اقرأ ما يلي...

نحن أنانيون

3 أكتوبر 2024 10:00 م

قرأتُ كتاباً في ما مضى عنوانه «نحن لا نتعلّم من التاريخ»، بالمختصر أن التاريخ حمل أحداثاً وسياسة وأفكاراً لا تزال مُتداولة وبكثرة حتى وإن كانت سيئة جداً وخلفت ملايين الضحايا والقتلى.

يعتقد كثيرون أن الماضي وإن حمل السوء معه فلن يكون بحجم السوء الذي نعيشه اليوم، من حروب غريبة وآراء سياسية متضاربة ومتناقضة، على سبيل التناقضات الغريبة، الفلسطيني عندما يدافع عن وطنه فهو إرهابي، وإسرائيل عندما تقتل الناس في فلسطين وتدمر المباني فلها حق الرد.

حمل الماضي أحداثاً دموية ولكن الإنسان يتناسى ويعتقد أن الحاضر أسوأ، يتذكرون شخصاً من الماضي تمت محاربته لأن آراءه كانت مختلفة عن رأي الشارع، فكان بنظرهم شخصية شريرة، لكنه عندما مات يبدأ الناس بتداول مقاطع له وهو يتحدث أو أسطر من كتاباته للاعتذار منه والاعتراف بذنب مهاجمته والإساءة له، حتى وإن كانت آراؤه فعلاً سيئة، فالمقياس بنظرهم الأقل سوءاً هو الأطيب.

عُرف الماضي من الكتابات والرسوم ونقل الأقوام لقصص حدثت سابقاً، ومع ذلك فالمرء لا يشعر بحجم السوء الذي عاشه الناس حينئذ، بل يشعر بأنه أكثر البشر بئساً وأن أحداث اليوم هي الأسوأ على مر التاريخ.

هل يتطور عقل الناس كلما مر الوقت؟ هنالك من يقول نعم والدليل على ذلك حياتنا الزاخرة بالتكنولوجيا والتي لم يعرفها الإنسان من قبل، لكن الانسان مازال يكرّر أخطاء من سبقوه معتقداً أنها ستصيب معه. يتحدث كثيراً عن السلام ولا يستطيع العيش دون حرب ودم.

يصور الناس العالِم أنه إنسان ذكي أفاد البشرية بعلمه لنقل الفيزياء مثلاً، فكل شيء حولنا في الحياة فيزياء وفي الوقت نفسه فهم على علاقة مباشرة بالقنابل النووية، نحن نصفق لعالِم على علمه ونتغاضى عن علاقته في صناعة القنابل والمتفجرات، ولا أستطيع إحسان الظن والقول إنه صنع القنابل النووية كي تصبح تحفة فنية في أحد المتاحف الوطنية.

كنت كلما قالوا لي ماذا تتمنين، تكون إجابتي أن أعيش في الماضي، كنت أعتقد أن الحاضر متعب جداً، وأن بساطة الناس في الماضي لم تكن تزعجهم، تغيرت نظرتي بعد أن قرأت الكتب واستمعت للمقاطع التي تصور الناس في تلك الأيام. وأختصر كلامي أن الانسان لا يتعلّم من أخطاء الماضي بل يحب أن يكرّرها وأن الحروب لن تتوقف وشراهة الإنسان للحياة تزيد لدرجة أنه يسعى لأن يحظى بها وحده دون مشاركة غيره. نحن أنانيون بطبعنا، وأحيانا لا نعترف.