أفاد تقرير بنك الكويت الوطني، بأن أسعار النفط سجلت تراجعاً ملحوظاً عن مستويات منتصف العام الجاري، واستقرت منذ ذلك الحين في حدود 70 دولاراً للبرميل، في ظل تصاعد المعنويات السلبية المرتبطة بزيادة العرض، نتيجة تباطؤ نمو الطلب العالمي على النفط.
وجاء الانخفاض رغم تنامي المخاطر الجيوسياسية الناتجة عن تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران.
من جهة أخرى، تشكل التحديات الاقتصادية في الصين عاملاً أساسياً في تفسير ضعف الطلب، في وقت تمكنت فيه الولايات المتحدة وبعض الاقتصادات المتقدمة من دعم نشاطها الاقتصادي عبر تيسير مجلس الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي للسياسات النقدية.
وعلى الرغم من ذلك، خفّضت وكالات الطاقة العالمية، ممثلة في وكالة الطاقة الدولية ومنظمة الأوبك، توقعاتها لنمو الطلب على النفط لعامي 2024 و2025، إذ توقعت الأولى سوقاً متخمة بالإمدادات بحلول 2025 نتيجة لزيادة الإنتاج من خارج «أوبك» بغض النظر عن سياسة الإنتاج الصادرة عن المنظمة وحلفائها.
ومن جانبها، اتخذت «أوبك» إجراءات لضبط توازن السوق على صعيدي الأسعار والإمدادات العالمية، عبر تخفيض الإنتاج بواقع 2.2 مليون برميل يومياً مرتين خلال الأشهر الماضية، مع توقعات بإعادة ضخ الإمدادات إلى السوق اعتباراً من يناير 2025.
ومن المتوقع أن يصل متوسط سعر خام برنت في عام 2025 لنحو 70 دولاراً للبرميل، منخفضاً عن مستوى 80 دولاراً المتوقع لعام 2024 و82 دولاراً لعام 2023.
وشهدت الأسعار تراجعاً حاداً في الربع الثالث 2024، وسط مخاوف متزايدة في شأن وضع الاقتصاد العالمي، لا سيما الاقتصاد الصيني، وضعف توقعات الطلب على النفط.
إذ انخفض سعر خام برنت، المرجع العالمي لتسعير النفط، بنحو 17 في المئة خلال الربع الثالث لينهي تداولاته مغلقاً عند 71.8 دولار للبرميل، بعد أن لامس أدنى مستوياته في قرابة ثلاثة أعوام عند 69 دولاراً في أوائل سبتمبر عقب صدور بيانات تشير لضعف الاقتصاد الصيني.
من جهة أخرى، تراجع خام التصدير الكويتي بنسبة 15.5 في المئة، على أساس ربع سنوي، لينهي تداولات الربع الثالث من العام الجاري عند 74.3 دولار للبرميل.
وتضمنت العوامل التي ساهمت في تعزيز المعنويات السلبية قيام «أوبك» في أغسطس بخفض توقعاتها للطلب على النفط لعام 2024 للمرة الأولى، مشيرة لضعف استهلاك الصين مقارنة بالتوقعات.
وأعقبت المنظمة تلك الخطوة بخفضين إضافيين لتوقعات الطلب خلال الأشهر التالية. إلا أن سعر خام برنت شهد ارتفاعاً هامشياً بنسبة 1.9 في المئة في أكتوبر، لينهي تداولات الشهر عند مستوى 73.2 دولار للبرميل، نتيجة لتصاعد التوترات الجيوسياسية بين إسرائيل وإيران.
وقد يكون لخفض الأمانة العامة لـ«أوبك» توقعاتها لنمو الطلب على النفط دلالة أعمق، خاصة أن المنظمة كانت تتبنى لفترة طويلة تقديرات أكثر تفاؤلاً لنمو الطلب، إذ أبقت على تقديرها للنمو بنحو 2.25 مليون برميل يومياً لعام 2024 لفترة تزيد على السنة، لكنها خفّضته في أكتوبر إلى 1.93 مليون برميل يومياً.
إلا أن هذا الرقم لا يزال يختلف كثيراً عن تقديرات وكالة الطاقة الدولية. أما بالنسبة لعام 2025، فقد توقعت منظمة الأوبك تسجيل نمو بمعدل 1.64 مليون برميل يومياً، ما يعكس التباين الشديد في توقعات النمو بين منظمة الأوبك ووكالة الطاقة الدولية.
ومع استمرار ضعف الطلب ومراوحة أسعار النفط في حدود 70 دولاراً للبرميل، أعلنت أمانة الأوبك مؤخراً عن تمديد إضافي لهذه التخفيضات لمدة شهر واحد حتى يناير 2025.
من جهة أخرى، فإن تحسن نمو الاقتصاد الصيني قد يساهم في رفع الأسعار، وهو الأمر الذي يجب عدم تجاهله، خصوصاً إذا استمرت السلطات في دفع المزيد من سياسات التحفيز الاقتصادي الشامل.
كما قد تتأثر السوق بالمخاطر الجيوسياسية، وكذلك السياسات الأميركية تحت إدارة دونالد ترامب تجاه قطاع الطاقة الأميركي وإيران، والتي قد يكون لها تأثيرات معاكسة على سوق النفط في المستقبل.
وبصفة عامة، وبالاعتماد على العوامل الأساسية، فقد تشهد أسعار النفط انخفاضاً طفيفاً إلى 70 دولاراً للبرميل في المتوسط خلال عام 2025.