محاكمة رئيس الوزراء في قضية الرشوة المحلية تدخل مرحلة حاسمة

نتنياهو يُصعّد عسكرياً في مواجهة التهديدات القانونية

24 نوفمبر 2024 10:00 م

- نتنياهو يواجه شهوراً من عدم اليقين بسبب المشاكل القانونية

يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مخاطر قانونية في الداخل والخارج، تنذر بمستقبل مضطرب بالنسبة له وقد تؤثر على مسار الحرب في قطاع غزة ولبنان.

وفاجأت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، إسرائيل، الخميس الماضي، بإصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب «جرائم حرب» و«جرائم ضد الإنسانية» خلال الحرب الدائرة في غزة منذ الاسبع من أكتوبر 2023.

جاءت المفاجأة المذهلة قبل أقل من أسبوعين من موعد إدلاء نتنياهو بأقواله في محاكمته بتهم فساد لاحقته لسنوات وقد تنهي مسيرته السياسية إذا ثبتت إدانته.

وينفى رئيس الوزراء ارتكاب أي مخالفات.

ورغم أن محاكمته محلياً بتهمة الرشوة اثارت حالة من الاستقطاب بين الرأي العام، تلقى رئيس الوزراء دعماً واسع النطاق من مختلف الانتماءات السياسية في أعقاب قرار المحكمة الجنائية الدولية، ما منحه دفعة معنوية في وقت عصيب.

وندد نتنياهو بقرار المحكمة، ووصفه بأنه «معاد للسامية»، ونفى الاتهامات بأنه وغالانت استهدفا المدنيين في غزة وقاما بتجويعهم عمداً.

وقال يوناتان فريمان، خبير العلاقات الدولية في الجامعة العبرية في القدس «الإسرائيليون ينزعجون بشدة إذا ما شعروا أن العالم ضدهم، فيلتفون حول زعيمهم، حتى لو انهالت عليه سهام الانتقادات».

وأضاف «لذلك فإن أي شخص يتوقع أن حكم المحكمة الجنائية الدولية سينهي هذه الحكومة، وما يعتبرونه سياسة (حرب) معيبة، سيجد عكس ذلك».

ورأى دبلوماسي رفيع المستوى، أن من بين العواقب الأولية لقرار المحكمة أن إسرائيل ربما لا تسرع في التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع «حزب الله» في لبنان أو اتفاق لإعادة الرهائن الذين لا تزال تحتجزهم حركة «حماس» في غزة.

وقال القنصل العام الإسرائيلي في نيويورك عوفر أكونيس «هذا القرار الرهيب أضر بشدة بفرص التوصل إلى اتفاق في لبنان والمفاوضات المستقبلية في شأن قضية الرهائن».

وصرح لـ «رويترز»، «وقع ضرر فادح لأن هذه المنظمات مثل حزب الله وحماس... حصلت على دعم من المحكمة الجنائية الدولية ومن ثم فمن المرجح أن تغالي في مطالبها لأنها تحظى بدعم المحكمة».

وفي حين رحبت «حماس» بقرار المحكمة، لم تكن هناك أي مؤشرات على أنها أو «حزب الله» ينظران إلى هذا القرار كفرصة للضغط على إسرائيل، التي ألحقت خسائر فادحة بالجماعتين خلال العام المنصرم وكذلك بالسكان المدنيين.

في قفص الاتهام

تسلّط مذكرتا الاعتقال اللتان أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية الضوء على الفجوة بين الطريقة التي ينظر بها الإسرائيليون إلى الحرب، والطريقة التي ينظر بها إليها كثيرون في الخارج، إذ يركز الإسرائيليون على خسائرهم وهم على قناعة بأن الجيش سعى إلى تقليل الخسائر بين المدنيين.

وقال مايكل أورين، السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة، إن الخطوة التي اتخذتها المحكمة الجنائية من المرجح أن تزيد من عزم إسرائيل، وتمنح مجلس الحرب الضوء الأخضر لضرب غزة ولبنان بقوة أكبر.

