تحوّل «صناعة حربية» ومُنْتَجاً سياسياً لإبقاء النظام على ... التنفّس الاصطناعي

سَقَطَ الأسد... فماذا عن «إمبراطورية الكبتاغون»؟

14 ديسمبر 2024 10:00 م

- أكثر «مخلّفات» الأسد كارثية سجونٌ متوحّشة تحت الأرض ومعامل «الكبتاغون» فوقها
- عائدات الأسد من «الكبتاغون» نحو 6 مليارات دولار سنوياً كانت لتمويل الحرب ضد شعبه وابتزاز الخارج لتعويم نظامه
- سورية تُنْتِجُ نحو 80 في المئة من «الحصاد» العالمي

لم تكن عاديةً التوصيفاتُ التي رافقتْ فرارَ بشار الأسد تحت جنْح الظلام وانهيار نظامه بـ رمشة عين... أحد لم يزفّ الخبر على أنه سقوطُ الحُكْمِ في «الجمهورية العربية السورية»، ونادرةٌ كانت الأنباء التي رأت في هروبه اندحاراً لـ«حزب البعث العربي الاشتراكي» الحاكِم... ربما البُشرى، التي كادت أن تطغى على الأبعاد الجيو - سياسية لـ«الزلزال» السوري كانت تَهاوي «امبراطورية الكبتاغون».

وَصْمَةُ العار التي ترَكَها الأسد «وديعةً» للتاريخ و«بَصْمَتُهُ» التي لا تُمحى، هي سجونُه الوحشية تحت الأرض و«امبراطوريةُ الكبتاغون» فوقها. فما من صفحةٍ بيضاء واحدة منذ مطلع الألفية الثالثة في السجلّ الأسود لـ «حُكْم الأسديْن»، بشار وماهر، والذي تجاوزتُ شرورُه جغرافيا «بلاد الشام» لتطال الأبْعدين كما الأقْربين من دول وشعوب، وشكّل «الكبتاغون» أحد فصولها الأكثر إثارة.

فالعدساتُ التي كانت تطارد «مخلّفات» الأسد بعد «اللجوء الإنساني» إلى روسيا، أكثر ما هالَها مَقابرُ للأحياء اسمُها السجون، وكمياتٌ هائلةٌ من الكبتاغون في أقبية بيوتِ آل الأسد وقصورهم ومراكز المخابرات، قبل أن يَجْري القبضُ على المَعامل المترامية في مَعاقل النظام البائد والمناطق الخاضعة لنفوذ رجالاته وحلفائه على الحدود اللبنانية – السورية.

غالبية «الحصاد العالمي»

لم تكن صناعةُ «الكبتاغون» مجرّد إنتاجٍ لـ آفة خطرة... كانت صناعةً حربيةً و«مُنْتَجاً سياسياً». فعائداتُها بلغتْ 5.7 مليار دولار سنوياً لتمويل النظام وحربه على الشعب السوري، وتصديرُها جَعَلَ منها سلاحاً لابتزاز دولٍ عربية وغربية في مقايضاتٍ لتعويم حُكْمه والبقاء على رأس سورية بـ «تَنَفُّسٍ اصطناعي».

وكان الأسد زَرَع «مَخالب الكبتاغون» ومَعامله السرية في غير مكانٍ من سورية التي لطالما عُرفت بأنها واحة لـ«تصدير النهضة والتنوير»... أقام المصانعَ في اللاذقية وحلب وحماه والقصير وحمص ودرعا ودير الزور ومناطق نفوذه في السويداء، حتى صارتْ سورية تُنْتِجُ نحو 80 في المئة من «الحصاد» العالمي.

ومنذ تَهاوي نظام البعث في سورية، بدأت تتفكّك أوصال «امبراطورية الكبتاغون» برعاية الأخوين الأسد، وتتكشف المصانع المنتشرة في المناطق المختلفة والمقرات العسكرية بعد دخول فصائل المعارضة إليها حتى ان كميات هائلة من الحبوب المُعَدة للتصدير وُجدت في سراديب منزل ماهر الأسد نفسه وكذلك معدات لتصنيع المادة. وكانت تقارير صحافية تحدثت سابقاً عن أماكن لتصنيع المادة في المناطق التي تسيطر عليها الفرقة الرابعة التابعة مباشرة لماهر.

قدرت عائدات تجارة «الكبتاغون» في سورية في العقد الأخير بمليارات الدولارات سنوياً، ما جَعَلها واحدة من أكبر الأنشطة الإجرامية غير القانونية في المنطقة.

