قبل ظهور النفط، وهذا الخير الذي نحن فيه اليوم، كانت المعيشة صعبة؛ حيث كان أغلب أهل الكويت يعيشون على قوت يومهم في بعض المهن، وصعوبة الحياة كانت على الغني والفقير على حد سواء، وبعضهم يجد صعوبة في إيجاد لقمة العيش، ورواية الكاتب هيثم بودي «الهدامة» في غاية الرقي والجمال؛ حيث تناولت فترة زمنية من تاريخ الكويت، والممتدة من 1932 إلى عام 1961، وقد تعرضت الكويت لأمطار غزيرة أدت إلى هدم العديد من البيوت، ويقال إن المتضررين من هذه الأمطار حوالي 18 ألف إنسان، ويذكر أن من أكثر الأماكن تضرراً دروازة عبدالرزاق وقصر نايف، حتى أن الأمطار نزلت 3 أضعاف الأمطار التي كانت تهطل في العام الواحد، حيث تناولت الرواية طبيعة الحياة اليومية الكويتية، وكيف أنهم كانوا متكاتفين على قلب واحد برغم التحديات.
وكان العمل قديماً قبل الدولة الحديثة والنفط يعتبر من مستلزمات الحياة، ومنذ الصغر للفقراء والأغنياء؛ وذلك لكسب قوت يومهم ولإعانة أهلهم ومساعدتهم على مصاريف البيت، وتنوعت المهن والأعمال بين جميع مكونات شعب الكويت، واليوم أصبحت هذه الأعمال جزءاً من تراثنا الكويتي، مثل «القلاف» وهي أهم الحرف اليدوية التي عمل فيها الكويتيون وهي حرفة بناء السفن وكان تأثيرها على اقتصاد الكويت، وكذلك مهنة «النجارة» وهي حرفة يدوية، عمل البعض من أهل الكويت بها، ولعب العاملون بها دوراً كبيراً بتوفير مستلزمات البناء والمستلزمات المنزلية قديماً، وهناك مهن أخرى كثيرة.
أما لو تحدثنا عن المياه فكانت شحيحة، وكانت تجلب من الآبار، ومع اتساع المدينة وزيادة عدد السكان تم جلبها من الآبار البعيدة؛ حيث قام الكويتيون بجلب المياه من شط العرب لسد النقص، وكانت لديهم مياه تستخدم للشرب وأخرى للطبخ، لذلك من الصعب أن تجد من يبذر بالمياه، ومن صور نقل المياه إلى الأهالي عن طريق (الكندر) وهو رمح طويل تتدلى من كلا طرفيه علبتان من التنك، وكان ينقل (الكندري) الماء للناس على مراحل.
وكانت بيوت أهل الكويت صغيرة، وكانت غرفة للشباب وأخرى للبنات، وتفتقر لأبسط وسائل الراحة، فلا يوجد بها صرف صحي وبدون تكييف يقيهم حرارة الصيف، حتى بيوت الأغنياء كانت قليلة وتفتقد لوسائل الراحة الموجودة حالياً، وكانت الوجبات تجمع جميع أفراد الأسرة وفي بعض الأحيان العوائل التي كانت تسكن مع بعض، وكانت وجبتهم الأساسية العشاء وتقدم بعد صلاة المغرب؛ لأن بعد صلاة العشاء الجميع يتوجه للنوم، ووجبة الغداء كانت التمر والسمك الصغير المجفف، أما الأغنياء يأكلون الخبز مع اللبن والتمر والعيش الربيان أو السمك المجفف.
لذلك، لابد أن يعي أبناؤنا هذا الأمر، وكيف عانى أهل الكويت قديماً من أجل لقمة العيش، حتى يقدروا قيمة النعمة التي هم فيها اليوم، ونتواضع للفقراء والمحتاجين وللفئات المحرومة في المجتمعات، ونقدر قيمة كل وافد جاء إلى هذه الأرض الطيبة من أجل كسب لقمة العيش الكريمة له ولأسرته، وأن نبتعد عن رسائل التحريض التي ترسل في بعض الأحيان عن قصد وغير قصد، لأن بالشكر تدوم النعم وتزداد، ونترك العنصرية جانباً، ونحن مازلنا بحاجة كبيرة للوافدين، وربما إلى أضعاف ما هو موجود الآن، خاصة في المهن الطبية والتعليمية والأعمال والمهن الحرفية.
دائماً يجب أن نتذكر ونشكر الله تعالى دائماً على كل النعم التي حبانا بها، ولاننسى كيف كنا نعيش في عصر ما قبل النفط، وسافر الكويتيون إلى أصقاع العالم من أجل لقمة عيش لهم ولأسرهم، والبعض الآخر لتنمية تجاراتهم.