قال الرئيس التنفيذي لشركة ريم العقارية خالد علي الصغيّر، إن الكويتيين يشكلون نحو 3 في المئة من إجمالي مستأجري شقق السكن الاستثماري، فيما لا تزال شريحة واسعة من الأسر تسكن بشكل تضامني مع أهاليهم في المناطق السكنية.
وبين الصغيّر لـ«الراي» أن القاعدة العريضة من الشقق الاستثمارية المتوافرة محلياً لا تلبي طموح المستأجر الكويتي، لاسيما لجهة المساحات، مشيراً إلى أن تغير النظام الهندسي لكتلة واسعة من البنايات الاستثمارية قلل فرص توافر السكن المناسب للمواطنين.
ولفت إلى أن نموذج السكن الاستثماري المتبع في الكويت تغير كثيراً، خصوصاً في العمارات التي شيدت آخر عقدين، بسبب توجيهها في المقام الأول للمقيمين، بغرض تحقيق المالك أعلى معدل ربحية، موضحاً أن ذلك كان على حساب توفير المساحات المناسبة والخدمات البدهية، ما ضيق الحيز السكني الذي بات لا يستقطب الكويتيين، الذين لم يحصلوا على بيت حتى الآن.
طريقة دقيقة
وأوضح الصغيّر أن الشباب الكويتي حديثي الزواج من أكثر الشرائح في هذا الخصوص، رغم أنه يفترض أن يتم تدارس احتياجاتهم بطريقة دقيقة، ومن خلال استطلاع التوجه العام لهم من احتياجات بالمساحات والخدمات المساندة الأخرى مثل الكافيات والنوادي الصحية والمساحات الخضراء المشابهة لحديقة الشهيد مثلاً على أن تكون ضمن «Landscape» أو «compound»، وفي إطار مشروع متكامل يغطي الاحتياجات اليومية لفئة حديثي الزواج.
وبين الصغيّر أن الوافدين يشكلون الجزء الأكبر من قوة إشغال شقق السكن الاستثماري، وشريحة كبيرة منهم يقطنون في شقق ضيقة، تناسب مداخيلهم، موضحاً أنه مع إغراء تنامي الطلب على هذه النوعية من الشقق، نتيجة ارتفاع عدد الوافدين، تجشع ملاك عدة لبناء عمارات تحوي عدداً كبيراً من الشقق الضيقة، بقيم إيجارية مرتفعة.
ثقافة كويتية
وأشار الصغيّر إلى أنه بحكم الثقافة الكويتية في السكن هناك متطلبات أساسية يصعب تجاوزها للعيش في مختلف الظروف ويأتي في مقدمتها المساحة المناسبة، والخصوصية التامة، مفيداً بأن حصول الكويتي على شقة مناسبة لم يعد سهلاً في ظل ارتفاع إيجارات السكن وتحديداً آخر 10 سنوات، مدفوعاً بارتفاع أسعار الأراضي وغلاء المعيشة.
ونوه إلى أن الكويتيين يفضّلون المساحات المريحة، ولو اضطرّوا إلى استهلاك الجزء الأكبر من رواتبهم في دفع الإيجارات الموقتة، لافتاً إلى أن المقدرة المالية لتحقيق ذلك لا تتوافر عند جزء كبير من المواطنين، ما دفعهم للوقوف في طوابير انتظار السكن الخاص، لترتفع مع ذلك أعداد المنتظرين لبيت العمر إلى نحو 96 ألف طلب إسكاني حسب البيانات الرسمية، ليصبح هذا الملف هاجس كل أُسرة كويتية.
وقال الصغير إنه رغم نمو الثروات الشخصية والرواتب لدى المواطنين خلال السنوات الماضية، خصوصاً الشباب، إلا أن تدني النمو في تطور العمران في الكويت بوتيرة تستوعب الزيادة السكانية والاحتياجات المناسبة لثقافة كل شريحة سواء لجهة المواطنين أو المقيمين لم يبق أمام المواطنين فرص مناسبة للسكن في الشقق الاستثمارية، مقابل تنامي قوى الاستثمار المضاربي للفرص العقارية المتاحة، ما عزز ثقافة التركيز على بنايات شقق «السردين» كما يحلو للبعض تسميتها.
زيادة جنونية
وأوضح الصغيّر أن الزيادة الجنونية في أسعار السكن الخاص أمام محدودية العيش للطبقات المتوسطة أجبرت بعض المواطنين على قبول السكن بمساحات قليلة لا تستوعب حتى الأسر الجديدة، مشيراً إلى مخاطر هذه الأزمة لا تتوقف عند ضيق فرص السكن أمام الكويتيين بل تتسع لما تولده هذه الظاهرة الانشطارية عند المقيمين، الذين يضطرون لقبول السكن بمثل هذه الوحدات من ضغط على البنية التحتية مثل شبكات المياه والمجاري والكهرباء والمرور، ما يصعب السيطرة على توفير خدمات متسارعة بهذا القطاع.
وأكد الصغيّر أن الحل العملي لتجاوز هذه الأزمة بتغيير نموذج السكن الاستثماري في الكويت، من خلال إعادة النظر في المواصفات الهندسية المقبولة من الدولة، مع وضع ضوابط مقبولة على معدلات الإيجار، بحيث لا تترك للأهواء، على أن يحاكي البناء للاحتياج الفعلي، والثقافة المطلوبة من المستهلك النهائي للسلعة العقارية، والبدء بالتفكير خارج الصندوق وايجاد منتجات عقارية جديدة تناسب متطلبات الشباب الحديثة، واستغلال قلة العرض مقابل مستويات الطلب.
وأضاف الصغيّر أن ضمن الحلول المقترحة في هذا الشأن أن تطرح الدولة مدناً تضم شققاً سكنية مناسبة للكويتيين، على أن توافر داخلها جميع الخدمات الضرورية أو تحيط حولها هذه الخدمات، منوهاً إلى نموذج حديقة الشهيد، الذي يمكن تطويره مستقبلاً ببناء شريط سكني حوله، حيث سيكون أكثر جذباً للمواطنين.