ورغم عدم وجود أرقام دقيقة بسبب الطبيعة السرية لهذه التجارة، تشير تقارير دولية وأبحاث مختصّة إلى أن القيمة الإجمالية لهذه الصناعة التي يتم إنتاجها في مختبرات سرية داخل سورية ولبنان باستخدام مواد كيميائية محظورة يتم تهريبها إلى البلدين، ناهزتْ 6 مليارات دولار عام 2024 مع توقعاتٍ كانت تشي باحتمال ارتفاع الرقم مع زيادة الإنتاج والتصدير.

وارتكزت هذه التوقعات في شكل أساسي على الحاجة المتزايدة لِحُكْم الأسد إلى عائداتٍ مالية وبالعملة الصعبة، تؤمّن الرواتب والتحفيزات للعسكر وللميليشيات المرتبطة بالنظام بعد الانهيار المالي في سورية بسبب الحرب وفي ظلّ العقوبات الاقتصادية التي حدّت من قدرة النظام على الوصول إلى الموارد الشرعية.

وتشير الاستقصاءات إلى أنه في عام 2021 وحده، ضَبطت السلطات الدولية شحناتِ «كبتاغون» قُدِّرت قيمتها بأكثر من مليار دولار غالبيّتها تم تهريبها عبر مرفأ ساليرنو الأيطالي الصغير، وليس هذا سوى جزء ضئيل من إجمالي التجارة الإجرامية.

وهذه الأرقام إن دلّت على شيء فانما تدل على أهمية صناعة الكبتاغون في دعْم النظام الأسدي وتثبيته على قدميه وتحوّله الى إرهاب دولة راعٍ للمنظمات الإجرامية وشبكات المخدرات.

وقد أكد جويل ريبورن، وهو المبعوث الأميركي السابق الى سورية، أن حجم إيرادات الكبتاغون يفوق ميزانية الدولة السورية وأنه لو تعطلت عائدات هذه الآفة فلا شك أن النظام لن ينجو، خصوصاً بعدما فقد ثلث اقتصاده مع خسارته لمناطق إنتاج النفط. كذلك أشار معهد الشرق الأوسط في واشنطن إلى أن هيكل النظام السوري سينهار إذا لم تَجْن الفرقة الرابعة المالَ الكافي للدفع للميليشيات التابعة للنظام وحلفائه.

إرهاب الدولة

يقول العميد عادل مشموشي، رئيس شعبة مكافحة المخدرات في لبنان سابقاً، لـ «الراي» إنه «لطالما ارتبط الإتجار بالمخدرات بالتنظيمات الإجرامية والإرهابية كونه يوفّر أموالاً طائلة تتيح لهذه التنظيمات الانفاقَ على عناصرها وتأمين احتياجاتها لتنفيذ العمليات الإرهابية والإجرامية. وكذلك تلجأ بعض الأنظمة حين تمرّ بضائقةٍ مالية نتيجة حصارٍ مفروض عليها إلى تنظيماتٍ توفّر لها مردوداً مالياً، فيما تؤمن السلطة لها غطاء أمنياً وتسهّل أنشطتها. لكن الأمور لا تحصل عبر الإدارات الرسمية بل من خلال أشخاص نافذين. وفي سورية يبدو أن أصحاب المراكز، ولاسيما مَن يتحكّمون بمنافذ العبور البحرية والجوية والبرية وقادة بعض الوحدات الأمنية التي تملك نفوذاً داخل الأراضي السورية وعلى الحدود البرية مع لبنان والأردن، هم على صلة مباشرة بهذه الأنشطة. وقد شاع أخيراً أن المخابرات الجوية السورية كانت من الجهات الضالعة في تسهيل دخول وخروج الكبتاغون من سورية. وقد عُثر إثر سقوط النظام ودخول الفصائل المعارضة على كميات كبيرة من هذه المادة داخل مركز المخابرات الجوية».

«خريطة الكبتاغون» تحت الرعاية الأسدية

لكن ليست المخابرات الجوية وحدها الضالعة في تجارة الكبتاغون بل ان عشيرة الأسد وفق غالبية التقارير تحتكر إلى حد بعيد هذه الصناعة من خلال الفرقة الرابعة في الجيش السوري بشكل خاص، وعبر مئات المصانع المنتشرة داخل الأراضي السورية وشبكةٍ من الضباط والعناصر التي كانت تتنقل داخل المناطق التي يسيطر عليها النظام بحريةٍ وسهولة لتأمين حركة الكبتاغون.

