بدأت البنوك المركزية حول العالم حركة مراجعة أكثر ميلاً للتخفيض، بعد انتهاء دورة التشدّد النقدي الذي كسرها مجلس الاحتياطي الاتحادي «الفيدرالي» الأميركي في اجتماعه المنعقد 19 سبتمبر الماضي، وقرّر خلاله خفض الفائدة 0.50 في المئة، وتبعته جميع البنوك المركزية حول العالم بمعدلات متباينة بين 25 و50 نقطة.
وأمس الخميس خفّض بنك إنكلترا (البنك المركزي البريطاني)، أسعار الفائدة 25 نقطة أساس إلى 4.75 في المئة متوافقاً مع التوقعات.
وبذلك يخفض بنك إنكلترا سعر الفائدة للمرة الثانية خلال 3 أشهر، فيما تراجع التضخم إلى أدنى مستوى له خلال أكثر من 3 سنوات، وصوتت لجنة السياسة النقدية في بنك إنكلترا بأغلبية 8-1 لصالح القرار. وكان البنك المركزي قد بدأ دورة تخفيف الفائدة في أغسطس.
من ناحيته خفّض البنك المركزي السويدي الفائدة 50 نقطة أساس إلى 2.75 في المئة وفقاً للتوقعات. وقبل اجتماع الاحتياطي الاتحادي، فيما ناقض البنك المركزي النرويجي سياسة البنوك المركزية الغربية، حيث قرّر تثبيت الفائدة دون تغيير عند 4.5 في المئة وهو أعلى مستوى في 16 عاماً، مؤكداً أنه سيبقى ثابتًا حتى نهاية العام.
وقال محافظ بنك إنكلترا أندرو بيلي، في مؤتمر صحافي بعد وقت قصير من قرار سعر الفائدة: «بناءً على الأدلة المتطورة، يظل النهج التدريجي لإزالة قيود السياسة مناسبًا».
وأضاف «سنحتاج للإبقاء على سياسة نقدية مقيدة لفترة كافية حتى تتبدّد المخاطر التي تهدّد عودة التضخم بشكل مستدام إلى هدف 2 في المئة على المدى المتوسط».
وكانت أسواق المال تتوقع 97 في المئة من احتمالات خفض ربع نقطة في اجتماع نوفمبر، حتى مع تحذير المحللين من أن التخفيضات اللاحقة قد تتأخر، وسيستمع المستثمرون الآن عن كثب إلى تعليقات المحافظ أندرو بيلي وزملائه حول أحدث توقعاتهم للاقتصاد في أعقاب الميزانية والانتخابات الرئاسية الأميركية.
ورجّح «غولدمان ساكس» في مذكرة في وقت سابق أن تؤدي آفاق النمو الأقوى في 2025 إلى تقليل الحاجة الملحة إلى التخفيضات المتتالية في الأمد القريب.
وأشار صُناع السياسات إلى «نهج تدريجي» للتخفيضات بعد الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة في اجتماعهم في سبتمبر. ومع ذلك، رفع خبراء الاقتصاد توقعاتهم بوتيرة أسرع للتيسير بعد انخفاض حاد في التضخم إلى 1.7 في المئة وانخفاض في نمو الأجور قبل الميزانية.
وتضاءلت هذه التوقعات في وقت لاحق بعد أن أعلنت وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز، عن زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني (51.41 مليار دولار) وتغيير قواعد الديون في المملكة المتحدة، وهو ما حذر مكتب مسؤولية الميزانية من أنه قد يدفع النمو والتضخم في الأمد القريب إلى الارتفاع.
وفي أغسطس، خفّضت لجنة السياسات النقدية المؤلفة من تسعة أعضاء بالبنك، تكاليف الاقتراض للمرة الأولى منذ الأيام الأولى من جائحة فيروس كورونا في ربيع 2020.
ورفعت البنوك المركزية حول العالم على نحو مفاجئ تكاليف الاقتراض من نحو صفر خلال الجائحة عندما بدأت الأسعار في الزيادة، وكان ذلك أولا نتيجة لتراكم مشاكل سلاسل التوريد، ثم بسبب الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا الذي رفع تكاليف الطاقة.
ونظراً لأن معدلات التضخم انخفضت أخيراً من أعلى مستوياتها خلال عقود، بدأت تلك البنوك المركزية في خفض سعر الفائدة.
وفي العام الذي انتهى في سبتمبر، بلغ التضخم 1.7 في المئة وهو أدنى مستوى منذ أبريل 2021، وأقل من نسبة البنك المركزي المستهدفة والبالغة 2 في المئة.