كشف الباحث الكويتي المتخصص في الشؤون البريطانية عيسى يحيى عبدالرسول دشتي، عن إصداره أكثر من 30 كتاباً وكتيباً، سجل خلالها فصولاً من العلاقات الكويتية -البريطانية التي تمتد لقرون، مؤكداً أن علاقات البلدين ترجع إلى 250 عاماً وليس 125 عاماً كما يشاع، لافتاً إلى أنه أثبت ذلك عبر الوثائق التي جمعها من بريطانيا وقطر والمكتبة الوطنية.
وأوضح دشتي، الحائز ميدالية الإمبراطورية البريطانية، في حوار مع «الراي»، كيف استطاع الجمع بين تخصصه في التغذية العلاجية، التي عمل فيها منذ 2003، وبين شغفه بالتاريخ وجمع الطوابع البريدية، ليصبح مرجعاً مهماً في توثيق العلاقات الكويتية - البريطانية، وعضواً بارزاً في الجمعية الكويتية لهواة الطوابع والعملات.
وفي ما يلي نص الحوار:
- كيف بدأ اهتمامك بالعلاقات الكويتية - البريطانية؟
• شغفي بجمع الطوابع هو الذي قاد رحلتي في هذا الجانب، وبدأ ذلك في العام 1990. ومع تعمقي في الهواية لحظت أنني أركز على الطوابع البريطانية المستخدمة في الكويت ودول الخليج، الأمر الذي فتح لي نافذة لفهم تاريخ العلاقات بين الكويت وبريطانيا، فبدأت في البحث وجمع الوثائق والمراجع، وشيئاً فشيئاً بدأت الكتابة والتوثيق لهذا التاريخ المهم.
- هل واجهت صعوبة في توثيق هذه المراحل؟
• بكل تأكيد، والتحدي الأكبر كان في جمع الوثائق من مصادر متعددة، وقد قضيت وقتاً طويلاً في المكتبة البريطانية ومكتبة قطر الرقمية، إضافة إلى قراءة مراجع تاريخية شهيرة، مثل كتاب جون جوردون لوريمر، وكتابات المؤرخ الهولندي د. بي جي سلوت، وهذه المصادر كانت غنية لكنها تطلبت جهداً كبيراً لتحليل وربط المعلومات.
محطات تاريخية
- كيف أثبتّ أن العلاقات بين البلدين تمتد لأكثر من 250 عاماً؟
• الأدلة واضحة في الوثائق التي تعود إلى 1775، مثل أول رسالة بريدية معروفة أرسلت من الكويت إلى حلب، عبر بريد شركة الهند الشرقية. هذه الوثيقة، إلى جانب مصادر أخرى مثل كتاب «تاريخ وكالات البريد في الخليج» لنيل دونالدسون، تشير إلى بداية العلاقات المباشرة في ذلك العام، وهنالك العديد من الوثائق المهمة التي تناولت هذا الموضوع، وهي مبذولة في أرشيف المكتبة البريطانية ومكتبة قطر الرقمية.
- حدثنا عن بعض المحطات التاريخية المهمة بين البلدين؟
• هناك العديد من الأحداث البارزة، مثل زيارة اللورد كيرزون للكويت عام 1903، والتي أسست لتعاون أوثق بين البلدين، كما أن تعيين أول معتمد بريطاني في الكويت عام 1904 كان لحظة فارقة. كما أن عام 1961 كان محطة مفصلية، مع إعلان استقلال الكويت وتغيير دار المعتمد البريطاني إلى السفارة البريطانية.
أُسس صلبة
- كيف ترى تأثير العلاقات التاريخية بين البلدين، على واقع علاقتهما الحالية؟
• العلاقات الكويتية - البريطانية اليوم؛ قائمة على أسس صلبة بُنيت عبر قرون، فهذا التاريخ الطويل يعزز التفاهم المتبادل والتعاون في مختلف المجالات، سواء السياسية، الاقتصادية أو الثقافية.
- ما خططك المستقبلية في مجال التوثيق؟
• أعمل حالياً على إعداد كتاب جديد، يوثق المزيد من المحطات غير المعروفة في العلاقات الكويتية - البريطانية، استكمالاً لهدفي الرامي إلى المساهمة في إثراء المكتبة الكويتية والعربية، بمصادر تعزز الوعي التاريخي.
8 مراحل محورية عبر السنوات الطوال
أوضح دشتي أن العلاقات الكويتية - البريطانية مرت بـ8 مراحل محورية عبر السنوات الطوال، أبرزها:
• 1775 و1793: انتقال مكتب شركة الهند الشرقية إلى الكويت بسبب الاضطرابات السياسية.
• 1821: انتقال الوكالة البريطانية بالكامل، إلى جزيرة في الكويت، إثر خلافات مع والي بغداد.
• 1841: توقيع الكويت على اتفاقية الأمن ومحاربة القرصنة مع بريطانيا، وقّعها عن الكويت الشيخ صباح بن جابر الصباح (حاكم الكويت الرابع، في ما بعد) نيابة عن والده حاكم الكويت الثالث الشيخ جابر بن عبدالله الصباح.
• 1899: توقيع الاتفاقية الأنجلو-كويتية التي وضعت إطاراً جديداً للعلاقات الثنائية.
• 1904: تعيين أول معتمد بريطاني رسمي في الكويت، كبداية حقيقية للعلاقات الدبلوماسية الحديثة.
• 1961: استقلال الكويت عن بريطانيا، الذي شكّل فصلاً جديداً للتعاون بين البلدين.
أول رسالة مسجلة من الكويت إلى حلب
ذكر دشتي أن تاريخ أول رسالة بريدية مسجلة، صدرت من الكويت واتجهت إلى حلب، كان في 15 يوليو 1775، وكانت مرسلة من بوشهر إلى لندن عبر الكويت وحلب، وبعد انتهاء القلاقل واحتلال بلاد فارس للبصرة في 1779، عاد مكتب شركة الهند الشرقية (الإنكليزي) وخدماته البريدية إلى مكانه الرئيسي في البصرة.
«المقيمية» في فيلكا 4 أشهر
قال دشتي إن المعتمد البريطاني في بغداد، أصدر في 15 ديسمبر 1821، أوامر إلى المقيمية البريطانية في البصرة، بمغادرة المدينة بالكامل إلى جزيرة في الكويت، يرجّح أنها جزيرة فيلكا، التي كانت معروفة لدى الأسطول البحري التابع لشركة الهند الشرقية، لكن التقارير البريطانية لم تذكر اسم الجزيرة بالتحديد، وبقيت المعتمدية والمقيمية البريطانية في الكويت حتى 19 أبريل 1822، وعادت إلى البصرة مرة أخرى بعد الانتهاء من النزاعات والخلافات التي نشبت بين كل من الحكومة البريطانية وباشا بغداد ووالي البصرة.