أحيت إسرائيل، أمس، ذكرى الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة «حماس» على أراضيها في 7 أكتوبر 2023 وأشعل فتيل حرب تدميرية انطلقت في غزة وامتدت الآن إلى لبنان، فيما تتزايد المخاوف من اتساع النزاع إلى الشرق الأوسط، من خلال ارتكاب المزيد من المجازر بحق مدنيي القطاع المُدمر والمحاصر، والذي تغيرت حياة ساكنيه الفلسطينيين، إلى الأبد.
وفيما بدأت الدولة العبرية مراسم إحياء هذه الذكرى السنوية الأولى لهجوم لم تخرج بعد من وطأة صدمته، أطلقت «كتائب القسام»، دفعتين من الصواريخ استهدفت الثانية تل أبيب، ما يشير إلى استمرار قدرة حركة «حماس» على الرد، بينما استشهد 52 فلسطينياً في غارات جوية على مناطق متفرقة من غزة منذ فجر أمس.
تغيير الواقع الأمني
وخلال مراسم في القدس، تعهّد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي قرر تبديلَ اسم الحرب على غزة من «السيوف الحديدية» إلى «حرب القيامة»، بإعادة الرهائن المحتجَزين.
وقال «في هذا اليوم وفي هذا المكان وفي أماكن عدة من بلادنا، نستذكر موتانا ورهائننا الذين من واجبنا أن نعيدهم إلى ديارهم...».
ونقل بيان عن نتنياهو خلال اجتماع لمجلس الوزراء «نحن نقوم بتغيير الواقع الأمني في منطقتنا... من أجل أطفالنا، ومن أجل مستقبلنا، لضمان عدم تكرار ما حدث في السابع من أكتوبر مرة أخرى».
وأعلن وزير الدفاع يوآف غالانت، في بيان، أن «إسرائيل ملتزمة بحزم مواصلة اتخاذ كل التدابير الضرورية للانتصار على أعدائنا والدفاع عن بلادنا».
في المقابل، تجمع متظاهرون أمام مقر نتنياهو في القدس، مطالبين بوقف إطلاق النار وإعادة الرهائن.
ولوح المتظاهرون بلافتات عليها صور الرهائن كتبوا عليها «أعيدوهم الآن».
قذائف صاروخية
وبعد قليل على بدء المراسم، أعلنت «حماس» إطلاق وابل من الصواريخ على تل أبيب، ما أدى إلى انطلاق صفارات الإنذار في وسط إسرائيل.
وبينما أعلن الجيش أنه اعترض خمسة صواريخ، ذكرت خدمة الإسعاف أن شخصين أصيبا بجروح طفيفة.
وفي وقت سابق، أعلنت «القسام»، أن مقاتليها استهدفوا «تحشدات الاحتلال» عند معبر رفح وكرم أبوسالم وكيبوتس حوليت قرب الحدود مع غزة.
كما أطلقت حركة «الجهاد الإسلامي» صواريخ على سديروت ونيرعام وبلدات أخرى بالقرب من غزة.
من جانبه، قال الناطق باسم «القسام» أبوعبيدة، في كلمة مصوّرة إن «قرارنا وخيارنا وهو الاستمرار في المواجهة في معركة استنزاف للعدو طويلة وممتدة ومؤلمة ومكلفة له بشدة، طالما أصر العدو على استمرار العدوان والحرب».
وأعلن «أبوعبيدة»، أن حالة الرهائن المتبقين «في غاية الصعوبة ولا نستبعد دخول ملفهم إلى نفق مظلم».
وبعد وقت قصير من إطلاق الصواريخ، وسع الاحتلال أوامر الإخلاء في جباليا لتشمل مناطق في بلدتي بيت حانون وبيت لاهيا في الشمال.
وقصفت قوات الاحتلال، جباليا من الجو والبر، ما أدى إلى سقوط عشرات الشهداء والجرحى.
كما فرض الاحتلال، إجراءات مشددة في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، بينما أجرت القيادة المركزية تقييماً للوضع مع جهاز «الشاباك» والشرطة استعداداً لفترة الأعياد اليهودية نهاية الأسبوع.
تجمعات ومراسم
وجرت طوال يوم أمس، تجمعات ومراسم في أنحاء العالم، من سيدني إلى برلين، ومن بوينس أيرس إلى نيويورك، قابلتها تظاهرات مؤيدة للفلسطينيين، في ذكرى هجوم «حماس» الذي سبب بسقوط 1205 قتلى، وشكل صدمة كبرى لاتزال إسرائيل تحت وقعها، بينما سقط في الرد التدميري واللا إنساني أكثر من 41909 شهداء و97303 جرحى في القطاع حتى ظهر أمس.
«أمن إسرائيل»
وفي واشنطن، أعرب الرئيس الأميركي جو بايدن والمرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة كامالا هاريس عن حزنهما حيال هجوم «حماس»، بينما شجبا سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين الفلسطينيين.
وقال بايدن «فلنشهد على الوحشية التي لا يمكن وصفها لهجمات السابع من أكتوبر وأيضا على الأرواح الرائعة التي سُرقت في ذلك اليوم».
وأعلنت هاريس، «لن أنسى أبدا فظاعة السابع من أكتوبر 2023».
لكن بايدن أشار في بيانه أيضاً إلى أن «التاريخ سيذكر أيضا يوم 7 أكتوبر باعتباره يوماً أسود بالنسبة للفلسطينيين بسبب النزاع الذي بدأته حماس في ذلك اليوم. عانى عدد كبير جداً من المدنيين كثيراً خلال هذا العام من النزاع».
وأكدت هاريس أن قلبها «ينفطر لرؤية حجم الموت والدمار الذي حل في غزة خلال العام الماضي».
وفي بيانيهما، أكد كل من بايدن وهاريس التزامهما بالتحالف العسكري بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
وقال الرئيس «بعد عام، مازلنا أنا ونائبة الرئيس هاريس ملتزمين بالكامل بسلامة الشعب اليهودي وأمن إسرائيل وحقّها في الوجود».
وأضافت نائبة الرئيس «سأناضل دائماً ليتمكن الشعب الفلسطيني من نيل حقه في الكرامة والحرية والأمن وتقرير المصير».
كما أصدرت الولايات المتحدة عقوبات جديدة بحق «حماس».
وفي باريس، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن «الألم لايزال حياً كما قبل عام... ألم الشعب الإسرائيلي، ألمنا، ألم البشرية الجريحة».
وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن المملكة المتحدة «لن تضعف في سعيها لتحقيق السلام. في يوم الألم والحزن هذا، نكرم الذين خسرناهم ونستمر في زعمنا إعادة الرهائن ومساعدة الذين يعانون وضمان مستقبل أفضل للشرق الأوسط».