قوة ناعمة تحتاج الاهتمام

15 ديسمبر 2024 10:00 م

لطالما كانت الكويت منارة ثقافية وفنية في الخليج العربي، حيث تركت بصمة لا تُمحى على الساحتين الإقليمية والدولية. يمكن القول إن الفن والإعلام يشكّلان القوة الناعمة للكويت، وهما أداتان لا تقلان أهمية عن السياسة والاقتصاد في تعزيز مكانة الدولة وهويتها، ولكن ما الذي يجعل هذه القوة الناعمة مهمة للغاية؟ ولماذا يجب أن نستثمر في تعزيزها؟

الفن بكل أشكاله هو مرآة تعكس هوية الشعوب وثقافتها، المسرح الكويتي الذي كان من أوائل المسارح في المنطقة لعب دوراً كبيراً في تقديم قضايا اجتماعية وسياسية بروح نقدية راقية. أيضاً الأفلام والمسلسلات الكويتية التي أبهرت الجمهور الخليجي لعقود، ليست مجرد ترفيه، بل وسيلة لسرد قصصنا وتجاربنا وتعريف العالم بخصوصيتنا الثقافية.

كذلك الإعلام الكويتي بمختلف وسائله، هو الحارس الأمين لقضايا المجتمع ومرآة لرؤاه، خلال العقود الماضية لعب دوراً محورياً في توثيق الأحداث وتحليلها، ما جعله جزءاً لا يتجزّأ من الوعي الجمعي، ومن خلاله تمكنت الكويت من إيصال رسائلها للعالم، سواء في ما يتعلق بقضاياها الوطنية أو بمواقفها السياسية والإنسانية.

وهناك دروس مستفادة من تجارب عالمية تؤكد كلامنا، تُعد اليوم هوليوود واحدة من أقوى أدوات القوة الناعمة للولايات المتحدة، حيث تسهم السينما الأميركية في تشكيل التصورات العالمية حول الثقافة والقيم الأميركية، وفي كوريا الجنوبية يعتبر الـ«كي - بوب» والدراما الكورية من أبرز الأمثلة على كيفية استخدام الفن كأداة للتأثير العالمي. كذلك في فرنسا، تستخدم قوتها الثقافية كالمهرجانات السينمائية مثل «كان» والفن التشكيلي والأزياء كجزء من قوتها الناعمة، وتدعم الحكومة الفنانين والمبدعين بشكل كبير، ما يجعل فرنسا وجهة ثقافية عالمية تُعرف بجودة إنتاجاتها الفنية. ولا ننسى بوليوود في الهند، فهي جسر يصل الثقافة الهندية إلى الجميع.

لنتعلم من التجارب العالمية ونطبقها بما يتناسب مع خصوصيتنا الكويتية، لتظل الفنون والإعلام شعلة مضيئة تساهم في تعزيز صورة الكويت كمركز ثقافي وحضاري وقوة ناعمة لها تأثيرها.

تحديات

في ظل الأوضاع التي تمر بها سورية، يجد الفنان السوري نفسه في معترك استثنائي يمزج بين الفن، المبادئ، والوطنية. وللأسف، تحولت الساحة الفنية إلى ميدان يعكس الأوضاع السياسية والاجتماعية الدقيقة، حيث يُطالب الفنان بالوقوف على خطوط واضحة في قضايا شديدة التعقيد، ما يجعل موقفه محفوفاً بالتحديات.

الفنان السوري اليوم في موقف لا يُحسد عليه، ويجب أن يحافظ على التوازن بين مبادئه وولائه، مع السعي لتحييد فنه عن التوظيف السياسي المباشر.

نهاية المطاف: الجدية في العمل هي الطريق الأقصر لتحقيق التميّز.