ديوان «سهر والمعطش» تقصّى أحداثاً تاريخية تعزّز تآلف المجتمع

التراث الكويتي... زاخر بمفاهيم التآخي والوحدة

7 نوفمبر 2024 10:00 م

- راشد الفرحان: كنا في الفريج إخوة متحابين... ومآثر الجيرة بُنيت على التعاون والتآخي
- «النافلة» من العادات القديمة في المناسبات... يذبح خروف ويوزع على الجيران
- فهد العبدالجليل: ما ميّز البلاد قِيَم وعادات مهاجرة اندمجت وشكلت الثقافة الكويتية الأصيلة

أجمع عدد من المختصين والباحثين في التاريخ، على أن التراث الكويتي يزخر بمفاهيم الوحدة الوطنية والتآخي بين أفراد المجتمع بمختلف فئاتهم، لافتين إلى أن «الكويت بنيت على جميع فئات المجتمع، وهو ما يميزها عن بقية المجتمعات».

جاء ذلك في الجلسة الحوارية «التاريخ والتراث الكويتي وتعزيز الوحدة الوطنية»، التي استضافها، أول من أمس، «ديوان الوحدة الوطنية» ديوان «سهر والمعطش»، في منطقة المسايل.

البداية كانت مع المؤرخ وعضو مجلس الأمة ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الأسبق، راشد الفرحان، الذي أكد على دور الجميع في تعزيز الوحدة الوطنية. واستعرض نشأته في منطقة شرق، قائلاً «تربيت في سكة الفرج في محلة الفرحان، وعشت في منطقة يحيط بها العوازم والبحارنة وديوانية بوناشي».

النافلة

وأشار الفرحان إلى عادة «النافلة» التي تقام عند المناسبات، قائلاً «يذبح خروف ويوزع على الجيران وتسمى النافلة، وفي أيام عاشوراء هناك عشاء يقولون من الحسينية ونحن نسميه نافلة ونأكل في فرح وسرور، فلا أحد ينتقد أحداً، فجميعنا إخوة متحابون»، مبيناً مآثر الجيرة في السابق التي بنيت على التعاون والتآخي.

وأضاف الفرحان أن «حكامنا علمونا على الوحدة الوطنية وتعزيزها بالتلاحم والتآلف، كما أن الوحدة الوطنية تتعزز عندما يكون هناك شعور ديني، إذ يأمرنا ديننا الإسلامي بالوحدة وأن نساعد بعضنا بعضاً»، داعياً إلى «التصدي للأصوات النشاز التي تسعى لتفرقة الوحدة الوطنية، وقولوا لهم قفوا فنحن إخوة (إنما المؤمنون إخوة)».

الديوانية

من جانبه، استعرض رئيس الجمعية الكويتية للتراث، فهد العبدالجليل، أهمية الديوانية الكويتية التي لعبت دوراً مهماً في تاريخ الكويت في الماضي ومازالت تحتفظ بهذا الدور، «وكانت عنصراً مهماً في تشكيل المحتمع في ذلك الوقت، إذ لعبت دوراً في المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية».

وقال العبدالجليل، «في المجال الثقافي، أول مدرسة نظامية في تاريخ الكويت وهي المباركية تأسست في ديوان الشيخ يوسف بن عيسى القناعي عندما أقام محاضرة بمناسبة المولد النبوي، ودعا إليها الشيخ الطبطبائي وتحدث عن أهمية التعليم وضرورة محاربة الجهل وأن الكويت يفترض أن تخرج من حيز الكتاتيب وتتجة إلى التعليم النظامي، وأخذ الشيخ بن عيسى الفكرة وبدأ بمخاطبة شيوخ الكويت وتجارها لتأسيس أول مدرسة نظامية في الكويت وفتحت أبوابها عام 1911».

وتابع «في الجانب السياسي، فالديوانية كانت تدعم حكام الكويت منذ نشأتها وخير مثال وثيقة ترتيب بيت الحكم التي أصدرها الكويتيون في ديوان البدر عام 1921».

مجتمع استثنائي

وبين العبدالجليل أن «الكويت مجتمع استثنائي، فالكويتيون هاجروا إليها رغم افتقارها إلى موارد المياه والزراعة، لكن الله طرح البركة في هذه الأرض وهاجر إليها الناس من مناطق مختلفة وحملوا ثقافات مختلفة»، مبيناً أن «ما ميز الكويت أن هذه الثقافات اندمجت في ثقافة واحدة وشكلت الثقافة الكويتية الأصيلة التي فرضت نفسها على مستوى الوطن العربي».

وأشار العبدالجليل إلى أبناء المجتمع الكويتي القديم، وتآلفهم، قائلاً: إن «الكويتيين اشتغلوا في جميع المهن، فأهل البادية كانوا يزودون الكويت بجميع السلع التي كانت تحتاجها في ذلك الوقت، فكانت الصفاة القديمة تضم بضائع أهل البادية. واستشهد بمقولة الدكتور يعقوب الحجي (الكويت حلّقت بجناحين، الحاضرة والبادية) وهذان الجناحان شكّلا الاقتصاد الكويتي القديم ودعماه»، مردفاً أن «السفن تأتي بالبضائع إلى الكويت، وهذه البضائع تغطي احتياجات السوق المحلي، وتحمل على قوافل أهل البادية إلى نجد والشام، فتجارة الحاضرة والبادية حلقة متصلة».

طواويش ونواخذة

وذكر «في التراث البحري، فإن أكبر الطواويش والنواخذة في الكويت هم من أهل البادية مثل نواخذة العدان والفحيحيل»، مردفا أن «في القرى، للأسف الكثير من الناس يقتصر الكويت على المدينة القديمة والسور، وهذا كلام غير صحيح، وفي كل مناسبة أقول إن السور بني لحماية قصر الحكم ومركز التجارة ولكن الكويت أوسع من السور. الكويت كانت فيها قرى تغذيها بالموارد الزراعية، مثل مزارع الجهراء والفحيحيل والفنطاس، بل في عهد الشيخ مبارك الصباح جعل أمراء على هذه القرى»، واصفاً الكويت بأنها «دولة استثنائية».

الفريج... الخلية الأولى للوحدة الوطنية

تطرق أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور عبدالله سهر، إلى «الفريج الكويتي». وقال «افتقرنا إلى الروح التوأمية بين أبناء الفريج الواحد، وكذلك الألعاب الشعبية كانت تجسد الروح الجماعية، وتجعل هذه الألعاب الشخص نشيطاً وبصحة جيدة، ويملك مهارات التواصل الاجتماعي مع الآخرين، فأصبحنا نادراً ما نعرف الجيران».

وأضاف سهر «إذا كانت الأسرة هي الخلية الأولى في المجتمع، فإن الفريج هو الخلية الأولى للوحدة الوطنية»، آملاً من المختصين والباحثين تسليط الضوء لإعادة إحياء الفريج الكويتي حتى ينعم الأبناء بما حصل عليه آباؤهم من عادات وتقاليد، ورثوها في حسن الجيرة وحسن التعامل مع الآخرين واحترام الكبير والحشمة والتماسك الاجتماعي، وهذه مفاهيم يحققها الفريج من خلال هذه الموروثات الشعبية.