حروف باسمة

سلامٌ على أهلنا في أرض أولى القبلتين

2 ديسمبر 2024 10:00 م

رحلات العطاء تترى، ودم الشهداء ينزف، وأنين الثكالى ينتشر، ودماء الأطفال تصرخ على أرض نذرت نفسها للتضحية.

كنا منذ القدم ونحن صغار في مدارسنا، بين الفينة والأخرى، نخرج بأصوات هادئة نحيي الجزائر، وكذلك فلسطين، نصرخ بأن تعيش جميلة بوحيرد، ونراها وهي تعذب وتكوى بالنار.

وكم دوّت تصفيقات الجمهور؛ تحية لصمودها عندما عرض فيلمها في سينما الحمراء.

وتحررت الجزائر بفضل الله، وانتفضت جميلة بوحيرد، شامخة يشار إليها بالبنان، ولم تزل فلسطين يناضل أهلها، وتدوي الحناجر من أجل نصرها والقضاء على فلول العدو الصهيوني وهو يقتل الأطفال، ويهدم البيوت على أهلها.

ولم تزل صرخات الثكالى، وعويل الأيامى، ودموع اليتامى، تبلِّل أرض بيت المقدس؛ من أجل نصرة أهلنا فيها، لذلك فقد قررت المنظمة الأممية أن يكون التاسع والعشرين من نوفمبر اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، بناء على قرار الجمعية العامة رقم (40B /32) في ديسمبر 1977، وهو احتفال رسمي في ذكرى صدور قرار الجمعية العامة رقم 181 (د - 2)، في 29 نوفمبر 1947 الذي ينص على تقسيم فلسطين، وبهذا بدأت حركات النضال تترى في أرجاء فلسطين بكل ما يمتلكه هذا الشعب الأبي المناضل من وسائل للقضاء على العدو الصهيوني الآثم، بالمُدى والسكاكين تارة، وبالحجارة تارة أخرى، وبكل ما يمتلكون من وسائل تعينهم على تحقيق إصابات بليغة في صفوف العدو المجرم؛ لإخراجه من أرض بيت المقدس، ولسان حالهم يقول:

أيها المارون بين الكلمات العابرة

كالغبار المر مُرّوا أينما شئتم ولكن

لا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة

فلنا في أرضنا ما نعمل

ولنا قمح نربّيه ونسقيه ندى أجسادنا

ولنا ما ليس يرضيكم هنا

حجر أو خجل

فخذوا الماضي، إذا شئتم إلى سوق التحف

وأعيدوا الهيكل العظمي للهدهد إن شئتم

على صحن خزف

لنا ما ليس يرضيكم

لنا المستقبل

ولنا في أرضنا ما نعمل

أيها المارون بين الكلمات العابرة

ولتموتوا أينما شئتم ولكن لا تموتوا بيننا

فلنا في أرضنا ما نعمل

ولنا الماضي هنا

ولنا صوت الحياة الأول

ولنا الحاضر، والحاضر، والمستقبل

ولنا الدنيا هنا والآخرة

فاخرجوا من أرضنا

من برّنا من بحرنا

من قمحنا من ملحنا من جرحنا

من كل شيء واخرجوا

من مفردات الذاكرة

أيها المارون بين الكلمات العابرة

سلامٌ على أهلنا

في أرض بيت المقدس

محمود درويش