملموس على حقوق المساهمين يقارب 32 في المئة. فيما احتياجات النفقات الرأسمالية ضئيلة للغاية ما يعني أن غالبية الأرباح تُعاد كأرباح أسهم (نسبة الأرباح الموزعة 95 في المئة)، متوقعة استفادة نشاط التداول من انخفاض الفائدة ومن التفاؤل المتزايد في شأن التوقعات الاقتصادية للكويت بحلول 2025.
قطاع الاتصالات
وحسب «هيرميس» لا تزال المنافسة الشرسة الموضوع السائد في الكويت؛ حيث تظل السوق مشبعة إلى حد كبير وتكتظ في الوقت نفسه بمشغلين عدة، بما في ذلك 3 شركات لشبكات الهاتف المحمول وعلامات تجارية عدة، بعضها مشغلو شبكات الهاتف المحمول الافتراضية، منوهة إلى أنه رغم إنشاء هيئة رقابية مستقلة للاتصالات قبل بضع سنوات تحت اسم الهيئة العامة للاتصالات وتقنية المعلومات، ليس هناك دليل على وجود موضوع إصلاح الأسعار في السوق، وهو عنصر أساسي مطلوب لتحسين السلامة العامة للمشهد التنافسي.
وتعتقد أن قدرة مشغلي الاتصالات الكويتيين على المدى الطويل في الحفاظ على مستوى مناسب من الاستثمار بالبنية التحتية للشبكة قد تعوقها المنافسة الشرسة، حيث تظل الهوامش أقل من معظم أسواق دول الخليج المجاورة المماثلة؛ ما يضغط على توليد التدفقات النقدية والعائدات. واستبعد التقرير أي تغيير في الديناميكيات المذكورة أعلاه في 2025.
الحكومة تركز على إنعاش الاقتصاد
أشارت «هيرمس» إلى أن الحكومة الحالية تركز جهودها على إنعاش النشاط الاقتصادي، وأنها كرست اهتمامها لتحديث البنية الأساسية للبلاد، بدءاً بصيانة الطرق ومعالجة المياه ومشاريع الطاقة. وبذلك، تعمل على تلبية القضايا الأكثر إلحاحاً بالنسبة للجمهور، في حين تعمل أيضاً على تعزيز النشاط الاقتصادي.
وبين التقرير أن الحكومة تعمل على تسريع استئناف أعمال البناء في ميناء مبارك الكبير، والذي سيشمل عند اكتماله منطقة حرة، فضلاً عن مرافق الإسكان والتجزئة والترفيه. وأنها سعت أخيراً إلى الحصول على دعم الخبراء الصينيين والشركات المملوكة للدولة لتسريع المشروع.
وترى «هيرميس» أن مثل هذا النهج أمر بالغ الأهمية لإرساء الأساس لبناء الثقة مع الجمهور، ما سيكون مهماً لتمهيد الطريق للإصلاحات المالية الملحة التي ستكون عنصراً بالغ الأهمية في استدامة أي دورة استثمارية في الكويت.
الإصلاحات المالية تضمن مرونة الإنفاق الاستثماري
لفتت «هيرمس» إلى أنه نظراً للنفقات المرتفعة السنوات الماضية، والتي وجهت في الغالب نحو الإنفاق الجاري، يبلغ سعر تعادل النفط في ميزانية الكويت أكثر من 80 دولاراً للبرميل، وهو أعلى بالفعل من أسعار النفط الحالية، علاوة على ذلك، فإن صندوق الاحتياطي العام، الذي يمول عجز الميزانية، استنفد على مدى السنوات الماضية، ما يترك مساحة محدودة لتمويل العجز الكبير، ويتفاقم الوضع في ظل استمرار غياب قانون الدين العام.
وترى «هيرمس» أن الإصلاحات المالية ضرورية لضمان مرونة مالية كافية لزيادة الإنفاق الاستثماري وإدارة العجز المالي المستدام. مرجحة أن تركز الإصلاحات على جانبي الميزانية، وهما تعزيز الإيرادات غير النفطية وخفض الإنفاق، خاصة أن الأخير الأعلى بين قطر والإمارات والسعودية وعُمان بما في ذلك أعلى فاتورة أجور في جميع أنحاء المنطقة، فيما توقعت استخدام الحكومة ضريبة الحد الأدنى العالمي لفرض ضريبة دخل الشركات بنسبة 15 في المئة على جميع الشركات بدلاً من متعددة الجنسيات فقط. وأن تطرح ضريبتي القيمة المضافة والانتقائية على الطاولة. وستركز الحكومة في خفض الإنفاق على تقليص المزايا الاجتماعية السخية ودعم الوقود.
وأشارت «هيرميس» إلى أن إمكانية الإصلاحات المالية تتعزز بفضل قدرة الحكومة الكبيرة على الاقتراض. فالدين العام منخفض حالياً، ومن المتوقع أن يصل 2.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية 2024. والدين المحلي غير موجود تقريباً عند 0.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتتمتع الحكومة بمساحة كبيرة للاقتراض، مع إمكانية جمع ما يقارب 8 مليارات من خلال إصدار ديون تعادل 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ومع ذلك، فإن القدرة على الاستفادة من مرونة الاقتراض تعتمد على تمرير قانون الدين العام.