اقرأ ما يلي...

لو كنت مكانك...!

31 أكتوبر 2024 10:00 م

«لو كنت مسؤولاً لغيّرت الكثير من الأمور إيجاباً، خلال أربع وعشرين ساعة»...

ما يؤلم في الموضوع ثقته التامة عندما قالها، وهو نفسه لا يستطيع إدارة أسرته ومواجهة مشاكل أبنائه. أتذكر الأمنيات عندما كنا صغاراً، أن نصبح أميرات، كي نرتدي ما نريده من الملابس والذهب والمجوهرات.

كنا نعتقد أن الأميرة تنام طوال اليوم والناس تعمل لرفاهيتها، وأعتقد أن تلك الأمنية كانت مستحقة.

أيضاً تمنينا امتلاك محل بقالة نأكل كل الحلويات التي باستطاعتنا تناولها... حينها كنا نشتري مشروباً غازياً مع البطاط المقرمش ولوح شوكولاتة بربع دينار، وكنا نريد المزيد.

هتافات الجماهير وكاميرات التصوير والأعين تترقب كل دقيقة وثانية في مباراة كرة القدم، وذلك يضاعف حماس اللاعبين ويجعلهم تحت ضغط نفسي وتحد للفوز، مع ذلك «لا يُكلّف الله نفساً إلّا وسعها».

بعد خسارة الفريق تبدأ الجماهير بالاعتراض ومهاجمة فريقه أحياناً بالشتم والقذف، وتفصيل نقاط الضعف في اللاعبين وتخطيط المدرب للمباراة. أيضاً الحكم لا يسلم من الانتقاد، أما جمهور الفريق الفائز فهو سعيد ويُثني على فريقه حتى وإن كان فوزه جاء محض صدفة أو حظ.

تُبتلى بعض الأسر بابن عاق أو شاذ بنواحٍ كثيرة في حياته، لدرجة فقدت السيطرة عليه، ومهما حاول الأبوان إصلاح الأمر فهما يفشلان في النهاية... تعليقات الناس في هذه الحالة منصبة بلوم الوالدين والبدء في استخدام «لو كنا مكانهم...».

متى سيعي الناس أن أسهل مهمة يقوم بها الإنسان في الحياة هي الحديث وكثرة الكلام وأصعب المهام هي تنفيذها؟ لو كنتَ مكان مسؤول لرأيت الأمور بكل شفافية ووضوح وقمت بالإدارة نفسها التي لا تعجبك وتنتقدها...

لو كنتِ أميرة اليوم لارتديت الفساتين العادية، فأنتِ واقعية ولستِ شخصية كارتونية أو ملكة في الزمن الفرعوني... لو امتلكنا بقالة لرأينا أن أولوياتنا أهم بكثير من حلوى وشوكولاتة...

لو كنا مكان اللاعبين لكان أداؤنا أسوأ بكثير...

لو كان لك ابن عاق لربما حاولت بشتى الطرق أن تصلحه لكن كُتب له أن يظل عاقاً طيلة حياته.

أعتقد أن من الأفضل لنا أن نراقب حياتنا وتصرفاتنا بدقة كما نفعل عند مراقبتنا للناس، سنجد أموراً كثيرة بحاجة لإصلاح، ولا نملك الوقت الكثير لإصلاحها، ولن نفعل؟ فلن نكون بالمثالية التي نريدها نحن والناس.