أشار تقرير بنك الكويت الوطني إلى أن التيسير النقدي العالمي لا يزال مستمراً رغم التحديات المتعلقة بعودة التضخم نحو مستوى 2 في المئة، حيث يتوقع أن يبقى نمو الناتج المحلي العالمي لعام 2025 مستقراً عند 3.2 في المئة مقارنة بالأعوام 2023-2024.
وأضاف: «نعتقد أن الاقتصاد العالمي يقف عند مفترق طرق مع انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة». وساهم انتخاب ترامب في تعديل توقعات الأسواق في شأن أسعار الفائدة الأميركية، إذ تشير التوقعات الحالية إلى أن أسعار الفائدة على الأموال الفيدرالية بنهاية عام 2025 ستكون أعلى بمقدار 75-100 نقطة أساس، مقارنة بالتوقعات التي سادت عند بدء الاحتياطي الفيدرالي خفض الفائدة في سبتمبر الماضي».
وتابع أنه وفي منطقة اليورو، يستعد البنك المركزي الأوروبي لخفض أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا الشهر استجابة لضعف التوقعات الاقتصادية وتصاعد حالة عدم اليقين تجاه التجارة العالمية، أما في المملكة المتحدة، فقد تراجع الزخم الاقتصادي، إلا أن الموازنة التوسعية قد تعيد تنشيط النمو وترفع معدل التضخم العام المقبل.
وفي اليابان، يتجه بنك اليابان لاستئناف إعادة سياسته النقدية لمستوياتها الطبيعية برفع أسعار الفائدة في ديسمبر أو يناير المقبل، بعد تثبيت سعر الفائدة خلال الاجتماعين السابقين. أما في الصين، فتبدو الآفاق الاقتصادية أكثر ضبابية، وإن كانت احتمالات تقديم حوافز مالية كبيرة خلال عام 2025 باتت أقرب إلى الواقع.
ولفت التقرير إلى أن الاقتصاد الأميركي لا يزال قوياً، لكنه يواجه مرحلة مفصلية بعد فوز ترامب حيث إنه وعلى الرغم من سياسة التشديد النقدي الصارمة التي انتهجها مجلس الاحتياطي الفيدرالي، إلا أن الاقتصاد الأميركي يواصل تسجيل معدلات نمو قوية، إذ بلغ معدل
النمو 2.8 في المئة (على أساس سنوي) في الربع الثالث، أي أقل قليلاً من 3 في المئة المسجلة في الربع السابق.
وذكر أن استمرار مرونة الانفاق الاستهلاكي جاء في ظل النمو القوي للأجور (الذي تجاوز 4 في المئة على أساس سنوي خلال الثلاثة أعوام الماضية)، إلى جانب أثر الثروة الناتج عن الارتفاع القياسي لأسعار الأسهم والمساكن، ما دعم النمو القوي للاستهلاك الخاص (3.5 في المئة في الربع الثالث). ومن المتوقع أن يستمر الناتج المحلي الإجمالي في تحقيق نمو قوي بنسبة تزيد على 2 في المئة في الربع الرابع من العام الجاري، مع تقدير صندوق النقد الدولي لوصول معدل النمو إلى 2.2 في المئة في 2025.
وبيّن أنه ورغم التباطؤ الملحوظ في معدل التضخم الكلي لنفقات الاستهلاك الشخصي، إلا أن معدل التضخم الأساسي بقي مرتفعاً عند نحو 2.6 %-2.8 في المئة على أساس سنوي خلال الستة أشهر الماضية، ما يعقد مهمة الفيدرالي في ظل توقعات بارتفاع كلا المؤشرين خلال الأشهر المقبلة. وفي المقابل، تبددت المخاوف المتعلقة بتدهور سوق العمل بوتيرة سريعة عقب صدور تقرير سوق العمل لشهر يوليو، إذ بلغ متوسط النمو الشهري للوظائف 173 ألف فرصة عمل خلال الثلاثة أشهر المنتهية في نوفمبر، بانخفاض هامشي مقارنة بمتوسط الأشهر الممتدة من يناير حتى أغسطس.
وأفاد بأنه وعلى الرغم من ارتفاع معدل البطالة إلى 4.2 في المئة في نوفمبر مقابل 3.7 في المئة بنهاية عام 2023، إلا أن سوق العمل لا تزال تتميز بمرونة نسبية، دون توافر إشارات واضحة على ركود اقتصادي وشيك.
ومع انتخاب دونالد ترامب رئيساً واكتساح الحزب الجمهوري للكونغرس، يجد الاقتصاد الأميركي نفسه أمام منعطف حاسم. وتسعى خطط ترامب للحد من القيود التنظيمية، وزيادة إنتاج النفط، وتنفيذ تخفيضات ضريبية واسعة لدعم النمو الاقتصادي على المدى القريب. إلا أن هذه الإستراتيجيات، إضافة الى سياسات رفع شامل للرسوم الجمركية وترحيل أعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين، قد تؤدي لارتفاع أسعار الفائدة ومعدل التضخم، وزيادة كبيرة في حجم الدين العام (الذي يواجه بالفعل مساراً غير مستدام)، إلى جانب إمكانية تباطؤ نمو الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط. وفي حقيقة الأمر، ساهم انتخاب ترامب، بجانب الاتجاهات الأخيرة للنمو والتضخم، في إعادة تشكيل توقعات الأسواق في شأن أسعار الفائدة. ففي الوقت الحالي، تتوقع الأسواق خفض سعر الفائدة بوتيرة تراكمية تتراوح بين 75 و100 نقطة أساس بنهاية 2025، ليصل بذلك سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية (الحد الأعلى) إلى مستوى يتراوح بين 3.75 في المئة و4 في المئة، في تحول واضح عن التوقعات السابقة التي كانت تشير إلى مستوى 3 في المئة عندما بدأ الاحتياطي الفيدرالي أولى خطوات التيسير النقدي بخفض مقداره 50 نقطة أساس في منتصف سبتمبر.