... «جهنّم الحمرا». هكذا بدت محلة الحمرا في بيروت مع «صياح الديك» أمس، حين دَهَمها حريق مروّع حوّل مساحةً منها كتلة نار وحديد، وسط مَشاهد تركت اللبنانيين في حال ذهول وصدمة اعتقدوا أنه لم يعُد لها مكان في ظل أهوال الحرب الإسرائيلية التي تُدمي قلوبهم على نحو 3200 ضحية وأكثر من 13 ألف جريح (منذ نحو عام وغالبيتهم منذ منتصف سبتمبر الماضي) وتُدَمِّر بلداتهم.
... شخص يرمي بنفسه من شرفة منزله وسط صراخ المواطنين واعتقادهم أنه ارتطم لموتٍ محتم، والدٌ يمسك بطفله الرضيع خارج النافذة لإنقاذه من الدخان القاتل، رجال ونساء «يتدلّون» على الشرفات وعلى سلالم وكأنهم عالقون بين الحياة والموت... صور صاعقة من حريقٍ تَسبب بساعات من الهلع والرعب في منطقة تعجّ بالنازحين الذين هربوا من الموت بالحرب فكادت النيران تقتلهم في غفلةٍ من إهمالٍ وتفلُّت مولدات الأحياء المزروعة بلا أي «حلقات أمان» تحت نوافذ اللبنانيين.
وبدأ الحريقُ الفاجعة في أحد مولدات الكهرباء قرابة التاسعة صباحاً لتمتد ألسنة النيران إلى المباني والسيارات المجاورة التي كانت مركونة في مرآب (كان فيه المولد)، ما أدى إلى اختناقات واحتراق ما لا يقلّ عن 40 سيارة وتضرر ما يماثلها.
وضجّت وسائل الإعلام بفيديوات عن انفجار بعض السيارات وتحوّلها نيرانها ما يشبه «بركاناً» غذته خزانات مازوت في المحلّة وسرعان ما طاولت ألسنة النار مبنيين ملاصقين تحوّل أحدهما «لوحة سوداء».
ووقع الحريق بالقرب من مطعم بربر وشوهدت أعمدة الدخان الناجمة عنه من مناطق بعيدة عن بيروت.