وتشير التقارير إلى أن جغرافيا انتشار صناعة الكبتاغون يمكن تقسيمها الى أربعة مناطق رئيسية: أوّلُها المناطق الساحلية في اللاذقية وطرطوس التي تمتاز بنفوذٍ قوي لنظام الأسد ما يضمن حماية عمليات الإنتاج والتهريب عبر ميناء اللاذقية. وهنا يبرز اسم طاهر الكيالي الذي كان يملك سفناً وشركات شحن بضائع في تسهيل عملية تهريب الكبتاغون.

وثانيها منطقة القلمون المتاخمة للحدود الشرقية للبنان وصولاً إلى بلدات القصير والربلة والتي تُعتبر إحدى أهمّ مراكز إنتاج الكبتاغون حيث تُسَيْطِرُ جماعات مرتبطة بالنظام السوري وحزب الله على هذه المنطقة، ويتم تصنيع المخدرات ونقلها عبر المعابر غير الشرعية إلى لبنان بسهولة.

وثمة تقارير تفيد بأن نشاطاً ملحوظاً في تصنيع الكبتاغون كان قائماً في بعض مناطق حمص وحماه حيث تمّ استغلال المناطق الريفية والنائية لهذه الأنشطة بعيداً عن العيون، وكذلك في منطقتي درعا والسويداء في جنوب سورية لقربهما من الحدود الأردنية. ورغم عدم وجود تأكيدات إلا أن ثمة اعتقاداً أن الميليشيات المدعومة من إيران في ديرالزور شرق سورية كانت تقوم بعملية تصنيع الكبتاغون وتهريبه إلى العراق.

وتشترك هذه المناطق جميعها بخصائص محدَّدة أبرزها قربها من المنافذ البرية والبحرية، ووجود جهات أمنية تابعة للنظام أو ميليشياته أو لحزب الله لحماية تصنيع الكبتاغون، إضافة إلى استخدام المصانع المهجورة في المستودعات النائية والبعيدة عن العيون.

ما دور لبنان في هذه التجارة وهل يمكن لهذا الدور أن يبقى فاعلاً بعد سقوط نظام الأسد وانسحاب حزب الله من المناطق السورية؟

مصدر مطلع في قرية بقاعية على تخوم الحدود السورية أكد لـ «الراي»، أن التهريبَ بين لبنان وسورية لم ينقطع مطلقاً حتى في عز عدوان سبتمبر الماضي وقصف المعابر، وبقي مستمرّاً على المقلبين، من أبسط البضائع وصولاً إلى الكبتاغون عبر المعابر غير الشرعية وبرعايةٍ من نافذين وأحزاب موجودة في المنطقة.

وأضاف «اليوم مع فرار الكثير من أهالي بلدات القلمون والقصير والربلة وجوارهما، وهم في غالبيتهم من المؤيّدين لحزب الله أو الموالين للنظام السابق نحو مدينة الهرمل اللبنانية ومدينة بعلبك ومحيطها، يبدو أن حركة التهريب تراجعت بشكل كبير خصوصاً مع الانتشار الكثيف للجيش اللبناني في المنطقة. ولكن هذا لا يعني أن حركة تصنيع وتهريب الكبتاغون ستتوقف، فالمهربون لا ولاء سياسياً لهم بل يتلوّنون وفق مصالحهم. وفي حال وجدوا في الجانب الآخَر فئة مستعدة لمجاراتهم، فإن أمورهم ستعود إلى ما كانت عليه. وهنا التحدي في أن تقوم السلطة الجديدة في سورية بضبط هذا الأمر، وأن تقوم السلطة اللبنانية بالأمر ذاته، وإلا فإن المهربين سيغيّرون جلدهم ويستمرون بأعمالهم ذاتها وإن بوتيرة أخف نظراً لغياب الحماية الأمنية المباشرة. وقد تتبدّل هوية المهربين وتستمرّ الأعمال مزدهرة».

من سورية الى لبنان

دور لبنان كممرّ لتهريب الكبتاغون بدأ مع تشدُّد دول الخليج العربي ولا سيما المملكة العربية السعودية في مراقبة الإنتاج السوري المصدَّر إليها ومراقبة الحدود البرية في الأردن. وحينها، كما أكد العميد مشموشي، بدأ يتمّ نقل الكبتاغون إلى لبنان ليتمّ تهريبه عبر البضائع اللبنانية المصدَّرة الى دول الخليج كونها لا تخضع للتفتيش الدقيق ذاته ما جعل هذه الدول تَعتبر أن الكبتاغون المضبوط مصدره لبنان.

