على الرغم من كونها مغطاة بالجليد ومقفرة إلى حد كبير، لا تزال كرة القدم اللعبة الأكثر شعبية في غرينلاند التي يرغب لاعبوها في التنافس مع دول أخرى، لكن ذلك يبقى حلما بعيد المنال حتى الانضمام إلى اتحاد قاري.
ويخوض لاعبو كرة القدم في غرينلاند وهي منطقة حكم ذاتي دنماركية، مباريات في ما بينهم عموما، في حين يعتمد المنتخب الوطني المؤلف من الهواة على حسن نية بعض المنافسين لتنظيم المباريات.
وكشف اتحاد غرينلاند في 28 مايو أنه تقدم بطلب للانضمام إلى اتحاد أميركا الشمالية والوسطى والكاريبي (كونكاكاف)، لأنه لم يتمكن من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي (ويفا).
وتنص لوائح الاتحاد الأوروبي على أنه لا يمكن منح العضوية إلا لاتحادات «تملك مقراً في دولة معترف بها كدولة مستقلة من قبل أغلبية أعضاء الأمم المتحدة».
وقال مورتن روتكاير، مدرب غرينلاند، لوكالة فرانس برس «إنه المكان الوحيد على وجه الأرض الذي ليس عضواً في أي اتحاد لكرة القدم».
ومع ذلك، فإن كرة القدم وخصوصاً الدوري الإنكليزي، تحظى بشعبية كبيرة بالنسبة لنحو 57 ألف نسمة في أكبر جزيرة في العالم والتي تبلغ مساحتها مليوني كيلومتر مربع. ومن أكثر الملاعب لفتا للانتباه تلك الموجودة في قرية أوماناك الشمالية التي تقع في ظل الجبال الجليدية القريبة.
ويقول الأمين العام لاتحاد غرينلاند أونغاك أبلسن الذي يُقدّر أن أكثر من 10 في المئة من السكان يمارسونها، لوكالة فرانس برس «إنها أهم رياضة في غرينلاند».
وأضاف «إذا انضممنا على سبيل المثال إلى كونكاكاف أو فيفا، يمكننا أن نخوض في البطولات الرسمية عدداً أكبر بكثير من المباريات»، مشيراً أن ما يهم هو القدرة على الانضمام إلى فيفا وهو أمر يتطلب الانضمام إلى اتحاد قاري.
وعلى الرغم من عدم مشاركته في التقدم بعرض الانضمام الى كونكاكاف، إلا أن الاتحاد الدنماركي لكرة القدم يدعمه «بقوة».
وقال قائد منتخب غرينلاند باتريك فريدريكسن «نحن نقترب من هدفنا، وهو خوض المزيد من المباريات الدولية وإظهار أن غرينلاند من بين الدول التي يمكنها ممارسة كرة القدم».
خاض اللاعب البالغ من العمر 30 عاما، 10 مباريات ودية فقط منذ أول مباراة دولية عام 2017، كان آخرها في الأول من يونيو ضد تركمانستان، وخسرها فريقه 0-5.
وفريدريكسن ليس محترفا، شأنه في ذلك شأن زملائه، فهو يعمل في روضة أطفال ولا يمكنه التدريب إلا بعد ساعات العمل. أما بالنسبة للبطولات الخارجية، مثل ألعاب الجزر في غيرنسي عام 2023، فإنه يأخذ إجازة من العمل.
ويريد الاتحاد المحلي التركيز على خوض المزيد من المباريات للتطوير، على أمل ألّا يعود ذلك بالنفع على المنتخب الوطني فحسب، بل على الأندية في جميع أنحاء الإقليم أيضا.
ونظراً لمناخ القطب الشمالي القاسي، يستمر الموسم الخارجي فقط من مايو إلى أغسطس، وتقام البطولة المحلية على مدار أسبوع واحد فقط في بداية أغسطس. لكن قادة مشروع التحول إلى المستوى الدولي مقتنعون بقدرتهم على إيجاد ترتيبات للعب في الخارج على ملاعب معتمدة.
وفي واقعة مماثلة في عام 1992، لعبت جزر فارو مباراة في تصفيات كأس أوروبا في السويد بسبب افتقارها إلى الملعب المناسب.
وأعرب بعض اللاعبين وأنصار المنتخب عن فرحتهم من احتمال الانتساب إلى أحد الاتحادات القارية وقال فريدريكسن «سيجلب ذلك بعض الفرح والشعور بالفخر»، مشيراً إلى أن الحصول على مكانة دولية معترف بها سيكون بمثابة «حلم الطفولة» الذي يتحقق.
في المقابل، قال أحد المشجعين ويدعى روبرت فودر الذين جاؤوا لحضور حصة تدريبية داخلية في مانيتسوك، وهي بلدة يبلغ عدد سكانها 2500 نسمة «سيعرف شخص ما في العالم مكان غرينلاند».
بالنسبة للكثيرين، سيكون ذلك أيضا خطوة مهمة بالنسبة لهوية غرينلاند ويقول أبلسن «سيعني ذلك الكثير جداً لبلدنا، إنه جزء كبير من هويتنا ويساعد كثيراً في نواحٍ كثيرة في التنمية الشخصية».
أما بالنسبة لراسموس بيترسن (44 عاماً) وهو يعمل سبّاكا ويدرب فريقا للشباب في بلدة القطب الشمالي الصغيرة، فإن المنطقة تملك «مستقبلاً مشرقاً» في كرة القدم. ولتسهيل ذلك، تدعم بلدية مانيتسوك التدريب حتى يتمكن الجميع من اللعب، في محاولة لحشد الأطفال.
وأشار روتكاير إلى أن الانضمام إلى اتحاد كرة القدم «يتعلق بالشباب أيضا» وقال في هذا الصدد «لأنك الآن عندما تعيش في غرينلاند، يجب أن يكون لديك شيء تتطلع إليه».
وبالإضافة إلى إلهام الجيل القادم، فإن العضوية ستخلق أيضا حوافز لتطوير البنية التحتية الرياضية في البلاد.
وفي ظل عدم وجود ملعب يلبي المعايير الدولية، قال أبلسن إنهم يفكرون في شراء قباب هوائية، وهي عبارة عن هيكل قابل للنفخ يغطي الملعب ويحميه من العوامل الجوية.