تستضيف الكويت يوم الأحد 1 ديسمبر المقبل، القمة الخليجية الخامسة والأربعين، تحت شعار «المستقبل... خليجي»، في حدث يسلّط الضوء على مسيرة 44 عاماً من العمل المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي، القمة ليست مجرد اجتماع تقليدي بل تمثل محطة حاسمة لرسم مستقبل التكامل الخليجي في مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية.
جاء تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية في عام 1981 بمبادرة من أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد، ليجسد وحدة تاريخية واجتماعية وثقافية عميقة.
فدول المجلس ترتبط بروابط دينية وثقافية قوية، إضافة إلى الترابط الأُسري والجغرافي. هذه الروابط عزّزت مسيرة التعاون المستمر، وهي اليوم تنتقل إلى مرحلة جديدة من التكامل والاتحاد.
القمة الخليجية الـ45 التي تستضيفها الكويت للمرة السابعة، تحمل رسالة واضحة بأن المستقبل خليجي وهذا ليس مجرد شعار، بل هو هدف إستراتيجي تسعى دول المجلس لتحقيقه، عبر تعزيز التكامل في المجالات الاقتصادية، السياسية والثقافية، لتكون دول الخليج وجهة عالمية للأحداث والفعاليات الكبرى.
خلال السنوات الأخيرة، أثبتت دول مجلس التعاون أنها قادرة على احتلال موقع الريادة عالمياً من خلال استضافتها لأبرز الأحداث الدولية فكانت الإمارات العربية المتحدة محط أنظار العالم خلال استضافتها معرض إكسبو 2020 دبي، كما جمعت القمة العالمية للحكومات 2024 قادة وزعماء من مختلف أنحاء العالم لمناقشة مستقبل الابتكار الحكومي، بالإضافة إلى افتتاحها مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ COP28 في دبي.
وفي قطر تم تسجيل نجاح باهر في استضافة كأس العالم 2022، التي وُصفت بأنها من أنجح نسخ البطولة. كما استضافت معرض جنيف الدولي للسيارات 2023 للمرة الأولى خارج سويسرا، وسباق جائزة الفورمولا 1 الكبرى.
غير أن المملكة العربية السعودية التي صارت محط أنظار العالم الرياضي والترفيهي من خلال موسم الرياض تستعد لتكون مركزاً عالمياً للفعاليات عبر استضافة إكسبو 2030، وكأس العالم 2034، ما يعزّز مكانتها كمحور إستراتيجي عالمي.
القمم الخليجية تحولت إلى منصة دولية تجذب أنظار العالم، حيث يحرص قادة الدول الكبرى على تعزيز شراكاتهم مع دول الخليج.
ففي 2022، استضافت المملكة العربية السعودية القمة الخليجية الصينية بحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ، في خطوة تعكس تنامي العلاقات مع ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وفي 2023، زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الرياض، في إشارة واضحة إلى أهمية الخليج كشريك سياسي واقتصادي، أما الرئيس الأميركي جو بايدن، فقد حرص على زيارة المنطقة في 2022، ما يؤكد استمرار الشراكة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة ودول المجلس.
وأخيراً، شهدنا انعقاد أول قمة خليجية أوروبية، لتكون مؤشراً على مرحلة جديدة من العلاقات بين دول الخليج والاتحاد الأوروبي.
القمة الـ 45 ليست فقط فرصة لمناقشة الملفات الإقليمية، بل أيضاً لإبراز جهود الكويت كدولة محورية في تعزيز العمل الخليجي المشترك، ومع اختيار شعار «المستقبل خليجي»، يبرز التوجه نحو تحويل دول المجلس إلى وجهة عالمية للفعاليات الاقتصادية والثقافية والسياحية.
اليوم، أمام القادة الخليجيين مسؤولية كبيرة لاتخاذ قرارات تعزّز مسيرة التعاون الخليجي، وتنقل المجلس إلى مرحلة جديدة من التكامل الاقتصادي والسياسي، بما يضمن استدامة التنمية، وتحقيق الرخاء لشعوب المنطقة، وتعزيز مكانتها عالمياً.
وأخيراً، نؤكد مرة أخرى أن القمة الخليجية الـ 45 في الكويت ليست مجرد حدث دوري، بل محطة إستراتيجية لرسم ملامح المستقبل.
دول الخليج تقف اليوم أمام فرصة تاريخية لتعزيز التكامل والانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، تحت شعار يلخص الطموح الخليجي وهو «المستقبل خليجي».
كل التوفيق لدولة الكويت في جهودها لانجاح القمة، والخروج بقرارات تخدم شعوب دول المجلس والمنطقة والعالم أجمع.