الرئيس التنفيذي لـ «صناعة الحديد» أكد تراجع اهتمام الدولة بتطوير القطاع مع الاعتماد على الدعم كوسيلة للبقاء

أحمد الخرافي لـ «الراي»: مصانع عدة توقّفت وأُخرى باعت أُصولها لعدم الربحية

22 أكتوبر 2024 10:00 م

- تكلفة الكهرباء قفزت صناعياً 300 في المئة والأراضي 2000 في المئة
- دعم الصناعيين ضرورة لتشجيع الإنتاج الوطني وتنويع الدخل
- تطبيق النافذة الواحدة واجه صعوبات عدة وعدم استقرار
- الصناعة في الكويت تعاني من قلة الوعي بأهميتها حكومياً ومجتمعياً
- زيادات التكلفة نُقلت للمستهلكين فارتفعت الأسعار وصعّبت المنافسة
- المدن الصناعية ضرورة لتطوير القطاع شرط توافر الخدمات الحكومية والترفيهية
- تأخر تعيين مدير لـ «هيئة الصناعة» شلّ العمل الإداري وأبطأ القرارات الإستراتيجية

قال الرئيس التنفيذي للشركة الأولى لصناعة الحديد أحمد حسين الخرافي، إنه رغم التاريخ الطويل للقطاع الصناعي في الكويت، والذي بدأ في منطقة الشويخ الصناعية بالخمسينات، إلا أن التوسع في إنشاء المناطق الصناعية توقف في السبعينات، هذا التوقف أدى إلى تراجع الاهتمام بتطوير القطاع على مر السنوات، لاسيما مع الاعتماد على الدعم كوسيلة للبقاء.

ولفت الخرافي في مقابلة مع «الراي»، إلى أنه مع استمرار التراجع الصناعي محلياً، ظهرت آثار سلبية على القطاع، مثل الرفع المفاجئ للدعم عن إيجارات الأراضي والكهرباء دون دراسة كافية للآثار، مشيراً إلى أن تأخير تعيين مدير عام للهيئة العامة للصناعة لسنوات عدة أثر على تقدم المشاريع، ما قاد إلى شلل في العمل الإداري، وإبطاء القرارات الإستراتيجية الملحة لدعم الصناعة.

النافذة الواحدة

وبين الخرافي أنه إضافة إلى ما سبق، واجه تطبيق نظام النافذة الواحدة صعوبات، إذ كان يُفترض أن يسهل إجراءات التراخيص والعمليات الصناعية، لكنه عانى من تقلبات وعدم استقرار، منوهاً إلى أن الإجراءات كانت تسير بسلاسة أحياناً، لكن سرعان ما تعاود المشكلات الظهور، ما أدى إلى تعقيد العمليات وإحباط المستثمرين.

وأشار الخرافي إلى أن القطاع الصناعي في الكويت يفتقر إلى عناصر مختلفة ويواجه تحديات عدة ليصبح رافداً رئيسياً للمالية العامة، أبرزها معالجة قلة الوعي بأهمية القطاع، سواء على المستوى الحكومي، أو على صعيد المجتمع الكويتي الذي لا يملك المعرفة الكافية بالدور الذي يلعبه القطاع الصناعي في الاقتصاد، بسبب غياب المعلومات المتعلقة بإسهاماته في الناتج المحلي الإجمالي، وأثره في الحد من البطالة، موضحاً أن نقص الوعي يُضعف دعم المجتمع للصناعة، ويحد من القدرة على التسويق وتعزيز الفخر بالصناعة المحلية.

تحديات عدة

وقال الخرافي إن القطاع الصناعي في الكويت واجه تحديات عدة، أبرزها الزيادة الكبيرة في التكاليف التشغيلية، ومنها تكاليف الكهرباء التي زادت بمعدل 300 في المئة، وإيجارات الأراضي صعدت 2000 في المئة، مبيناً أن القفزات المسجلة في التكاليف التشغيلية أثرت على الاقتصاد في 3 جوانب رئيسية.

