سافر إلى ذاتك

صراع الإخوة بين العِلم والتربية والحقيقة

27 نوفمبر 2024 10:00 م

علاقة الإخوة: أعمق من مجرد رابطة دم

علاقة الإخوة واحدة من أعمق العلاقات الإنسانية، وهي أكثرها تأثيراً على حياة الشخص من الطفولة إلى الشيخوخة. الإخوة يكبرون مع بعض، يعيشون في البيت نفسه، ويشتركون في الذكريات والتجارب. لكنها، رغم قربها، ليس دائماً تكون مثالية. من الطبيعي يحصل بينهم خلافات وصراعات، لأنها جزء من طبيعة البشر. لكن السؤال: «ليش هالصراعات تصير؟ وشلون نقدر نفهمها»؟

كيف يتأثر الإخوان بالتربية؟

التربية هي الأساس التي تبني علاقة الإخوة. الأهل هم الذين يحددون بشكل كبير طبيعة العلاقة بين الإخوة من خلال تعاملهم معهم. لو الأهل تعاملوا مع الأبناء بعدل وحب متوازن، سيخفف من مشاعر الغيرة أو التنافس بينهم. لكن «لو صار فيه تمييز، مثل تفضيل ولد على الثاني، راح تبدأ الشرارة الأولى للصراعات».

مثال بسيط:

لو الأب شجّع ابناً معيناً لأنه (الذكي) ولم يعط أخاه الفرصة ذاتها أو التشجيع، «أكيد راح يحس الثاني انه أقل، ويمكن تبدأ الغيرة تكبر بداخله».

تأثير ترتيب الولادة

حتى ترتيب الولادة يلعب دوراً كبيراً في تشكيل شخصية الإخوة وعلاقتهم ببعض:

• الأكبر: غالباً يكون مسؤولاً أكثر ويشعر بالضغط لأنه «قدوة».

• الأوسط: أحياناً يحس انه «منسي» لأن الأكبر والأصغر يأخذان الاهتمام.

• الأصغر: يكون مدللاً في بعض الأحيان، ما يسبب شعور الغيرة عند بقية الإخوة.

مثال:

الولد الأكبر يتوقّع منه الأهل أن يساعد إخوته، بينما الأصغر يأخذ حرية أكبر. هذا ممكن أن يسبب صداماً بينهم إذا لم يفهموا الأدوار ويتقبلوها.

الآن، كيف تحدث الخلافات بين الإخوة؟

الإجابة

الخلافات بين الإخوة تكون طبيعية، لكن أحياناً تتطور بسبب:

1. الغيرة: «ليش هو عنده وأنا لا؟».

2. التنافس: على حب الأهل، الاهتمام، أو حتى الإنجازات.

3. المقارنة: لما يقارن الأهل بواحد في الثاني، يزيد الاحتقان بينهما.

4. الفروقات الشخصية: كل شخص له شخصية مستقلة، وممكن هذه الاختلافات أن تسبب صدامات.

كما أن تدخل الأهل بطريقة غير مدروسة من الممكن أن تزيد المشكلة بدلاً من حلها. لو الأهل انحازوا لطرف معين، راح يشعر الطرف الثاني انه مظلوم، وتكبر الهوة بين الإخوة.

الحل؟

• على الأهل أن يكونوا عادلين في التعامل مع الجميع.

• السمع للطرفين من دون أحكام مسبقة.

• تشجيع الحوار بين الإخوة عوضاً أن يفرضوا حلولهم.

وكل ما سبق يأخذنا للتالي وهو أسباب الصراعات العائلية التي منها:

• ضعف التواصل: إذا لا يوجد حوار مفتوح بين الإخوة، تتراكم المشكلات.

• الضغوط الخارجية: مثل مشاكل مالية أو ضغوط دراسية تزيد التوتر.

• التدخلات الخارجية: أحياناً تدخل الأصدقاء أو الأقارب يزيد المشاكل بدلاً من حلها.

ولأن لكل صراع حلول يجب الالتزام بها، وأهم الحلول هنا هو:

1. تعزيز الحوار: شجع الإخوة انهم يتكلمون عن مشاعرهم بدلاً من كبتها.

2. الأنشطة المشتركة: دعم المشاركة في فعاليات تزيد الروابط بينهم، مثل اللعب أو السفر.

3. التوازن في الحب والتعامل: الأهل عليهم أن يكونوا عادلين في توزيع وقتهم واهتمامهم.

4. تشجيع الاحترام: غرس قيمة احترام الآخر مهما كان الاختلاف بينهم.

ولان مشكلة الإخوة مشكلة لم تأخذ حقها الكافي بالدراسات والأبحاث أصبح لابد أن نسلّط الضوء عليها، ومن أهم الدراسات النادرة فيها تلك التي أشارت إلى أن الإخوة الذين عاشوا طفولة مليئة بالخلافات من الممكن انتقال التوتر لعلاقتهم عندما يكبرون. لكن الدراسات أيضاً تؤكد أنه بالعكس، الإخوة الذين يتعلّمون حل خلافاتهم بشكل صحي، يصبحون أقرب ويواجهون تحديات الحياة معاً.

مثال على ذلك دراسة:

بحث أجرته جامعة «كامبريدج» أظهر أن التواصل المفتوح بين الإخوة يقلّل الصراعات بنسبة 40 %، ويزيد من فرص بناء علاقة قوية ومستدامة بينهم.

وأخيراً: الإخوة قوة لو عرفنا أن نوظّفها بشكل صحيح، فصراعات الإخوة جزء طبيعي من الحياة، لكن المهم هو كيف نتعامل معها. خصوصاً في حال عرف الأهل أن يتصرفوا بعدل وحكمة، وإذا الإخوة تعلّموا احترام بعضهم البعض وتواصلوا بصدق، فستصبح علاقتهم مصدر قوة ودعم.

في النهاية، الإخوة هم أقرب ناس لنا في الحياة، وهم الذين يشاركوننا أفراحنا وأحزاننا مهما صارت خلافات.

«ما في أجمل من الأخ اللي يكون صديقك، واللي يوقف معك حتى لو اختلفتوا.. لأنه في النهاية، الدم ما يصير ماي».

تحياتي