وتابع لـ «رويترز»، «هناك تيار قوي من المشاعر الإسرائيلية المتجذرة، مفاده: إذا كنا نتعرض للتنديد بسبب ما نفعله فمن الأفضل أن نتحرك بكامل قوتنا».

وفي حين تلقى نتنياهو دعماً واسعاً في الداخل بعد القرار، فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة لقضية الفساد المحلية، إذ يواجه اتهامات بالرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال.

وبدأت المحاكمة عام 2020، ومن المقرر أخيراً أن يدلي نتنياهو بأقواله في الشهر المقبل، بعد أن رفضت المحكمة أحدث طلب تقدم به لتأجيل الادلاء بشهادته على أساس أنه مشغول للغاية بالإشراف على الحرب لدرجة لم تسمح له بإعداد دفاعه.

وكان من المقرر أن يدلي بأقواله العام الماضي، لكن الموعد تأجل بسبب الحرب. واتهمه منتقدوه بإطالة أمد الصراع في غزة لتأخير يوم الحساب والبقاء في السلطة، وهو ما ينفيه.

ونتنياهو شخصية مثيرة للانقسام في إسرائيل، وانخفضت شعبيته بشكل حاد في أعقاب الهجوم الذي قادته حماس في السابع من أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل، والذي باغت حكومته، وأسفر عن مقتل نحو 1200 شخص.

ووفقا لمسؤولين في غزة، أدت الحملة الإسرائيلية اللاحقة إلى استشهاد أكثر من 44 ألف شخص ونزوح كل سكان غزة تقريباً لمرة واحدة على الأقل، ما تسبب في كارثة إنسانية.

ورفض نتنياهو نصيحة المدعية العامة الإسرائيلية بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في المخالفات وسلوك إسرائيل اللاحق خلال الحرب.

ويسعى بدلاً من ذلك إلى تشكيل لجنة تحقيق مكونة فقط من سياسيين، وهو ما يقول منتقدون إنه لن يوفر نمط المساءلة الذي تطالب به الجنائية الدولية.

ورأت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن عدم إصدار أمر بإجراء تحقيق مستقل دفع المحكمة إلى التحرك.

وكتبت الجمعة «فضل نتنياهو المخاطرة بصدور مذكرات اعتقال، ما دام لن يضطر إلى تشكيل مثل هذه اللجنة».

خطر الاعتقال

يواجه نتنياهو مستقبلاً صعباً في ظل مذكرة الاعتقال، لينضم إلى صفوف عدد قليل من الزعماء الذين عانوا من هذه المهانة، بما في ذلك الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي والرئيس الصربي سلوبودان ميلوسيفيتش.

وهذا يعني أيضاً أنه معرض لخطر الاعتقال إذا سافر إلى أي من الدول الموقعة على ميثاق المحكمة، وعددها 124، بما في ذلك معظم دول أوروبا.

والمكان الوحيد الذي يستطيع نتنياهو زيارته بأمان، هو الولايات المتحدة، وهي ليست عضواً في المحكمة الجنائية، ويأمل قادة إسرائيل أن يمارس الرئيس المنتخب دونالد ترامب ضغوطاً من خلال فرض عقوبات على مسؤولي المحكمة.

ووعد مايك والتس، مرشح ترامب لمنصب مستشار الأمن القومي، باتخاذ إجراءات صارمة.

وكتب على منصة «إكس» الجمعة «يمكنكم أن تتوقعوا رداً قوياً على التحيز المعادي للسامية من قبل المحكمة الجنائية الدولية والأمم المتحدة في يناير».

في الأثناء، يتحدث مسؤولون إسرائيليون إلى نظرائهم في العواصم الغربية، ويحثونهم على تجاهل مذكرتي الاعتقال، وهو ما وعدت به المجر بالفعل.

ومع ذلك، فإن الاتهامات لن تختفي قريباً، وقد لا تختفي على الإطلاق، ما يعني أن زعماء الدول سيترددون على نحو متزايد في إقامة علاقات مع نتنياهو، حسب ما قال يوفال شاني، الباحث الكبير في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية.

وأضاف لـ «رويترز»، «بمعنى مباشر للغاية، سيكون هناك المزيد من العزلة للدولة الإسرائيلية في المستقبل».