ضمن تحرك حكومي أوسع لتعزيز توجه الحكومة نحو إحداث إصلاحات تشريعية اقتصادية ، بما يواكب رؤية كويت 2035، رفعت وزارة المالية إلى إدارة الفتوى والتشريع مسودة قانون منظم للاستثمار على أملاك الدولة، بصياغة مختلفة كلياً عن القانون «105» لسنة 1980، تضمنت إضافة بنود تعاقدية رئيسية، يعول عليها كثيراً في تحقيق تحسن جذري ببيئة استثمار هذه النوعية من المشاريع.
وفي التفاصيل علمت «الراي» من مصادر ذات صلة، أن «الفتوى» تعمل على مراجعة مسودة «المالية»، تمهيداً لرفع مشروع القانون الجديد إلى مجلس الوزراء، والذي يلغي ما يعرف في القانون الحالي بالمشاريع العامة، والأخرى المدرجة للمنفعة العامة، مفيدة بأنه وفقاً للمسودة المقترحة، سيكون تأجير أملاك الدولة الخاصة عبر المزايدة العامة أو المحدودة، بعد النشر عنها في الجريدة الرسمية، وتحدد مدة العقد في وثائق المزايدة بما لا يجاوز 30 عاماً، بدلاً من فترة التعاقد المحددة في القانون الحالي بـ 20 عاماً.
ويجوز بقرار من وزير المالية تحديد المدة بحد أقصى 50 عاماً، وتجديدها لمدد أخرى، بعد أخذ موافقة الجهات ذات الصلة على النحو الذي تبينه اللائحة التنفيذية.
محسنات المسودة
وكشفت المصادر أن من محسنات المسودة المقترحة فك التشابك بين وزارتي المالية والداخلية، لجهة تحديد المسؤول عن إخلاء المشروع، حيث يحق لـ«المالية»، أو الجهة العامة إخلاء العين المؤجرة إدارياً عند انتهاء العقد، أو فسخه لمخالفة شروطه، أو لدواعي المصلحة العامة، موضحة أنه يجوز للوزارة أو الجهة العامة تنفيذ قرار الاخلاء الإداري بالقوة الجبرية للشرطة، دون الحاجة الى سند تنفيذي، إذا اقتضى الأمر ذلك، على أن تحدد اللائحة التنفيذية ضوابط وإجراءات الإخلاء الإداري.
وأقرت المسودة جواز تأجير أملاك الدولة الخاصة العقارية أو المنقولة بأجر اسمي، أو بأقل من أجر المثل إلى أي شخص طبيعي أو معنوي، لتحقيق أي من الأغراض التي يصدر بها قرار من مجلس الوزراء، بناء على عرض وزير المالية، على أن تبين اللائحة التنفيذية آلية اختيار المتعاقد.
ويكون التأجير بناءً على اقتراح الوزير وموافقة مجلس الوزراء، لمدة لا تتجاوز 30 عاماً، ويجوز لمجلس الوزراء تحديد مدة العقد بحد أقصى 50 عاماً، وتجديد العقد لمدد أخرى، ويستثنى من الفقرتين السابقتين الشركات المملوكة للدولة بالكامل، حيث تبرم عقود التأجير معها بعد موافقة وزير المالية لمدة لا تزيد على 50 عاماً، لكل موقع أو مشروع على حدة، ويجوز تجديد العقد لمدد أخرى.
ضوابط التعاقد
وأشارت المصادر إلى أن تحديد الجهة المعنية بالتعاقد والتجديد، يزيل التباسات التباين في التفسير، مفيدة بأن المسودة أقرت نموذجاً مؤسسياً يتجسد في كيان محدد، أنشأته للتعامل مع مستثمري هذه النوعية من المشاريع، ممثلاً في وزير «المالية».
ومن الواضح أن مسيرة التعديل الجذري التي أتت بها المسودة لم تتوقف عند تغيير آلية إرساء المشاريع، حيث تخطت هذا الحيز بإضافة بند يلزم المستثمر بتقديم تأمين أولي، أو نهائي حسب الأحوال إلى وزارة المالية أو الجهة العامة المعنية، على أن يُقدم بشيك مصدق أو خطاب ضمان صادر من أحد البنوك المعتمدة بالكويت.
