منطقة المطلاع الجديدة واحدة من أهم مشاريع الإسكان التي أطلقتها الحكومة في السنوات الأخيرة، حيث تعتبر حلاً واعداً لأزمة السكن وتلبية لحاجات آلاف الأسر الكويتية. ومع ذلك، سقطت المنطقة في أول اختبار تعليمي، وفي قطاع التعليم، الذي يعد من أهم القطاعات التي تؤثر على جودة حياة السكان.
رغم أن المدارس في منطقة المطلاع الجديدة بدأت تفتح أبوابها لاستقبال الطلاب، إلا أن الواقع فاق توقعات وزارة التربية، فالمفاجأة كانت في الأعداد الهائلة من الطلاب الذين سجلوا في هذه المدارس، رغم أن المنطقة لا تزال في مرحلة استقبال السكان الجدد، ولكن هذا مفهوم فهذا الاندفاع للسكن في منطقة تفتقر لكل الخدمات الأساسية هو مؤشر شديد الوضوح للأزمة السكانية التي يعاني منها المواطنون.
في كل المدارس عدا المراحل الثانوية تجاوز عدد الطلاب في كل مدرسة حاجز الـ 1000 طالب وطالبة، فيما وصلت أعداد الطلاب في بعض الفصول الدراسية إلى ما بين 40 و50 طالباً، وهو ما يمثل ضغطاً كبيراً على العملية التعليمية وحتى على البنية التحتية للمدارس التي سينتهي عمرها الافتراضي قريباً وندخل في مراحل الصيانة والترميم، وفوق أزمة ازدحام أروقة المدارس تأتي أزمة المرور لأن كل المدارس التي تم افتتاحها في قطاع واحد! تخيل في المطلاع أكبر منطقة سكنية حديثة في الكويت اذ تبلغ مساحتها أكثر من 100 كيلومتر مربع تحتاج تخطي ساعة كاملة بازدحام مروري لتوصيل ابنك للمدرسة، ولا مبالغة في ذلك أبداً!
معظم المدارس في المطلاع جاهزة لاستقبال الطلاب، إلا أن المشكلات التي تتكرّر على مسامع السكان تارة يقال إنها تتمثل في نقص الكراسي والطاولات وبقية الأثاث والأجهزة، وتوفيرها ما زالت قيد التنفيذ، نظراً للإجراءات الطويلة والمعتادة التي تتطلبها المناقصات الحكومية، فتجهيز المدارس بالكراسي والطاولات، وتارة أخرى قيل إنها جاهزة ولكن في انتظار اعتماد تسمية المدارس، وهذه حقيقة، فآخر ما ابلغ فيه الأهالي أن كل شيء جاهز عدا الاسم!
حتى لا نطيل... الحل يظهر جلياً في ضرورة إنجاز أي إجراءات روتينية بأسرع وقت ممكن، فمن الممكن أن يتم تجهيز المدارس التي تم الانتهاء من بنائها وتسميتها في غضون أيام وافتتاحها لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلاب، لأن تسريع هذه العملية ليس فقط حلاً ممكناً، بل هو ضرورة ملحة لضمان تقديم تعليم جيد ومستدام لأبناء الأسر الكويتية، وإلا لضاعت السنة الدراسية، فالمعلمون ليسوا قادرين على تنفيذ الخطة الدراسة لهذه الأعداد المتكدسة، ولا الإدارة قادرة على استيعابهم.
وبالمناسبة، تسريع تجهيز المدارس وتسميتها وافتتاحها قد يحل الأزمة على المدى القريب، إلا أن المشاكل الحقيقية المتعلقة بالتخطيط الإستراتيجي للمستقبل ما زالت قائمة مع تزايد عدد السكان في المطلاع، ولذلك تحتاج الحكومة إلى اعتماد خطط استباقية تضمن توفير البنية التحتية التعليمية والخدمية بسرعة تتناسب مع الزيادة السكانية المتوقعة، وغير المتوقعة، لأن أزمة المدارس في منطقة المطلاع هي نموذج مصغر لمشاكلنا الكبيرة وإستراتيجياتنا القديمة القائمة على مبدأ «خلنا نشوف شنو يصير... بعدين نتصرف»!