في بداية هذا الأسبوع، دشّن وزير التجارة والصناعة خليفة العجيل، النسخة الثانية من منصّة «نظام الوسيط العقاري الإلكتروني»، المزمع العمل به ابتداءً من يوم الإثنين المقبل، على أن يستمر العمل بالنظام الحالي الورقي إلى نهاية العام الحالي.
لهذا النظام الإلكتروني الجديد (المخصّص لإدارة وتنفيذ إجراءات العقود الابتدائية لنقل الملكية العقارية) العديد من المزايا التي تساهم في تحقيق هدفين رئيسيّين: الأول هو تسهيل وتقصير وتسريع الدورة المستندية لإتمام صفقات بيع وشراء العقارات، من خلال الربط الإلكتروني بين أطراف الصفقة وبين الجهات الحكومية ذات العلاقة. والهدف الثاني هو تعزيز الشمولية والشفافية والنزاهة في بيانات صفقات بيع وشراء العقارات، من خلال إنشاء قاعدة بيانات مركزية موثوقة ومتاحة للجمهور.
هذه النقلة النوعية في إجراءات بيع العقارات، ذكّرتني برؤية أحد سماسرة العقار الكويتيين لمستقبل السوق العقاري، قبل ما يزيد على عشر سنين. حيث كان يدعو إلى تطوير منظومة بيع العقارات إلى ما يقارب منظومة تداول الأسهم في سوق الأوراق المالية «البورصة».
رغم إعجابي بالرؤية وفكرتها، إلّا أنني لم أطرحهما في مقالات سابقة، لأن الرؤية كانت حلم يقظة، ومناقشة فكرتها كانت أقرب إلى الترف الفكري من التقييم الموضوعي الهادف الذي يستحق النشر. ولكنّني اليوم، بعد تدشين النظام الإلكتروني الجديد، أُحيّي الوزارة على هذا الإنجاز، وأدعوها إلى تطويره بما يتوافق مع الفكرة ويحقق الرؤية، أُسوة بالنظام الإلكتروني السعودي.
قبل أكثر من عام، دشّنت المملكة العربية السعودية المنصّة الإلكترونية «البورصة العقارية السعودية»، التي تتيح للبائع والمشتري استغلال أمثل للفرص العقارية، من خلال توفير بيانات عن العقارات المعروضة والمطلوبة والمتاحة، وسجل ومؤشّرات العمليات والصفقات التي تمّت على العقارات، وبيانات لحظية عن أسعار العقارات المتداولة والصفقات العقارية، على غرار منصّات البورصات المالية.
الميزة الأساسية الإضافية في المنصّة السعودية هي توفير خدمة صفقة بيع «حرّة»، أي مع مشترٍ غير محدّد، حيث تقتصر النسخة الحالية من المنصّة الكويتية على توفير خدمة إتمام صفقة بيع مع مشترٍ محدّد، واحد أو أكثر.
لذلك، وزارة التجارة والصناعة مدعوّة إلى إضافة خيار صفقة بيع «حرّة» إلى المنصّة الكويتية. ولكن بعد معالجة إشكالية صعوبة معاينة العقار – قبل الشراء – معاينة نافية للجهالة، خصوصاً بالنسبة لصفقات البيع «الحرّة»، بسبب الطبيعة السريعة للمضاربات في البورصة.
العديد من المكاتب المحلّية والخارجية لبيع العقارات وفّر المعاينة الجزئية عبر شبكة الإنترنت، وذلك بالاستعانة بصور فوتوغرافية ومقاطع فيديو ومخططات معمارية. كما وفّرت هذه المكاتب روابط إلى منصّة خرائط «غوغل» الإلكترونية، التي تسمح بمشاهدة ومعاينة العقار – والمباني المجاورة والمرافق القريبة – من الخارج.
وتميّزت المكاتب في الدول المتطورة بتوفير المزيد من البيانات المهمة المتعلّقة بالعقارات. فعلى سبيل المثال، تعرض مكاتب العقار في بريطانيا بيانات إضافية بشأن العقارات من قبيل الفئة الضريبة (Council Tax) وسرعة شبكة الإنترنت في الحي، ومواقف السيارات والمساحات الخضراء التابعة والمتاحة للعقار، ومدى ملاءمة العقار لذوي الاحتياجات الخاصّة. كما توفر الحكومة البريطانية وجهات أخرى بيانات وخرائط حديثة بشأن معدّل الجريمة وتكلفة بوليصة التأمين على الممتلكات، في المناطق المختلفة من المدن البريطانية.
لا شك أن تدشين النسخة الثانية من منصّة «نظام الوسيط العقاري الإلكتروني» نقلة نوعية في سوق العقار الكويتي. ولكن هذا السوق الذي يبلغ قيمته السنوية 3 مليارات دينار، يستحق نقلة نوعية أخرى في منصّته الإلكترونية، بحيث تتيح خدمة إبرام صفقة بيع «حرّة» وتوفّر معاينة فورية «شبه كاملة» للعقارات المتداولة...
اللهمّ أرنا الحقّ حقاً وارزقنا اتباعه.
abdnakhi@yahoo.com