وكان هذا التهريب يَجري براً عبر السيارت أو الباصات أو شاحنات الخضار، كما يقول لـ «الراي» العميد المتقاعد ميشال شكور، رئيس قسم المباحث الجنائية سابقاً، ليُنقل الكبتاغون مباشرة إلى دول الخليج بعد تمويه الباصات أو السيارات. وحين انقطعتْ السبلُ البرية، بدأ التهريب عبر مرفأ بيروت. وساعَد في ذلك ضعف الدولة اللبنانية وسيطرة حزب الله على المعابر غير الشرعية ولا سيما في البقاع الشمالي.

ومع بداية الثورة السورية في 2011 انتقل قسمٌ من التجار ومصنّعي الكبتاغون لا سيما في حلب إلى لبنان أو إلى مناطق قريبة من الحدود اللبنانية، كما يشير العميد شكور وأنشأوا مصانع في البقاع الشمالي. وساهَمَ وجودُ فارّين من العدالة في هذه المناطق بتسهيل الأنشطة المتعلّقة بالمخدرات كونهم يتحرّكون بحريةٍ ولا يخشون الدولة باعتبار أنهم أصلاً من المطلوبين والفارين من وجه العدالة. ولا يمكن معرفة أعداد هذه المصانع بالتحديد وأماكن وجودها كون تصنيع الكبتاغون لا يحتاج إلى مساحات كبيرة «والأجدى الحديث عن مشاغل صغيرة تقوم بعمليات الإنتاج. وغالباً ما تكون في أماكن بعيدة عن البيوت وعن عيون الدولة».

سقوط نظام الأسد قَلَبَ المعادلات، والوجود المكثف للجيش اللبناني في المناطق البقاعية عاملان سيلقيان بظلالهما على صناعة الكبتاغون في المنطقة.

لكن هذه الصناعة لن تتوقف، كما يقول العميد المتقاعد شكور، رغم كونها ستتراجع بشكل كبير «والتحدي اليوم على الدولة اللبنانية كما على النظام الذي سيتكوّن في سورية. فعلى عاتق الدولة تقع مسؤولية ضبط الحدود وتقصي المعلومات حول شبكات التهريب وتعزيز أجهزة الأمن وفي طليعتها مكتب مكافحة المخدرات. فالقرار سياسيّ، ويمكن للجانبين متى التزما جدياً به، الحدّ من هذه التجارة التي تحوّلت آفة عاثت فساداً بالمجتمع العربي كله ولم يستفد منها الا الظالمون والفاسدون. أما استمرارُ الفوضى في الجانب السوري، فيمكن أن يؤدي الى توفير البيئة الملائمة لشبكات التهريب».

«غزوات الكبتاغون» لدول الخليج سلاح استخدمه الأسد و... ورّط لبنان

في صلب المبادرة الكويتية - الخليجية - العربية - الدولية (يناير 2022) لإعادة بناء «جسور الثقة» مع لبنان، كما في قلب خريطة الطريق العربية (2023) لتطبيع العلاقات مع النظام السوري (السابق) وإعادته إلى «جادة الصواب»، كان «القبضُ» على صناعة وتجارة المخدرات ولا سيما «الكبتاغون» عنواناً مشتركاً، بقدر ما اعتُبر مَخْرجاً مُمْكناً لبشار الأسد، جنباً إلى جنب مع وجوب السير بالحل السياسي (بموجب القرار 2254) وتأمين الأرضية اللازمة لعودة اللاجئين، فهو شكّل بالقدر نفسه وأكثر إدانةً لحُكْمِه بـ «رعاية» أو حماية هذه التجارة المزدهرة في «بلاد الشام» والتي وضعت مرات ومرات «بلاد الأرز» في ورطةٍ مع الأشقاء الخليجيين ولا سيما المملكة العربية السعودية ودولة الكويت.

