فيما أكد مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة فودان بشنغهاي الصينية، البروفيسور سون ديقانغ، أن الصين لعبت دوراً بارزاً في تعزيز السلام وحل النزاعات بمنطقة الشرق الأوسط، أشار إلى الجهود الصينية في تحقيق المصالحة بين السعودية وإيران عام 2023، وبين حركتي حماس وفتح في فلسطين.
وأضاف ديقانغ، على هامش مشاركته متحدثاً رئيسياً في محاضرة نظمتها السفارة الصينية في البلاد بالتعاون مع المركز الثقافي الصيني أول أمس، بعنوان «الصين والشرق الأوسط»، أن الصين تستهدف في علاقاتها الدبلوماسية مع دول الشرق الأوسطـ إرساء دعائم السلام والاستقرار، وتحقيق العدالة الإنسانية للفلسطينيين ومنحهم دولة مستقلة ومستقرة، في أقرب وقت ممكن، لذلك كان للصين دور ومحاولات في العام الجاري لنزع فتيل الخلاف بين قوات الاحتلال الإسرائيلية وحماس، من خلال استقطاب بعض الدول الأوروبية وتركيا والدول الخليجية، لتشكيل جبهة لمواجهة الجانب الآخر برئاسة الولايات المتحدة، المؤيد لاستمرار الصراع.
وأشار إلى أن الصين تبذل جهوداً كبيرة لتحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، لكنها لا تستطيع فعل ذلك بمفردها، ويجب أن يتم توجيه القانون الدولي، بقوة الجماعة والتكتلات السياسية، لصنع السلام في المنطقة.
الشريك الأكبر
وأوضح ديقانغ أن الدبلوماسية الصينية في الشرق الأوسط، ترتكز بشكل رئيسي، على العنصر الاقتصادي والسعي نحو تحقيق التطور والتنمية لشعوب المنطقة، انطلاقاً من إيمان الصين القوي بأن الاستقرار الاقتصادي هو المفتاح لتحقيق الاستقرار الأمني ومكافحة الصراعات والنزاعات السياسية.
وذكر أن الصين هي الشريك التجاري الأكبر للشرق الأوسط والدول العربية الواقعة في اطاره الجغرافي، لافتاً إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي هي المحرك للسلام والتنمية الأصليين، باعتبارهم الشركاء الاقتصاديين والتجاريين الرئيسيين للصين.
وشدد على ضرورة إنجاز اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول الخليج، التي تم فتح باب مناقشة لتفعيلها منذ نحو عشرين عاماً، مؤكداً مساهمة الاتفاقية في خلق نموذج اقتصادي عالمي يحتذى به، خصوصاً أنه سيدعم تحول الاقتصاد الخليجي إلى اقتصاد صناعي ورقمي متفرد.
«صديق الجميع»
وأشار ديقانغ إلى أن بلاده تمد نحو 60 دولة حول العالم، ببرامج التكنولوجيا المتطورة، فضلاً عن دور الصين في المشروعات التنمية والاقتصادية الكبرى بدول الخليج، خصوصاً السعودية والامارات والكويت، فيما يتعلق بمشروع ميناء مبارك.
وأشاد بالعلاقات الصينية ـ الكويتية، وثمن جهودها في تحقيق المصالحة والسلام بالمنطقة، ووصف الكويت بالقاطرة الأساسية لمشاركة الصين في تحقيق التحول الاقتصادي المستقبلي البنّاء لدول الخليج، مشيراً إلى أن الكويت صديق للجميع، وسياستها الخارجية تدعم السلام والاستقرار الأصيل بالمنطقة.
التعايش
وعن مشاركة الصين الأمنية في الشرق الأوسط، لفت ديقانغ إلى أن اعتماد بلاده نهج «الأمن الجماعي» بدلاً عن «الدفاع الجماعي»، و«الأمن النسبي» بدلاً من «الأمن المطلق»، و«الشراكة» بدلاً من «التحالف»، و«التعايش بدلاً من «الهيمنة»، و«الوسائل السياسية» بدلاً من العسكرية، إضافة إلى التركيز على «المكاسب المطلقة» بدلاً عن «النسبية»، مما دفعها إلى تشكيل شراكات إستراتيجية مع العديد من الدول العربية وغير العربية بالشرق الأوسط.
واختتم قانغ، بعرض مقارنة بين النموذجين الغربي والصيني، في التعامل مع الشرق الأوسط، مشيراً إلى السمات المميزة لكل منهما، حيث يركز النموذج الصيني على سياسة الشراكة، وعمل إصلاحات اقتصادية تدريجية (من أسفل إلى أعلى)، والحوكمة الديمقراطية والتنموية، وأن تكون صديقة للجميع، فيما يركز النموذج الغربي على المصلحة الأمنية وسياسة «فرّقْ تسُد».
5 محاور تُركّز عليها الصين
ركز البروفيسور سون ديقانغ، خلال المحاضرة، على خمسة محاور رئيسية، هي:
1 إقليم الشرق الأوسط في السياسة العالمية
2 التنافس بين القوى العظمى في الإقليم
3 المشاركة السياسية للصين في المنطقة
4 المشاركة الاقتصادية للصين في الإقليم
5 المشاركة الأمنية للصين في الشرق الأوسط
«إصلاح وانفتاح»... و«عدم وجود أعداء»
لفت ديقانغ إلى إطلاق الصين سياسة «الإصلاح والانفتاح»، أواخر السبعينات، حيث سعت في علاقاتها مع الشرق الأوسط، إلى تحقيق منفعة اقتصادية متبادلة، مع التخلي عن التشابك السياسي، والتزمت بسياسة «عدم وجود أعداء» في الشرق الأوسط، ولذلك تحرص الصين على عدم التواجد عسكرياً في المنطقة، فضلاً عن توجيه جهودها الاقتصادية نحو الاقتصاد التنموي والمستدام، وعدم الدخول مطلقاً في الدمار وتجارة الأسلحة.
الكويت سادس موردي النفط للصين
ذكر ديقانغ أن الصين هي أكبر شريك تجاري للشرق الأوسط، حيث يبلغ حجم التجارة بينها وبين الدول العربية 398.1 مليار دولار؛ وبينها وبين تركيا 43.4 مليار دولار، وبينها وبين إسرائيل 23.4 مليار دولار، وبينها وبين إيران 14.7 مليار دولار، مشدداً على أهمية الشرق الأوسط في توفير البترول والغاز الطبيعي للصين، حيث تتصدر السعودية قائمة الدول الموردة للبترول للصين، تليها روسيا والعراق والامارات، إضافة إلى الكويت التي تحتل المرتبة السادسة في قائمة موردي النفط إليها.
5 مبعوثين للصين في الشرق الأوسط
أشار ديقانغ إلى أن الصين، ومن منطلق حرصها على عدم تصدير الأسلحة للشرق الأوسط والتركيز على تصدير المشاريع التي تعزز الفرص التجارية والتطور الاقتصادي، رسمت نهجاً خاصاً لدبلوماسيتها في المنطقة، حيث رشحت 5 مبعوثين خاصين لشؤون الشرق الأوسط وسورية وأفريقيا والقرن الأفريقي وأفغانستان، للوساطة الدبلوماسية، كما شاركت في محادثات سياسية في شأن الخلاف الإيراني ـ السعودي، والتنافس بين حماس وفتح، والحوار الوطني الأفغاني، وعملية السلام في القرن الأفريقي.