إطلالة

السنوار... عاش بطلاً ومات شهيداً

23 أكتوبر 2024 10:00 م

لقد تم اغتيال القائد يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في ظروف صعبة مفاجئة، علما بأنه هو الرأس المدبر للهجوم على إسرائيل في 7 أكتوبر العام الماضي، ووقع الاغتيال المفاجئ أثناء الاشتباك مع قوات العدو الاسرائيلي في عملية عسكرية دفاعية بمدينة رفح الحدودية، وبالرغم من أن السنوار كان مسجوناً لدى حكومة الاحتلال قبل أكثر من 24 عاما، ويعني أنه قضى معظم سنوات شبابه في السجون الإسرائيلية إلا أنه أبى أن يترك بلده المحتل ليسافر خارج بلاده كالآخرين، فكان همه كيف يدافع عن وطنه المحتل بأي وسيلة كانت، إلى أن أصبح العقل المدبر لقوة حركة حماس وبطل المرحلة ضد العدوان الإسرائيلي على غزة، حتى عجزت إسرائيل طوال الأشهر الماضية عن الوصول إليه أثناء معركة طوفان الأقصى.

إن اغتيال السنوار خلال العملية الحربية الأخيرة كانت صدفة للاحتلال ولم يكن مخططاً لها أبداً، جاءت وكأنها ثروة قيمة لا تقدر بثمن للكيان الصهيوني الغاصب، ولكن الفاجعة أصابتنا بالذهول ولم نصدق ما شاهدناه من اغتيال قاس على قلوبنا وعلى قلوب الجميع.

فقد كان رحيله ليس أمراً هيناً، وبالتالي سيترك اغتياله تأثيراً بالغاً على قيادة «حماس» في الداخل خصوصاً بعدما اغتيل القائد إسماعيل هنية في نهاية يوليو الماضي في طهران.

من المؤسف جداً أن تظهر أصوات نشاز بعد اغتياله لتعلن فرحة اغتياله وتتشمت باستشهاده بكل وقاحة، ثم تنسب الفرحة لكل عربي ومسلم في مشارق الأرض ومغاربها وهم بعيدون كل البعد عن أُخوة الدين والإسلام، وتفوّق هؤلاء بالكذب على الصهاينة، فمن الغباء حقاً مَن يعتقد أن تصفية هنية والسنوار تعدان إنجازاً عسكرياً ومعنوياً، فهناك من يوهم العالم أن اغتياله والخلاص منه بأنه انتصار للعالم الحر وتغيير للواقع الجديد في الشرق الأوسط إلا أن الحساب مع الصهاينة لم ينته بعد طالما أن هناك تضحيات مقبلة من الشعب الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين وحماية المسجد الأقصى، فهناك أيضاً حساب عسير مع القادة الإسرائيليين الذين بطشوا بأرض فلسطين ولم يتركوا حتى الأطفال الأبرياء، وبالتالي لن يترك قادة حماس نتنياهو «هتلر العصر الحالي» مع سياسته التدميرية الإرهابية التي تهدف إلى تدمير شعب بأكمله في قطاع غزة، واليوم يريد هتلر العصر الحالي ان يدمر لبنان مع الدعم اللامحدود للولايات المتحدة لمواصلة عملية الهيمنة الاستيطانية والاحتلال الهمجي على بقية شعوب المنطقة تنفيذا لنهج «من النيل إلى الفرات».

لقد رحلت يا يحيى السنوار من هذه الدنيا شهيداً مثلما تمنيت الموت من أجل وطنك المحتل ولم تبال لأي عملية اغتيال لأنك عشت بطلاً مناضلاً من أجل قضيتك الأولى وهي تحرير فلسطين، فلم تكن مختبئاً في الانفاق ولم تكن محاطاً بالأسرى الإسرائيليين، ولكنك كنت متواجداً في ميدان المعركة مشاركاً في القتال ضد العدو المحتل مع رفاقك المقاتلين الأبطال، فلم تخش الموت من أجل النضال لأنك كنت شجاعاً صامداً أمام بطش الاحتلال ودمار وطنك، مردداً بقول إن الاغتيال هو أكبر هدية يمكن أن يقدمها العدو الإسرائيلي لي، وان اقضى إلى الله سبحانه وتعالى شهيداً على يده، فكنت تفضل الاستشهاد بأي عملية من العدو من أنك تموت بالكورونا أو بجلطة أو بسكتة قلبية، أو أي شيء آخر طالما اقتربت من الوعد الحق أو الوفاة الطبيعية للعمر، وكنت تفضل أن تُقتل شهيداً من أن تموت فطيساً حسب ما قلت، واليوم قد تحقق مرادك يا بطل.

وقد كنت في تحدٍ دائم مع الصهاينة منذ خروجك من سجن الاحتلال، فيما أكدت ذلك بمؤتمر صحافي مباشر على الهواء عام 2021 قائلا: الآن خلصت المعركة، فإن كنتم تريدون النصر أنا جاهز لكم بعد أن ينتهي اللقاء، مؤكداً ان جزءاً كبيراً من مشوارك ستقطعه مشياً على الأقدام، ولدى الاحتلال وقت كاف لاتخاذ قرار اغتيالك وقلت متحدياً: «لن يرمش لي جفن» وكان في الوقت نفسه يستشهد بقول الإمام علي، رضي الله عنه، حينما قال: «أيّ يوميّ من الموت أفرُّ؟ يومَ لا يُقدَرُ أو يوم قُدر؟ يوم ما قُدّر لا أرهبهُ وإذا قُدّر لا ينجي الحذر».

إنّ فلسفة السنوار في الحياة والموت هي مطابقة لفلسفة الإمام علي في قوله وفعله.

نعم هما يومان يوم مكتوب فيه الموت ويوم ليس مكتوباً فيه الموت عليك، كما قال السنوار أنا أعلمُ أن الحياة بيد الله سبحانه وتعالى وأن تهديدات العدو الإسرائيلي لن تقصر من عمري يوماً... هكذا كان القائد البطل الشهيد يحيى السنوار، هكذا ظل في صفاته ولم يتغير حتى أتاه الأجل، فنال الشهادة.

نعم لقد عاش السنوار مجاهداً ومات شهيداً للوطن، رحمك الله يا يحيى السنوار فاسمك سيظل خالداً في أذهاننا..

ولكل حادث حديث،،،

alifairouz1961@outlook.com