فمنذ أبريل 2021، شكل تهريب الكبتاغون عبر لبنان أحد جوانب الأزمة بين بيروت ودول الخليج، وتحديداً منذ أن أعلنت الرياض وقف استيراد أو عبور المنتجات الزراعية من «بلاد الأرز» بعد ضبط شحنة ملغومة من الرمان، ليتحوّل هذا العنوان جزءاً لا يتجزأ من الغضبة الخليجية على لبنان، وصولاً لتضمين القمم الخليجية لاحقاً وفي البند الخاص بلبنان دعوةً لـ «تشديد الرقابة على الحدود واتخاذ إجراءات لردع تهريب المخدرات عبر الصادرات إلى السعودية ودول الخليج الأخرى».

وكان للكويت مع السعودية حصة الأسد من شحنات الكبتاغون وبملايين الحبات، التي جرى إحباطُ دخولها سواء من سلطات البلدين أو في بيروت قبل انطلاقها، والقسم الأكبر منها تم دسّه في فواكه على أنواعها أو شوكولا أو معدات لاستخدامات مختلفة.

والأكثر تعبيراً عن تحوّل الكبتاغون عنصراً محدِّداً لمستقبل العلاقات الخليجية مع لبنان شكّله البند 9 في المبادرة الكويتية التي تم تفعيلها في يناير 2022 ومازالت مرتكزاً لكل المقررات العربية - الخليجية حيال «بلاد الأرز».

وتضمن هذا البند «التدقيق على الصادرات اللبنانية إلى دول مجلس التعاون عبر آلية تَواجُد مراقبين بشكل ثنائي لضمان خلو الصادرات من أي ممنوعات، وبشكل خاص المخدرات التي تستهدف الأمن الاجتماعي لدول المجلس، ويمكن في هذا الصدد اعتماد الآلية الأوروبية نفسها».

العقوبات الأميركية على رجالات الأسد ... حُكْمُ إدانةٍ للنظام بجرائم «الكبتاغون»

في مارس 2023، فَرَضَتْ الولايات المتحدة والمملكة المتحدة عقوباتٍ على أفراد سوريين متورّطين في تجارة «الكبتاغون» وتَضَمَّنت تجميد أصولهم وفرْض حظر سَفَرٍ عليهم. وعكستْ الأسماءُ المشمولةُ وارتباطها بنظام الأسد الطبيعةَ «المنظّمة» لجريمة صناعة الكبتاغون والإتجار به.

فقد شملت قائمة العقوبات: سامر كمال الأسد؛ وعبداللطيف حميدة، وهو رجل أعمال بارز استخدم مصانعه لتوضيب حبوب الكبتاغون، وارتبط اسمه بشحنة الكبتاغون المضبوطة في ساليرنو في 2020؛ وعماد أبوزريق ومصطفى المسالمة، وكلاهما من قادة الميليشيات في جنوب سورية؛ وطاهر الكيالي، رجل الأعمال البارز المرتبط بصناعة الكبتاغون؛ والسياسي السوري عامر خيتي الذي أشرف على شركات تسهّل إنتاج الكبتاغون وتهريبه؛ وحسن محمد دقّو، الملقّب بـ«ملك» أو «إمبراطور» الكبتاغون، الذي تربطه صلات بحزب الله. كذلك ضمّت القائمة محمد شاليش الذي يعمل في مجال الشحن؛ وراجي فلحوط، أحد قادة الميليشيات في السويداء الذي استخدم مقرّ الميليشيا لإنتاج الكبتاغون؛ ووسيم بديع الأسد، وهو ابن عم آخَر للرئيس المخلوع ساعد في تصنيع المخدّر والإتجار به؛ ونوح زعيتر، تاجر المخدّرات اللبناني البارز المرتبط بنظام الأسد و«حزب الله».«كوكايين الفقراء»

«الكبتاغون» هو الاسم التجاري لمنشط أنتج للمرة الأولى في ألمانيا في ستينات القرن الـ20 للمساعدة في علاج مشكلات الانتباه، بما في ذلك اضطرابات نقص الانتباه والنوم القهري (الخدار).

وبعدما توقف إنتاجه، استمر إنتاج نسخة غير مشروعة منه تعرف باسم «كوكايين الفقراء» في أوروبا الشرقية، وذاع صيته في الصراع الذي اندلع في سورية بعد الاحتجاجات المناهضة للحكومة في 2011.

يعمل الكبتاغون على زيادة التركيز ويقاوم النوم والشعور بالجوع، وحظر في عدد من البلدان بما في ذلك الولايات المتحدة، إذ قد تكون له آثار جانبية ضارة، وأدى انتشاره إلى زيادة تعاطي المخدرات في دول عربية.