وذكر أن الجانب الأول بتعلق بالتضخم، حيث تم نقل زيادات التكلفة إلى المستهلكين، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المنتجات المحلية وصعد بمعدلات التضخم، والجانب الثاني يرتبط بالتنافسية إذ ارتفعت تكاليف الإنتاج، ما صعّب على المنتجات الكويتية التنافس في الأسواق العالمية وأثر على قدرة المصانع استقطاب العملة الصعبة، أما الجانب الثالث فبين الخرافي أنه خاص بالجدوى الاقتصادية، حيث تقلصت هوامش أرباح مصانع عدة تعتمد على أسعار السوق العالمية، ما دفع بعضها إلى التوقف عن العمل، أو بيع أصولها لعدم القدرة على تحقيق الربحية.

إضافة إلى ذلك، لفت الخرافي إلى أن الكويت تواجه مشاكل في إدارة موانئها البحرية، حيث تنتظر السفن لفترات تصل لأسبوع لتفريغ حمولاتها، مفيداً بأن هذه التأخيرات ترفع التكاليف على المصانع، التي تضطر لدفع تعويضات مالية، ما يؤثر سلباً على جداول الإنتاج وكفاءة العمليات اللوجستية.

وحول رأيه في سيناريو إنشاء المدن الصناعية في الكويت ومدى أهميتها، قال الخرافي إنها تشكّل ضرورة لتطوير القطاع، على أن تتوافر فيها خدمات متكاملة تلبي احتياجات المصانع والعاملين فيها، موضحاً أن الموظفين الذين يعملون لساعات طويلة أو يعيشون في المدن الصناعية يحتاجون إلى خدمات حكومية وترفيهية لتحسين جودة حياتهم.

وأكد أنه يجب توفير خدمة المواطن، والمراكز الصحية بالقرب من أماكن العمل لتسهيل وصول الموظفين إليها دون الحاجة إلى التغيب لساعات، فضلاً عن توفير الترفيه والمساحات الخضراء، حيث يحتاج الموظفون إلى أماكن ترفيهية، ومساحات خضراء للاسترخاء بعد العمل، ما يسهم في تعزيز صحتهم النفسية والجسدية، إلى جانب البيع بالتجزئة، إذ ان توفير متاجر ومطاعم وصيدليات داخل المدن الصناعية يساعد في تلبية احتياجات العاملين اليومية، دون الحاجة للذهاب إلى مناطق سكنية أو تجارية.

وذكر الخرافي أن توفير هذه الخدمات يعزّز الحياة العملية والمعيشية في المدن الصناعية، ويجعلها أكثر جاذبية للمواطنين للعمل فيها، ما يدعم تطوير القطاع بشكل متكامل ومستدام.

خيار إستراتيجي

وحول موقفه من دعم الدولة للصناعيين كخيار إستراتيجي لتوطين الصناعة المحلية، مقابل الأصوات المطالبة بوقفه، قال الخرافي إن المطالبة بوقف الدعم عن الصناعيين تتجاهل كيفية عمل الاقتصادات العالمية، مفيداً بأن الدول، التي لا تعتمد كالكويت على النفط، تعتبر القطاع الصناعي عموداً فقرياً لاقتصادها، ليس فقط كونه مصدراً للإيرادات، بل لأنه يلعب دوراً رئيسياً في توظيف المواطنين واستقرار المجتمعات، إلى جانب التشغيل، حيث يعد البحث والتطوير في المصانع محركاً للابتكار والتقدم الاقتصادي، وأن هذا الابتكار هو ما يدفع عجلة التقدم ويضع الدول في موقع الريادة في الأسواق العالمية.

واستدل الخرافي بنموذج الصين، التي نجحت في قيادة التحول الاقتصادي عبر دعم صناعتها، ما أدى إلى إغلاق مصانع عدة في الغرب ونقل خطوط الإنتاج إلى الشرق، موضحاً أن هذا النجاح لم يكن ليحدث دون إستراتيجية مدروسة من الحكومة الصينية التي قدمت أشكالاً متعددة من الدعم للصناعات.

وبالنظر إلى هذا النموذج، شدّد الخرافي على ضرورة أن تستمر الكويت في دعم قطاع التصنيع المحلي لتشجيع الإنتاج الوطني، وتنويع مصادر الدخل، واستقطاب آلاف الباحثين إلى سوق العمل سنوياً لتطوير مهاراتهم العملية.