تعليمات للجيش بـ «الاستعداد لتغيير الوضع في الشمال»

إسرائيل تقرع «طبول الحرب» على جبهة لبنان

8 سبتمبر 2024 10:00 م

بين إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه أصدر تعليماتٍ لجيشه وجميع قوات الأمن «بالاستعداد لتغييرِ الوضع في الشمال»، وتأكيد وزير دفاعه يواف غالانت «أننا مستعدون لتحريك القوات من غزة إلى الشمال بسرعة»، بدا أن جبهةَ الجنوب التي دخلتْ أمس شهرَها 12 اقتربتْ من «خطوط التوتر الأعلى» التي يُخشى أن تحترق معها جسورُ العودة عن حربٍ أوسع قد تلجأ إليها تل أبيب على طريقة «آخِر الدواء الكيّ» لفرْض عودة مستوطنيها إلى المستعمرات على الحدود مع لبنان بتوقيتٍ مفصولٍ عن حرب غزة ومآلاتها وبشروطٍ «من وحي» التطورات العسكرية المتلاحقة منذ 11 شهراً وضرورة تكييف تطبيق القرار 1701 معها وصولاً إلى نسخةٍ تنفيذيةٍ لا تمتّ إلى «طبعة» 2006 - 2023.

ولم يكن ممكناً في بيروت القفزُ فوق معطياتٍ مُقْلِقة أطلّت برأسها على وقع ما يتم التعاطي معه وتسويقه على أنه «عمليات تحضيرية»، أي استباقية بالمعنى الهجومي، تمعن إسرائيل في تنفيذها في جنوب لبنان ضدّ ما تعلن أنه منصاتُ صواريخ لـ«حزب الله»، وذلك في إطار إعداد «الميدان» لحملةٍ جويةٍ وربما برية عبر جبهة الشمال، في الوقت الذي تَشي محاولاتُ استيلادِ اتفاقٍ لوقف النار في غزة بأن الطريقَ مازال وَعِراً وقد لا يَخرج من وضعيةِ «الحائط المسدود»، ويصرّ «حزب الله» على وحدةِ المسار مع القطاع، حرباً وتهدئة، وتأكيد أحد نوابه أمس أن ما يقوم به «دفاعٌ استباقي عن لبنان».

واستوقف أوساطاً واسعة الاطلاع أنه فيما كان نتنياهو يتلقى صدمةَ «اليوم الصعب» على معبر الكرامة مع الأردن، انبرى إلى ما بدا «هروباً إلى الأمام»، مصوّباً على «محور الشرّ الإيراني» و«ذراعه الأقوى حزب الله»، ومؤكداً «أصدرتُ تعليماتٍ للجيش بتغيير الوضع الحالي في الشمال، ونحن ملزمون بإعادة جميع سكان الشمال إلى منازلهم»، وذلك بالتوازي مع إعلان مسؤولٍ أمني إسرائيلي رفيع المستوى «أن الحملةَ العسكريةَ في لبنان تقترب رغم أن توقيتها لم يُحَدَّد بعد» وأن «الأوضاع بين حزب الله وإسرائيل تقترب من نقطة الانفجار».

وفي حديث للقناة 12، أضاف المسؤول الأمني أن «الحرب في لبنان على الأبواب وإسرائيل أمام سيناريو التوصل إلى اتفاق أو انهيار المفاوضات وحرب ضدّ حزب الله. والجيش الإسرائيلي في المراحل النهائية لاستكمال الاستعدادات للمعركة المحتملة في لبنان وجاهِز لأي سيناريو».

وما عزّز المَخاوف مِن شيءٍ ما تعدّ له إسرائيل على جبهة لبنان في مسعى لكسْر المراوحة في «حلقة النار» المقفَلة، تقارير إسرائيلية عن تَقاطع سياسي – أمني – عسكري في الداخل على وجوب إيجاد واقع جديد على الأرض عبر توسيع العمليات في اتجاه «بلاد الأرز» - بالتوازي مع محاكاةٍ للتعايُش مع توترات متعددة الجبهة - وأن النقاش يتمحور حول التوقيت والمدى، هل قبل «انكشاف» انهيار مفاوضات هدنة غزة أو بعدها، وهل قبل دخول واشنطن كلياً مدار الانتخابات الرئاسية أو بعد العودة المحتملة لدونالد ترمب.

ويسود اعتقادٌ بأن ارتفاع الكلام في إسرائيل عن تغيير المعادلة شمالاً يرتكز على اقتناعٍ لديها بأن أي تجرؤ أكبر على حزب الله ستتكئ فيه على «خطوطٍ حمر» رَسَمها الحزب لنفسه، ومن خلفه إيران، بعدم الانجرار في الدفاع إلى ما قد يفجّر حرباً شاملة تجبر الولايات المتحدة على انخراطٍ «اضطراري» فيها، وهو ما من شأنه في حال التصعيد من تل أبيب قبل انتخابات نوفمبر الأميركية رفْدَ ترامب بعناصر دَعْمِ، في حين أن وقوعَه بعد الفوز المحتمَل للأخير سيزيد من حشْر طهران في زاوية إرباك وتردُّد يحكمان حتى الساعة ردّها «الموعود» على اغتيال إسماعيل هنية في قلب عاصمتها قبل 40 يوماً.

وإذ يُفترض أن تتضح في الأيام القليلة المقبلة هل المناخات الحربية الإسرائيلية المستجدة هي في إطار رَفْع منسوب الحرب النفسية على تخوم مفاوضات غزة وعضّ أصابع ربع الساعة الأخير فيها أم مقدّمة لعملٍ «حقيقي»، بقيتْ جبهة الجنوب على اشتعالها غاراتٍ إسرائيلية وعمليات من «حزب الله» الذي أطلق في نحو 24 ساعة أكثر من 100 صاروخ، في الوقت الذي دعا رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي سفراء الدول الغربية وممثلي المنظمات الدولية إلى اجتماع طارئ اليوم «لوضع الجميع أمام مسؤولياتهم في وقف العدوان الإسرائيلي المستمرّ على لبنان، والضغط على العدو الذي لا يأبه لأي قانون ويمضي في إشعال نار جرائمه ضد لبنان واللبنانيين، وبشكل خاص ضد مَن يعملون على إخماد نيران حقده».

وجاءت هذه الدعوة على خلفية استهداف إسرائيل أول من أمس، عناصر الدفاع المدني أثناء قيامهم بواجبهم في إخماد حرائق جراء الغارات التي نفّذها طيرانه على بلدة فرون ما أدى الى سقوط 3 مسعفين وإصابة 2 آخَرين بجروح أحدهما بحال حرجة.

وفي الوقت الذي زعم الجيش الإسرائيلي أنه «يوم السبت، شنّت طائرة لسلاح الجو غارة في منطقة فرون جنوب لبنان وقضت على عنصرين من حركة أمل الإرهابية كانا داخل مبنى عسكري لحزب الله، كما تم تنفيذ غارات على مبانٍ عسكرية للحزب في عيترون، مارون الراس، يارون»، ردّ الحزب أمس، على اعتداء فرون خصوصاً بسلسلةٍ عمليات بينها «هجوم جوي بالمسيَّرات الانقضاضية على موقع رأس الناقورة البحري»، وقصْف مستعمرة كريات شمونة «بصلية من صواريخ الفلق» ثم «بصليات مكثفة من الصواريخ»، وقصْف مستعمرة شامير «بصليات من الكاتيوشا»، إلى جانب استهدافات أخرى لمواقع وتجمعات عسكرية بينها «لجنود العدو في مرتفع أبو دجاج بقذائف المدفعية».