أداء التأمين
وحسب المسودة، يجوز لوزير المالية إعفاء الشركات المملوكة للدولة بالكامل من أداء التأمين، وتحدد اللائحة التنفيذية ضوابط وإجراءات تقديم التأمينات الأولية أو النهائية، وقيمتها، وأنواعها وحالات تعديلها أو الخصم منها أو مصادرتها، كما تحدد الإجراء الواجب اتخاذه عند نقص مبلغ التأمين، وضوابط رد التأمين إلى المستأجر، وفي جميع الأحوال يجب بقاء الأملاك المؤجرة مخصصة للأغراض التي أجرت من أجلها طوال مدة الإيجار، فإذا تغير تخصيصها اعتبرت عقود الإيجار مفسوخة من تلقاء نفسها، دون حاجة إلى حكم قضائي أو تنبيه أو إنذار، كما لا يجوز مبادلة أملاك الدولة بأملاك الغير.
ونوهت المصادر إلى أن فترة التعاقد الحالية، وآليته كانت سبباً في ضعف إقبال المستثمرين نحو الإقبال على المشاريع المقامة على أملاك الدولة، مضيفة أن التعديلات المقترحة توافر للمستثمرين الأجانب والمحليين ضمانات كافية تبدد مخاوفهم، لصالح زيادة منسوب الثقة في دخول استثمارات إستراتيجية طويلة الأجل في السوق المحلي.
إعادة الطرح
وقالت المصادر إن من التحسينات القانونية الجاذبة للمستثمرين في مسودة «أملاك الدولة»، أنها أعطت لوزير «المالية» حق توجيه المشاريع المقامة على أملاك الدولة عند انتهاء تعاقدها، من خلال إعادة طرحها عبر الهيئة العامة للشراكة بين القطاعين العام والخاص، أو من خلال قانون أملاك الدولة، ما يعني تفويض الوزير بالتعاقد مع المستثمر بالآلية القانونية المناسبة.
ولفتت المصادر إلى أن هذا التوجيه يقضي على إشكالية إجرائية متجذرة في القانون الحالي، تتعلق بأن الجهة المسؤولة عن إعادة طرح المشاريع تقبل القسمة على اثنين بين إدارة أملاك الدولة، و«هيئة الشراكة»، ما فتح جدلاً قانونياً لا يزال قائماً في أكثر من مشروع بالمحاكم، منوهة إلى أنه في إطار الارتقاء بجودة التشريع، وتحسين مواده، حسمت مسودة «أملاك الدولة» هذه الإشكالية بتحديد جهة الاختصاص ممثلة في وزير «المالية».
انعكاسات قانونية ترتقي بتطلعات القطاع الخاص
لواقع محفز استثمارياً... بضمانات تشريعية
قالت المصادر إن الانعكاسات القانونية المقترحة في مسودة «أملاك الدولة» ترتقي بتطلعات القطاع الخاص إلى واقع استثماري ملموس، حيث تنقل خطط الحكومة من دائرة الأفكار الطموحة والأطروحات النظرية إلى حيز النفاذ، والتطبيق العملي، بتشريعات اقتصادية محفزة استثمارياً، بضمانات تشريعية، لافتة إلى أن التعديلات التي استحدثتها المسودة ترمي إلى تفعيل دور القطاع الخاص في النهوض بواقع المشاريع الإستراتيجية من جهة، وتخفيف الأعباء التنموية الملقاة على كاهل الميزانية العامة من ناحية أخرى.
وأشارت المصادر إلى الصياغة الجديدة لقانون أملاك الدولة تستهدف استقطاب رؤوس الأموال النوعية الجادة، الموجهة من الشركات الأجنبية والمحلية ذات الملاءة المالية الكبرى، والتي تتمتع بقدرة فائقة في تنفيذ مشاريع التنمية المستدامة، ما يضع الكويت على سكة الدول الحاضنة للمشاريع الإستراتيجية.
دوران الإصلاح تشريعياً يشمل
أكثر من قانون اقتصادي... ومالي
بينت المصادر أن مسودة مشروع قانون «أملاك الدولة» تواكب حركة التنمية المستهدفة، وديناميكية تطورها، بفضل تجاوز تعديلاتها المتطورة قانونياً ظروف واقع القانون القائم وتحدياته، حيث لا تتمسك بنُظم استثمارية هجرتها قاطرة الأسواق المتقدمة، ومنها مجاورة.
ونوهت المصادر إلى أن تطوير البيئة التشريعية الاقتصادية في الكويت يعد خطوةً رئيسية نحو تحقيق تنميتها الشاملة المستدامة، لافتة إلى أن دوران عجلة الإصلاح التشريعي يشمل التحضير لتطوير أكثر من قانون اقتصادي واستثماري ومالي مستحق.