تقدّم المعارضة السورية يُعيد رسم «خريطة النفوذ»

1 ديسمبر 2024 10:00 م

- الأسد يتوعّد «الإرهابيين»... ومدينة حلب باتت خارج سيطرة دمشق للمرة الأولى منذ 2011
- الأكراد يفقدون تل رفعت ... وتحذيرات من مجازر بحقهم
- «المرصد» ينفي وجود أي انقلاب لفرق عسكرية سورية
- إسرائيل تمنع طائرة شحن إيرانية من الهبوط في سورية

تطرح التطورات الميدانية والتدخلات الإقليمية والدولية، تساؤلات جدية بشأن إمكانية إعادة رسم خرائط النفوذ داخل سورية، بعدما أصبحت حلب، ثاني كبرى المدن، خارج سيطرة الحكومة للمرة الأولى منذ اندلاع النزاع العام 2011، مع سيطرة «هيئة تحرير الشام» وفصائل حليفة لها على كل أحيائها.

وفي حين توعد الرئيس بشار الأسد باستخدام «القوة» للقضاء على «الإرهاب»، أكد رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لنظيره السوري، «تضامن دولة الإمارات مع سورية ودعمها».

ومنذ الأربعاء، بدأت «هيئة تحرير الشام» مع فصائل معارضة أقل نفوذاً، هجوماً مباغتاً يعد الأعنف منذ سنوات في محافظة حلب (شمال) حيث تمكنت من التقدم، بموازاة سيطرتها على عشرات البلدات والقرى في محافظتي إدلب (شمال غرب) وحماة (وسط) المجاورتين، كما تخوض معارك عنيفة مع القوات الكردية التي أعلنت التعبئة العامة، بينما حذر مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبدالرحمن، من ارتكاب مجازر بحق الأكراد، إثر سيطرة الفصائل الموالية لتركيا على مدينة تل رفعت.

وأمس، سيطرت فصائل المعارضة السورية على مطار منغ العسكري وقرية منغ في ريف حلب الشمالي ضمن عملية «فجر الحرية».

وأعلنت «هيئة تحرير الشام» والفصائل، أنها استولت على منظومة دفاع جوي روسية، بعدما فرضت سيطرتها على المزيد من المناطق في حلب، منها قاعدة ومطار كويرس، شرق حلب.

وأشارت أيضاً إلى سيطرتها على الأكاديمية العسكرية ومنطقة الشيخ نجار، فضلاً عن المحطة الحرارية بريف حلب الشرقي وكلية المدفعية في الراموية داخل المدينة، وسجن حلب المركزي ومخيم حندرات.

وقال عبدالرحمن لـ فرانس برس»، إن «هيئة تحرير الشام» وفصائل معارضة متحالفة معها، «باتت تسيطر على مدينة حلب بالكامل، باستثناء الأحياء الشمالية من المدينة التي تقطنها غالبية كردية، أبرزها الشيخ مقصود والأشرفية، وتخضع لسيطرة «قوات سورية الديمقراطية» (قسد) المدعومة أميركياً والتي تشكل الذراع العسكرية للإدارة الذاتية.

ومساء عرضت «الهيئة» على «قسد» مغادرة مدينة حلب «بشكل آمن».

وأوضح في تصريحات لـ «العربية/الحدث»، أنه «لم يعد هناك أي مكان لدخول المدينة، لاسيما بعد قطع طريق حلب خناصر من قبل الجيش الوطني الموالي لتركيا».

كما قُطع الطريق الرابط بين حلب وحماة وبين حلب والرقة (M4).

وأعلنت «هيئة تحرير الشام» والفصائل حظر التجول في حلب من السابعة مساء وحتى السابعة صباحاً.

ونفى عبدالرحمن، من ناحية ثانية، ما تردد حول مقتل زعيم «هيئة تحرير الشام»، «أبو محمد الجولاني».

وأكد أيضاً أن «لا وجود لأي انقلاب داخل فرق وألوية عسكرية تابعة للقوات السورية المسلحة، كما أشيع سابقاً».

تل رفعت

وعلى الجبهة الكردية، أعلن عبدالرحمن، أن الفصائل الموالية لتركيا، سيطرت على مدينة تل رفعت شمال حلب بعد مواجهات عنيفة مع «قسد»، مشيراً إلى أن أكثر من 300 ألف نازح كردي في المنطقة.

وقال إن تركيا طلبت من فصائل «الجيش الوطني»، الهجوم على القوات الكردية ومهجري عفرين، مشيراً إلى «مخاوف أن نشاهد مجازر بحق الكرد لم نشاهدها في حلب كون هذه الفصائل ضمن مناطق نبع السلام وغصن الزيتون».

