ما في خاطري

عظماء «مُزيّفون»

9 سبتمبر 2024 10:00 م

يُحكى أن هناك رجلاً يدعى «جيمي» وكان يعمل مستشاراً في عالم ريادة الأعمال، وكان عندما يلتقي برواد الأعمال يمتدح نفسه كثيراً ويتباهى أمام زملائه عن الشركات الكبيرة التي يقدم لها الاستشارة، وكان مثابراً في التواصل مع الشركات المتعددة لتقديم النصائح لإنجاح أعمالها كما يدعي، وكان يقول إن الناس الذين يسخرون منه ولا يأخذون بنصائحه هم اناس خاسرون وفوتوا على أنفسهم فرصة كبيرة لن تتكرر ومن ينتقدوه كان يستقبلهم بالردود العنيفة ويتهمهم بأنهم أُناس كارهون ويغارون منه.

يقول صديقه الكاتب الكبير مارك مانسون، إنني أعرف جيمي جيداً و أعلم تفاصيل حياته وخباياها وأعلم أنه كان يصور للناس صورة مزيفة خافية عن البعيدين عنه. ويقول مانسون، إن جيمي كان في الحقيقة لا يحقق أي أرباح أو نجاحات، وكان يستخدم الخداع في الكثير من الأحيان فيحقق بعض المكاسب القليلة، وإن صديقهُ كان واثقاً من نفسه وكان لديه يقين أن ما يعمله ناجحاً، وكان مؤمناً بما يقدمه، وفي حقيقة الأمر كان صديقه مؤسساً للعديد من الشركات الوهمية ويتعاطى المخدرات كل يوم ويصرف أمواله على سهراته، وفي حقيقه الأمر هو لم يحقق شيئاً واحداً ملموساً في عالم رواد الأعمال ولكن ثقته الزائدة بنفسه جعلته يصدق أنه أنسان حقق العديد من الإنجازات العظيمة، وأن لديه اداءً باهراً، وفي حقيقه الأمر أن جيمي لم يؤسس أي شركة ناجحة على الاطلاق فسنه لم يتجاوز 25 عاماً، ولكنه استخدم الخداع للتأثير على البعض فكسب بعض الأموال.

فكان ما يعانيه جيمي شيئا يطلق عليه الاستحقاق الزائف فهو يرى نفسه شخصاً ناجحاً، وانه دائماً على حق وهو في حقيقة الأمر متخبط في حياته ويعاني على الصعيدين الشخصي والعملي، وفي حياتنا هناك الكثير من النماذج على شاكلة «جيمي» تراهم متيقنين أنهم أناس لا يخطؤون وما يفعلونه صحيحاً في كل الأحوال، وان صورتهم عظيمة أمام الآخرين.

وفي حقيقة الأمر هؤلاء عظماء «مُزيفون» وتقدير الذات الزائد أفسدهم وأعمى بصيرتهم، ولذلك تراهم يصطدمون مع الآخرين، وعندما يحاول البعض أن يوقظهم من سُباتهم وأوهامهم يقاومونه ويتهمونه بالخطأ، وخطورة هؤلاء تكمن عندما يكون تأثيرهم كبيراً في المجتمع أو في العمل، ويصدقهم العامة الذي لا يعلمون خبايا حياتهم ونواياهم. والمؤسف أن نرى البعض يمجد بهؤلاء ويصنع لهم الاهتمام الذي يزيدهم «كِبر» ويخلق منهم «بالونات منفوخة» كبيرة الحجم تحتاج وقتاً طويلاً لكي تتمكن منها وتفرغها من الهواء.

ولذلك يجب ألّا نصدق المظاهر الخارجية الخداعة وبعض الطرق الملتوية الذي يتخذها البعض للتأثيرعلينا ودعونا نعطي كل شخص حجمه الذي يستحقه ولا نزيدهُ شبراً.

X account: @alessa_815