تُستخدم كلمة «كشخة» لوصف الحسن والجمال في دول الخليج العربي، في حين تستخدمها دول المغرب العربي بمعنى الشيء السيئ. ولكنني سأتمسّك بالمعنى الأول؛ ولي غرضٌ في هذا، سأبوح به في السطور الآتية!
كنت أتابع حلقة من برنامج عربي، وكان الضيف معلماً في مدرسة. سأله مقدم البرنامج: من السبب في فشل التعليم؟ الوزارة أم المنهج أم المعلم؟
ابتسمت، إذ إن المشكلة متكررة في دول عدة، بل في جميع القارات، والتساؤلات واحدة، والإجابات متعددة.
أعتقد أننا بحاجة لدراسات جِدّية، وإصدار توصيات وحلول تلتزم بها الدول من ناحية المنظومة التعليمية وإصلاحها.
في الماضي كان معظم المواطنين في المجتمع الكويتي يدرسون في المدارس الحكومية، لم تكن اللغة الإنكليزية لديهم بالقوة التي تجعلهم يتحدثون بها بطلاقة، فهي ليست اللغة الأم، كما أن تعلّمها يحتاج لممارسة، ومعظم الآباء والأمهات كان تعليمهم بسيطاً، ومنهم من كان أمياً، لذا كانت دراسة اللغة الإنكليزية محصورة داخل حيطان الفصل وورقة الاختبار. كانت بضع عوائل هي من يدرس أبناؤها في المدارس الإنكليزية.
عندما يتخرج الطالب في المدرسة الحكومية ويلتحق بالجامعة، والتي تدرّس معظم موادها باللغة الإنكليزية، يكون أمامه خيارات، فإما أن يبذل قصارى جهده لتعلُّم الإنكليزية، وإما الابتعاث إلى الخارج وتعلم هذه اللغة لمدة معينة قبل الالتحاق بالتخصص العلمي، وإما أن يسحب أوراقه الجامعية.
وعندما يتخرج ويعمل في مكان لا يمارِس فيه اللغة الإنكليزية فإنه غالباً ما ينسى ما تعلمه في الجامعة.
وتظهر المشكلة عندما يسافر إلى الخارج في رحلة سياحية مثلاً، ويضطر إلى التحدث بالإنكليزية، يجد نفسه متلعثماً عند الكلام بها، ولربما يجد صعوبة في طلب وجبة من مطعم تعمل فيه عمالة أجنبية... يشعر حينها بالحرج والقصور إزاء لغته الأجنبية الركيكة، والتي صارت بحكم اللغة المشتركة بين معظم بني البشر، على الرغم من وجود دول عدة تفخر بلغتها، وتغضب ممن يتحدث باللغة الإنكليزية فيها.
ساد الاعتقاد فترة بأن من يتحدث اللغة الإنكليزية شخص مثقف، وهو لا يتوقف عن الكلام حتى يُطلب منه ذلك.
ولا أشك بأن هذا عقدة قصور ولَّدت عند البعض شعوراً بالنقص، فدفعهم إلى أن ينفقوا مبلغاً طائلاً من المال كي يلتحق أبناؤهم الصغار بمدارس تعلمهم تلك اللغة كي يتحدثوا بها بطلاقة، ويشعروا بالفخر و«الكشخة اللغوية»، فأبناؤهم مثقفون ومتحضرون.
في العالم 6900 لغة تقريباً، ليس شرطاً أن تكون الإنكليزية هي اللغة الوحيدة التي تستحق دفع أموال طائلة لتعلّمها إلى درجة هجران اللغة الأم، علماً أن لغتنا العربية بلا أدنى ريب هي أكثر قوة وجمالاً في الكتابة والنطق من أي لغة أخرى في العالم، فللعربية مفردات ومميزات لا توجد في غيرها، وهو ما دفع الكثير من الشعوب لتعلمها اليوم.
فكيف يهجرها العربي اليوم بحثاً عن لغة لا تمثِّلُه، بحجة أنه سيصبح «كاشخاً»؟