وأضاف «ارتكبت المجازر بالصوت والصورة... روسيا كثفت من غاراتها على مدينة حلب وإدلب، ويقود العمليات في قوات النظام الفرقة 25 التي يشرف عليها سهيل الحسن، وهي رسمت خط دفاعي في ريف حماة الشمالي».

بدوره، قال مراسل «العربية/الحدث»، إن «هيئة تحرير الشام»لا تشارك في المواجهات، بل فصائل مسلحة موالية لتركية، تحت اسم «عمليات فجر الحرية».

من جانبها، أعلنت «الإدارة الذاتية» الكردية، التعبئة العامة في شمال سورية وشرقها الاستنفار لصد أي هجوم على مناطقها.

واتهمت في بيان، تركيا بـ«الوقوف خلف الهجوم بهدف تقسيم سورية واحتلالها».

ومنذ بدء الهجوم، قُتل أكثر من 412 شخصاً بينهم 61 مدنياً، وفق«المرصد».

تعزيزات عسكرية

وفي دمشق، أعلنت وزارة الدفاع السورية، أمس، أن وحداتها العاملة في المنطقة أقدمت على «تعزيز خطوطها الدفاعية بمختلف الوسائط النارية والعناصر والعتاد، وتصدت للتنظيمات الإرهابية ومنعتها من تحقيق أي خرق».

وأكد أن قواتها استعادت السيطرة على عدد من البلدات التي اجتاحتها الفصائل المسلحة.

جاء ذلك، وفق عبدالرحمن، في «إطار منع أي محاولة تسلل أو دخول محتمل» للفصائل غداة سيطرتها على بلدات إستراتيجية.

كما لم تتوقف الغارات الروسية، على مواقع الفصائل المهاجمة على مختلف الجبهات.

«دحر الإرهاب»

وغداة توعّده بـ «دحر» التنظيمات الإرهابية، قال الأسد، إن «الإرهاب لا يفهم إلا لغة القوة وهي اللغة التي سنكسره ونقضي عليه بها أيا كان داعموه ورعاته».

كما أثار التصعيد الميداني ردود فعل إقليمية ودولية.

وشدد محمد بن زايد، خلال اتصال هاتفي، مساء السبت، مع الأسد على موقف الإمارات «الداعم لكل الجهود والمساعي المبذولة لإيجاد حل سلمي للأزمة السورية بما يحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق إلى الاستقرار والتنمية ويضمن وحدة سورية وسيادتها على كامل أراضيها»، بحسب «وكالة وام للأنباء» الإماراتية الرسمية.

وأكّد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مساء السبت في اتصال مع الأسد أن «أمن سورية واستقرارها يرتبطان بالأمن القومي للعراق ويؤثران في الأمن الإقليمي عموما ومساعي ترسيخ الاستقرار في الشرق الأوسط».

وتناول العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، خلال اتصال هاتفي مع السوداني، «التطورات الراهنة في المنطقة، لا سيما الأحداث في سورية»، وأكد «وقوف الأردن إلى جانب الأشقاء في سورية ووحدة أراضيها وسيادتها واستقرارها».

وشدد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، في اتصال هاتفي مع نظيره السوري بسام الصباغ، على ضرورة تكثيف الجهود للتوصل لحل سياسي للأزمة ينهي كل تبعاتها ويعيد أمن سورية واستقرارها ويحفظ سيادتها ويخلصها من الإرهاب.

وفي ضوء التطورات المتسارعة، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، للأسد في دمشق، أمس، تأييد دعم طهران «الحازم» للسلطات السورية.

وقال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إن بلاده لا تسعى أبداً إلى توسيع نطاق الحرب في المنطقة، واتهم «مدّعي السلام وحقوق الإنسان» بالسعي لإشعال الحروب.

وأضاف أمام مجلس الشورى، أن إيران بذلت جهوداً لتحسين علاقاتها مع الدول المجاورة قدر الإمكان، مشدداً على أنها عملت على فتح قنوات الحوار مع الدول الأخرى.

وفي القدس، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أن «طائرة الشحن الإيرانية التي منعتها إسرائيل من الهبوط في سورية عادت إلى طهران».

النزوح من حلب

خلت معظم الشوارع داخل حلب، من المارة وأغلقت متاجر كثيرة أبوابها، أمس، مع بقاء السكان المذعورين في منازلهم، بعدما أصبحت ثاني كبرى مدن سورية، «للمرة الأولى خارج سيطرة قوات النظام منذ اندلاع النزاع» عام 2011.

وقال شهود وسكان إن عدد المدنيين الذين يغادرون المدينة لا يزال كبيراً.