فلسفة قلم

المرضية... وقوة الرقمنة

19 سبتمبر 2024 10:00 م

لطالما كانت الإجراءات الورقية التقليدية عبئاً على المؤسسات الحكومية والمستفيدين منها. لكن التحول الرقمي يمهد الطريق لتحسين تلك العمليات، وتقديم الخدمات بسرعة وكفاءة أعلى، ما يخفف الضغط على الموارد البشرية والمالية.

الأرقام التي أشهرتها وزارة الصحة عن الفائدة الكبيرة التي حققتها من خلال قرار المرضية الإلكترونية من خلال تطبيق سهل كشفت عن الفرق الكبير من بين المعاملة الإلكترونية والتقليدية، إلا أن إعلان الأرقام يكاد يكون الضربة القاضية للمعاملات الورقية.

من خلال اعتماد النظام الإلكتروني الجديد، تمكنت الوزارة من تخفيض عدد الزيارات لمراكز الرعاية الصحية الأولية بشكل كبير. فقد انخفض عدد الزيارات بمقدار 2,095,797 زيارة خلال الفترة بين أكتوبر 2023 ويونيو 2024، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، كما أتاح النظام الإلكتروني توفير أكثر من 50 ألف ساعة عمل شهرياً كانت تُهدر في التعامل مع الإجراءات الورقية التقليدية، ما سمح للكادر الطبي بالتركيز على تقديم الرعاية الصحية بجودة أعلى، وهذا الانخفاض الكبير في عدد الزيارات يعكس الأثر الإيجابي المباشر للتحول الرقمي على كفاءة تقديم الخدمات.

أحد أبرز الجوانب التي أظهرها التحول الرقمي في وزارة الصحة هو رفع جودة الخدمات الصحية. عندما يتمكن الموظفون من تقديم طلبات الإجازة المرضية إلكترونياً دون الحاجة إلى زيارة المراكز الصحية، فإن ذلك لا يحسن من تجربتهم فحسب، بل يُخفف الضغط على هذه المراكز ويتيح للكوادر الصحية تركيز جهودهم على الحالات الصحية التي تحتاج إلى تدخل حقيقي.

أدى انخفاض عدد الزيارات غير الضرورية إلى تقليل الأدوية والوصفات الطبية غير الضرورية، ما ساهم في تحسين جودة العلاج وتقليل الهدر في الموارد. كما سجلت البيانات انخفاضاً بنسبة 17.7 % في عدد الزيارات لمراكز الرعاية الصحية الأولية خلال الربع الثاني من 2024، مقارنة بالعام السابق، ما يعزز فكرة أن التحول الرقمي لا يحسن فقط من كفاءة النظام الصحي بل يرفع من جودته ويجعل الخدمات أكثر استهدافاً للمحتاجين الحقيقيين.

تجربة وزارة الصحة الكويتية في تطبيق النظام الإلكتروني للإجازات المرضية تؤكد أن التحول الرقمي يمثل حلاً مستداماً لعدد من التحديات التي تواجه الحكومات اليوم. فهو لا يوفر الوقت والجهد فقط، بل يقلل من تكاليف التشغيل ويحسن من كفاءة توزيع الموارد. كما يعزّز رضا المستفيدين والموظفين على حد سواء، حيث أصبحت الخدمات الحكومية أكثر سهولة وسرعة.

وتأتي هذه التجربة كمثال حي على كيفية الاستفادة من التحول الرقمي في مجالات أخرى مثل التعليم، الإدارة العامة، والنقل. فعندما تتبنى الحكومات التكنولوجيا الرقمية، تصبح أكثر قدرة على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وتُصبح الخدمات التي تقدمها أكثر فاعلية ودقة.

التحول الرقمي ليس مجرد خطوة نحو تبني التكنولوجيا الحديثة، بل هو نقلة نوعية في كيفية تقديم الحكومات لخدماتها وتحقيق التنمية.

وزارة الصحة الكويتية أظهرت من خلال النظام الإلكتروني للإجازات المرضية أن التحول الرقمي يمكن أن يحقق تحسينات كبيرة في الإنتاجية، تقليل التكاليف، وزيادة رضا المستفيدين.