سافر إلى ذاتك

الحب والتعوّد: حدود الشعور ومفارقات العلاقة

20 نوفمبر 2024 10:00 م

في زحمة الحياة وتفاصيلها اليومية، قد نجد أنفسنا نتساءل: هل ما نعيشه مع شركائنا هو حب حقيقي أم مجرد تعود؟ هذا السؤال لا ينشأ من فراغ، بل من لحظات الصمت الطويلة بين الأزواج أو من ذلك الروتين الذي يسلب العلاقات بريقها. بين الحب والتعود، هناك خيط رفيع قد يلتبس علينا، ولكن فهم هذا الفرق يمكن أن يحدث ثورة في علاقتنا مع الآخرين.

في بداية الرحلة يبدأ الحب بشغفه وسحره، كيف؟

الحب يبدأ عادة بشغف كبير. تلك المرحلة التي تُعرف بمرحلة «الطاقة العالية»، حيث تكون المشاعر مشتعلة، والإثارة تبلغ ذروتها. خلال هذه الفترة، يفرز الدماغ الدوبامين بكثافة، ما يجعل كل لقاء مع الحبيب يشبه جرعة من السعادة النقية.

لكن الحب ليس مجرد عاطفة عابرة؛ هو حالة مستمرة من الاهتمام، التقدير، والرغبة في النمو المشترك. في الحب، لا يتعلق الأمر فقط بمشاركة اللحظات الجميلة، بل أيضاً بالقدرة على مواجهة التحديات معاً.

ولكن ماذا يحدث حين يصبح الحب عادة: ويتم دخول التعود؟

بمرور الوقت، قد يتحول الحب إلى نمط حياة روتيني. هنا يأتي دور التعود. التعود ليس أمراً سلبياً بحد ذاته؛ فهو يوفر الاستقرار والراحة النفسية. إنه ذلك الشعور بالطمأنينة عندما تعرف أن هناك من سيقف بجانبك في نهاية يوم طويل.

لكن التعود، إن لم يُرافقه تجديد، قد يُفقد العلاقة جوهرها. فجأةً، تصبح اللقاءات أقل إثارة، والكلمات أقل دفئاً. يتسلل الملل، ويتساءل أحد الأطراف أو كلاهما: هل مازلت أحب شريكي أم أنني اعتدت فقط على وجوده؟

ويحدث هنا استفهام مهم هل الحب والتعود: وجهان لعملة واحدة؟

الإجابة

يمكن أن نرى الحب والتعود كطرفين للعملة نفسها، لكنهما ليسا متطابقين. الحب يبني العلاقة على أساس المشاعر العميقة والارتباط العاطفي، بينما التعود يضيف لها عنصر الاستقرار والروتين.

يشتركان في الدافع والرغبة في البقاء مع الشريك و الاعتياد على وجوده ويختلفان في كون الحب دهشة ومتعة ومشاعر متطورة، والتعود سكون وهدوء وملل أحيانا لذلك الحب، أجمل وأعمق وأصدق من التعود يبقى السؤال الآن، كيف نحافظ على الحب وسط التعود؟

التحدي الحقيقي يكمن في الحفاظ على الحب حياً في قلب التعود. إليك بعض الخطوات التي قد تساعد في تحقيق ذلك:

1 - إعادة اكتشاف الشريك: مع مرور الوقت، قد نظن أننا نعرف كل شيء عن شريك حياتنا، لكن الحقيقة أن البشر يتغيرون باستمرار. اسأل شريكك عن أحلامه الجديدة، مخاوفه، أو حتى عن أفكاره حول مواضيع لم تناقشاها من قبل.

2 - التجديد في العلاقة: احرصوا على تجربة أشياء جديدة معاً، سواءً كان ذلك من خلال السفر، تعلم مهارات جديدة.

3 - التواصل المستمر: لا تتركوا الأيام تمر دون أن تعبروا عن حبكم وتقديركم. الكلمات البسيطة يمكنها أن تجدد الشعور بالارتباط.

4 - تقدير اللحظات الصغيرة: الحب لا يعيش فقط في اللحظات الكبيرة، بل في التفاصيل الصغيرة. فنجان قهوة مشترك في الصباح، أو حضن دافئ في نهاية اليوم، يمكن أن يحمل معاني عميقة.

في حال عدم تطبيق ما سبق، انتبه عزيزي القارئ عندما يتحول التعود إلى خطر.

في بعض الحالات، قد يصبح التعود خطراً إذا تم تجاهله. إذا استمر الطرفان في البقاء معاً فقط لأنهما معتادان على ذلك، دون وجود حب حقيقي، فقد يؤدي ذلك إلى الشعور بالفراغ العاطفي أو حتى الانفصال العاطفي. هنا تظهر أهمية إعادة تقييم العلاقة بشكل دوري.

الخلاصة: التوازن هو المفتاح

الحب والتعود ليسا خصمين، بل هما شريكان في بناء علاقة متينة ومستدامة. الحب يضيف الشغف والمعنى، بينما التعود يوفر الراحة والاستقرار. التحدي الحقيقي يكمن في الحفاظ على هذا التوازن، بحيث تبقى العلاقة نابضة بالحياة رغم مرور السنين.

تحياتي.