مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، تستعد بلدة تينيك في ولاية نيوجرسي لانتخابات محلية تعكس تحولات أكبر في السياسة الأميركية، حسب تقرير نشره موقع «صوت أميركا» الإخباري.
وتتنافس امرأتان مسلمتان على مناصب محلية في البلدة، ضمن موجة متزايدة من المرشحين المسلمين الذين يسعون إلى تعزيز وجودهم في المشهد السياسي الأميركي على مستوى الولايات والمجالس المحلية.
وتسعى كل من ريشما خان، ونادية حسين، لدخول التاريخ كأول نساء مسلمات يتم انتخابهن لمناصب في هذه البلدة ذات الكثافة السكانية المتنوعة.
وتينيك، التي يبلغ عدد سكانها نحو 41 ألف نسمة، تضم مجتمعاً مسلماً كبيراً، لكنها لم تشهد حتى الآن انتخاب امرأة مسلمة لعضوية مجلس المدينة أو مجلس إدارة المدارس.
وأوضحت خان (47 عاماً)، الناشطة ذات الأصول الهندية، أنها تهدف لتغيير ذلك بترشحها لمجلس المدينة.
وفي ظل تصاعد التوترات بشأن الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس»، تواجه نائبة الرئيس المرشحة الديمقراطية للرئاسة كامالا هاريس، تحديات كبيرة لكسب دعم المجتمع المسلم الذي يشعر بخيبة أمل تجاه سياسة الإدارة الحالية، وفقاً لخبراء ومحللين سياسيين.
من جانبها، تسعى نادية حسين، وهي معلمة أميركية من أصول ترينيدادية، لتكون أول مسلمة تُنتخب في مجلس إدارة المدارس في تينيك.
والاثنتان ترتديان الحجاب، وتقدمان نفسيهما كـ«أمهات عاملات ومواطنات عاديات يسعين لإحداث تأثير في مجتمعاتهن المحلية»، حيث يعكس ذلك الترشح اتجاهاً وطنياً متزايداً نحو تنوع أكبر في المرشحين السياسيين.
وتقول حسين إ، «المشاركة أمر ضروري»، في إشارة إلى أهمية انخراط المسلمين في العملية السياسية لضمان تمثيلهم.
وتضم الولايات المتحدة نحو 3.5 مليون مسلم من خلفيات عرقية متنوعة.
ورغم أن معظم المسلمين يميلون للتصويت لصالح الحزب الديمقراطي، فإن عدداً متزايداً منهم بدأ يميل نحو الحزب الجمهوري في الانتخابات الأخيرة.
ويشير الخبراء إلى أن هذه المشاركة السياسية المتزايدة للمسلمين تعود إلى مجموعة من العوامل، بما في ذلك القلق من «الإسلاموفوبيا» والرغبة في تعزيز التمثيل السياسي.
وترى أستاذة العلوم السياسية في جامعة ولاية ميتشيغن نورا صديق، أن تلك الزيادة في عدد المرشحين المسلمين، «تعكس مشاركة متزايدة من قبل المسلمين في الحياة السياسية».
ونبهت إلى أن انتخابات عام 2018، التي شهدت وصول إلهان عمر ورشيدة طليب، كأول امرأتين مسلمتين إلى الكونغرس، كانت نقطة تحول بالنسبة للمسلمين، إذ ألهمت نجاحاتهما العديد من المرشحين.
ويورد تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» حول علاقة الرئيس الأميركي، «المقطوعة» مع القادة المسلمين والعرب الأميركيين، إنه حتى في الوقت الذي يمارس فيه، جو بايدن، ضغوطاً جديدة على إسرائيل لإنهاء الحرب في غزة، فإن أولئك الذين طالبوا بذلك يقولون إنه «قليل جداً، ومتأخر جداً».
وشهدت السنوات الأخيرة استمرار هذه الزيادة في التمثيل السياسي للمسلمين، حيث انتُخب عام 2021، أول أعضاء مسلمين في مجالس المدن في بوسطن ونيويورك.
كما شهدت ديربورن - ولاية ميتشيغن، التي تضم جالية عربية ومسلمة كبيرة، انتخاب أول رئيس بلدية مسلم لها عام 2022.
وفي هذا المنحى، أوضح المدير التنفيذي لمنظمة «كير أكشن» باسم القرعان، إن كل دورة انتخابية تشهد زيادة في عدد المرشحين المسلمين.
وفي العام الماضي، أحصت المنظمة 235 مسؤولاً مسلماً منتخباً على مستوى البلاد، بما في ذلك نحو 50 في نيوجرسي، التي تضم أكبر نسبة من المسلمين بالنسبة لعدد السكان.
وتتوقع المنظمة أن يصل هذا العدد إلى أكثر من 250 مسؤولاً منتخباً هذا العام، وهو رقم قياسي يعكس
والانتخابات المحلية، مثل انتخابات مجالس المدارس والمدن، تشهد زيادة كبيرة في اهتمام المرشحين المسلمين.
وترى خان أن هذه الانتخابات قد لا تكون بأهمية الانتخابات الرئاسية، لكنها «ذات تأثير مباشر على حياة المواطنين في مجتمعاتهم».
وتضيف «نقول للناخبين إن الانتخابات الرئاسية مهمة، لكن الأهم هو الانتخابات المحلية».
وخان التي تعمل كناشطة مجتمعية في تينيك منذ سنوات، ترى أن دخولها السياسة هو امتداد لنشاطها المجتمعي، إذ تسعى إلى أن تكون قدوة للأجيال المسلمة القادمة.
ويشكل المسلمون نحو 25 في المئة من سكان بلدة تينيك، واليهود نحو 40 في المئة.
ومع ذلك، يشعر المسلمون بأن قيادتهم المحلية لم تمثلهم بشكل كافٍ، خصوصاً في ظل التوترات التي نشأت بعد الهجوم الذي شنته حركة «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.
وتقول خان إن المسلمين في تينيك «يشعرون بخيبة أمل من القيادة المحلية التي تحدثت فقط لصالح مجتمع واحد».
ومع ذلك، تصف خان نفسها بأنها «بانية للجسور»، مشيرة إلى أنها تمكنت من بناء تحالفات واسعة من الداعمين في مختلف المجتمعات في البلدة.
وخان، التي لم تكن ترتدي الحجاب في البداية، قررت بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 أن ترتديه لتحدي الصور النمطية عن المسلمين.
ورغم أن نسبة العرب والمسلمين في الولايات المتحدة ضئيلة بعض الشيء، إلا أنها يمكن أن تحدث الفارق في انتخابات نوفمبر المقبل، خصوصاً في بعض الولايات المتأرجحة التي يمكن أن تُحسم بفارق عدد صغير جدا من الأصوات.
ومنذ انتقالها إلى تينيك قبل نحو 20 عاماً، انخرطت في النشاط المجتمعي بفعالية، حيث ساعدت في قيادة حملة «صوت واحد لمدينة واحدة» التي نجحت في تغيير موعد الانتخابات المحلية لتتزامن مع الانتخابات الوطنية.
وهذا العام، قررت خان الترشح لمجلس المدينة، متأثرة بنجاح مسلمات في ولاية نيوجرسي، وأيضاً بسبب شعورها بأن المجلس «لا يستمع لاحتياجات مجتمعها».
وسواء فازت أو خسرت، ترغب خان في أن تُذكر بأنها «امرأة مسلمة ترتدي الحجاب، تمكنت من حشد الدعم من جميع المجتمعات في البلدة، ليس لأنها مسلمة، بل لأنها تدافع عن العدالة والمساواة».