مبادرة رقابية تعتبر الأولى من نوعها في الكويت لتحقيق التوازن بين العمل والحياة مدفوعة بإنجازاتها رقمياً

«هيئة الأسواق» تدرس تحويل ربع موظفيها للعمل... من المنزل

16 أكتوبر 2024 10:00 م

- نموذج عمل يستهدف الموظفين ولا يشمل الإشرافيين والمديرين
- خصم بعض المزايا المالية الملحقة مقارنة براتب العمل المكتبي
- إجراءات محددة تجاه المُقصّر بينها الخصم
- استطلاع الرأي أظهر أن الراغبين بالمبادرة يتجاوزون النسبة المستهدفة

يصح القول إنه لا يتعين النظر إلى جائحة «كوفيد-19»، على أنها مجرد جائحة عالمية استثنائية، أغلقت الأعمال والمنازل، وهددت الصحة العامة، حيث كان لها إيجابيات عدة، من صورها تنامي الاتجاه عالمياً نحو العمل عن بُعد أو من المنزل.

وكويتياً سهل التحول الرقمي الواسع الذي اتبعته غالبية الجهات، سواء الرقابية أو لدى القطاعين العام والخاص، من رواج الفكرة، لكن عملياً، لم ير التطبيق الفعلي لهذا التوجه النور، إلا خلال فترة الحظر التي فرضتها «كورونا» في 2020.

لكن يبدو أن شيئاً ما تغيّر محلياً، أو بالأصح في طريقه للتغيير، حيث كشفت مصادر مسؤولة لـ«الراي»، أن هيئة أسواق المال تدرس مبادرة تستهدف تحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة، من خلال الجمع بين عمل موظفيها مكتبياً وآخر عن بُعد.

مقر العمل

وفي هذا الخصوص، قالت المصادر إن مسؤولي «هيئة الأسواق» يقودون مبادرة استثنائية، تستهدف تطبيق نموذج عمل مرن لموظفيها يطبق لأول مرة بالكويت، يسمح لشريحة منهم بمزاولة مهامهم من المنزل كما لو كانوا في مقر العمل، مشيرة إلى أنه جرى استطلاع رأي الموظفين في هذا الخصوص، وأظهرت النتائج إقبالاً ملموساً.

وما يستحق الإشارة إليه، أن إجمالي العاملين في «هيئة الأسواق» نحو 440 موظفاً وموظفة.

وفيما أفادت المصادر بعدم انتهاء «هيئة الأسواق» من وضع تصور نهائي لمبادرتها، بينت أن التصور الأولى حدد جملة محددات حاكمة بهذا الشأن، أولها أن العمل عن بُعد موجه فقط للموظفين، أي لا يشمل الإشرافيين والمديرين.

ونوهت إلى أنه من المخطط خصم مزايا مالية من الشريحة المشمولة مستقبلاً للعمل عن بُعد، مقارنة مع ما يحصل عليه الموظفون الذين سيستمرون في مزاولة مهامهم مكتبياً أو ميدانياً، حيث من الطبيعي أن تختلف المزايا الملحقة بالراتب الشهرين المقابل للعمل عن بُعد، عن النظام التقليدي.

مخرجات الدراسة

ولم تحدد المصادر نسبة الخصم المرتقبة، حيث أفادت بأن مخرجات الدراسة النهائية، التي تعكف إدارة الموارد البشرية على صياغتها مع الإدارات ذات العلاقة في الهيئة ستحدد ذلك، لافتة إلى أن هذا التوجه يكتسي فائدة ثنائية، فمن ناحية يحقق المرونة في عمل «هيئة الأسواق»، ومن جهة أخرى يقلل التكلفة التشغيلية، ما يستقيم مع توجه الحكومة نحو ترشيق المصاريف العامة.

وأشارت المصادر إلى أنه لا ضير من ذلك طالما لدى «الهيئة» جداول صلاحيات وإجراءات عمل منضبطة تحدد المخل في نظام العمل، موضحة أنه من باب ضمان الانضباط الوظيفي سيتم تفعيل إجراءات إدارية محددة تجاه الموظف المقصر في العمل عن بُعد، ومن صور ذلك تعرضه للخصم في حال تأخرت استجابته لمهام عمله، وبمعدل زمني يوحي بأنه خارج نطاق العمل.

نسبة مستهدفة

وبينما أبدت شريحة واسعة من موظفي «هيئة الأسواق» الموافقة على مقترح العمل عن بُعد، قالت المصادر إن النسبة المستهدفة محل الدراسة تتراوح بين 20 و25 في المئة، ملمحة إلى أن استطلاع رأي الموظفين أظهر أن نسبة الراغبين في الانخراط بهذه المبادرةن تتجاوز النسبة المستهدفة.

وأشارت المصادر إلى أنه من غير الواضح حتى الآن موعد تطبيق الهيئة لمبادرة العمل من المنزل، حيث يخضع التوقيت وغيره من التفاصيل الفنية والمالية للدراسة، علما بأنه توجد لائحة مفعلة تنظم العمل عن بُعد مع الأجهزة الفنية اللازمة لذلك.

مهمة العمل

وبينت المصادر أن اعتماد هيئة أسواق المال بشكل أساسي على الرقمنة، يسهّل مهمة أعمالها في التشغيل عن بُعد، حيث أدى تحقيقها إنجازات متقدمة في التحول بأعمالها إلى التكنولوجيا في الفترة الأخيرة، إلى تجسير الهوة في عملها مع بقية منظومة السوق، والممثلة معها في شركة بورصة الكويت والشركة الكويتية للمقاصة، من العلاقة الورقية إلى الرقمية.

وذكرت المصادر أنه سيتم الالتزام باستمرار الموظفين العاملين في مقر الهيئة، والاكتفاء بالعدد اللازم لتسيير الأعمال داخل الإدارات الأساسية، ما يضمن نجاح مبادرة عمل شريحة من الموظفين عن بُعد.

خفض الاستقالات

عن الجدل القائم حول جدوى ضرورة الذهاب إلى المكاتب، لرفع كفاءة العمل وتعزيز إنتاجية الموظفين وروح الفريق، ومن ناحية أخرى أهمية العمل عن بُعد لتوفير المرونة للعاملين، أفادت المصادر بأن نموذج العمل من المنزل أظهر المحافظة على الإنتاجية بشكل واضح للغاية في بعض الوظائف، خصوصاً المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات.

وأضافت أن الدراسات المعدة في هذا الخصوص، أظهرت مزايا إضافية لهذا التطبيق، من قبيل خفض معدل دوران العمل، ويعني ذلك تراجع معدل الاستقالات بين الموظفين بسبب قلة ضغوط العمل، والمشاعر السيئة والطاقة السلبية التي تتولد أحياناً في العمل التقليدي، فالعاملون عن بُعد يكونون عادة أكثر سعادة وارتياحاً في العمل من غيرهم.

كما يساعد العمل عن بُعد، حسب المصادر، في اكتساب مهارات التقييم الذاتي، وكسب الثقة في العمل مع مهارات التعامل مع التقنية دون مراقبة، لاسيما مع إقبال الشباب على هذا النموذج من العمل بإيجابية ومرونة، أكثر من السابق.