حديث القلم

العدل الإلهي

10 ديسمبر 2024 10:30 م

ها هو يسقط أخيراً نظام الأسد، الذي جثم على صدور سورية والسوريين لخمسة عقود، ما بين حكم الأب والابن، أرادوها جمهورية وراثية لعائلة الأسد، ولم يكونوا يمارسون الحكم الجمهوري المبني على الانتخابات النزيهة وتداول السلطة، فكانت لهم السطوة والنفوذ والملك والسيطرة والثروة، ولم يجرؤ أحد على محاسبة أي منهم أو إدانتهم أو حتى انتقادهم، حتى قادهم بطشهم وطغيانهم إلى هذا السقوط المريع، بعد أن ضحوا ببلادهم مقابل بقائهم في السلطة.

لقد شهد جيلنا العديد من الثورات العربية التي أزاحت ديكتاتوريات كنا لا نعتقد زوالها حتى بالأحلام، وقد كانت الثورة السورية إحداها بل وأكثرها دموية.

تضحيات وإجرام وقتل واعتقالات وتدخلات إقليمية ودولية، وانتهاكات لسيادة الدولة السورية من دول وميليشيات، الأمر الذي يثبت بشكل قاطع بأن بشار لم يكن يدافع عن سورية بقدر ما كان يدافع عن نفسه وعائلته فقط، فلم يكترث بهذا الكم الكبير من الضحايا والمعتقلين واللاجئين والمغتربين، وها هو في النهاية يلحق بطغاة العرب الذين أزاحتهم الشعوب، بعد مرارات الظلم وشتى أصناف القهر والعذاب.

لقد كان بإمكان هذا الرجل الذي حكم مبكراً وفي مرحلة شبابه، أن يصالح الشعب بكامل أطيافه، وأن يمنح الجميع حقوقهم على نحو متساوٍ، بعيداً عن الظلم والاستبداد، وأن يطوّر بلاده واقتصاده ويقبل على الحياة والحداثة وتغيير النمط القديم ليكتسب حب الشعب السوري، إلا أنه اختار الطريق الصعب، فاعتقد أن قوته وسطوته ويده الحديدية هي الباقية وكل الشعب السوري إلى زوال.

العدل صفة من صفات الله، فالله لا يقبل بالظلم وإن طال أمده، وإن مد في عمر الظالم، لا بد له أن يسقط ويشهد انكساره وهزيمته بنفسه، ويشاهد بعينه زوال ملكه، ولكن الطاغية لا يتعظ بغيره، ودائماً يرى في نفسه استثناء للقاعدة الإلهية الثابتة.

أشاهد الفرحة التي تغمر الشعب السوري الحر اليوم، وأتذكر أحد مقاطع الفيديو التي يقول فيها أحد أزلام نظام الأسد لأحد الثوار قل: لا إله إلا بشار والرجل يرد بقول: لا إله إلا الله، وهو مكبل في حفرة فتم دفنه حياً لأنه لم يمتثل!

أبارك لجميع أفراد ومكونات وطوائف الشعب السوري الشقيق بمناسبة زوال هذا الطاغية، ولكن اليوم عليكم مسؤولية كبرى، من حيث الاتفاق والتوافق والالتزام بخارطة طريق تساهم في الانتقال إلى عهد جديد أكثر عدلاً، حتى لا تذهب كل هذه التضحيات سُدى.

** وخزة القلم:

ليس هناك وخزة اليوم... بقدر ما هي فرحة عمّت كل أرجاء الوطن العربي!

X: @dalshereda