... إلى متى ستضحي«أوبك» بـ6 ملايين برميل من النفط الخام من دون استخدام وتكدسها لسنوات في صهاريج التخزين، ومن دون عائد مالي أو استخدام؟ هل فقط من أجل الدول والشركات التي بدأت تُنافس وتنتج النفط بكميات تُجبر المنظمة النفطية على خفض إنتاجها، أو من أجل المحافظة على سعر مقبول لديها؟.
موقف «أوبك» هذا، يبرز عندما تكون الدول المنتجة الأخرى غير مبالية، وتزيد من إنتاجها تحت نظر «أوبك» التي توزع حصص الإنتاج على دولها وتلزمها بالتضحية من أجل الآخرين. وهي لا تستفيد على الاطلاق تحت مسمى وسقف حصص الإنتاج والمسمي بـ«الكوتا».
مع تصرف أوبك المتمثل بعدم تسييل 6 ملايين برميل تكون قد حكمت على نفسها بطاعة الآخرين والتضحية بجميع التزاماتها بتصحيح النطاق السعري وهي بعيدة عنه كله، إلا في أضيق الحالات مع وجود تطورات لأزمات سياسية يرتفع معها معدل سعر البرميل، ثم ما تلبث أن تتراجع الأسعار. كما هو الحال مع الأزمة الخانقة أو شبح حرب ما بين روسيا وأوكرانيا، حيث وصل معدل سعر البرميل إلى 75 دولاراً.
وهو الأمر الذي أدى إلى تزايد في إنتاج النفط في الولايات المتحدة الأميركية وكندا والبرازيل. وستواصل أميركا زيادة إنتاجها في خلال الـ5 سنوات المقبلة للوصول إلى 20 مليون برميل في اليوم، وهي الآن تتعدى معدل الـ14 مليوناً.
والإدارة الأميركية ستحث وتشجع الشركات النفطية الأميركية بمواصلة الاسستثمار وزيادة الإنتاج بكل قوة لتكون على الدوام في المركز الأول في إنتاج النفط في العالم، من دون التزام أو من معدل للإنتاج. وهذه الشركات النفطية التجارية لا يهمها سوى خفض تكاليف الإنتاج والمصاريف بشكل عام، وإذا دعت الضرورة تسريح وتخفيض عدد العمالة لمواصلة زيادة الإنتاج.
في حين أن دول أوبك أو معظمها ملتزمة بمصاريفها السنوية وآملة في عدم تحقيق أي عجز مالي. رغم أنها لم تحقق سعراً تعادلياً مطلوباً منذ أكثر من 4 أو 5 أعوام فائتة ويتراوح مابين 90 إلى أكثر من 125 دولاراً في حال نيجيريا مثلاً. والدول الخليجية في نطاق 90 إلى فوق 95 دولاراً، وهذا أيضاً لم يتحقق بالرغم من التخفيضات الطوعية منذ 3 أعوام، وهي حاجبة أكثر من 6 ملايين عن الأسواق النفطية، ومن تحقيق عوائد مالية على استثماراتها في انتظار اليوم الأسود الذي تتناقص فيه كميات من النفط الفائض في الأسواق العالمية، ووفق المنظور هذا قد يكون مستحيلاً الآن.
وقد يكون من شبه المستحيل تحقيق سعر تعادلي مناسب مع تزايد إنتاج الدول الأخرى من خارج دول «أوبك»، لأن الشركات والمنتجين الآخرين سيواصلون خفض وضغط مصاريفهم لتحقيق الأرباح والفوائد على حساب دول أوبك، بسبب ضآلة التكاليف والمصاريف بقدرالإمكان والتزام المنظمة بآلية خفض الإنتاج فقط. بالمقابل، كيف على أوبك مثلاً أن تنافس إنتاج النفط الأميركي عند 15 أو حتى 20 مليون برميل. ومايعادل إنتاج أكثر من 4 إلى 5 دول «أوبكية» السعودية الأمارات و العراق والكويت واحتمال مشاركة ايران. وهكذا وصل بنا الحال وبسبب سياسة خفض الإنتاج مما أفسح مجال الاستفادة أمام الآخرين.
وهل من إمكانية أن تفعل «أوبك» شيئاً ما حيال تزايد إنتاج النفط من خارج دولها في ظل سياستها «الخفضية»والتي باتت المنظمة تدفع نفسها ثمنها وضحية لها؟ أمام ذلك، لما لا تترك أعضاءها باختيار الأفضل طالما تستطيع أن تتعايش مع الأسعار كبقية الدول من خارج أوبك.
وهل بقي من صبر لأوبك؟!
كاتب ومحلل نفطي مستقل
naftikuwaiti@yahoo.com