ديربورن... مسقط رأس هنري فورد قد تلعب دوراً محورياً

هل تنجح هاريس في كسب أصوات عرب ومسلمي ميتشيغن؟

25 أغسطس 2024 10:00 م

يؤكد الناخبون الديمقراطيون المتحدّرين من أصول عربية وشرق أوسطية في ولاية ميتشيغن الحاسمة لنتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية، بأنه سيتعيّن على نائبة الرئيس كامالا هاريس كسب تأييدهم مجدداً بعدما شعروا بالتهميش جراء طريقة تعاطي الرئيس جو بايدن مع العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة.

يمكن لبلدة ديربورن التي تعد 110 آلاف نسمة وتعتبر بمثابة مركزاً ثقافياً بالنسبة للأميركيين من أصول عربية بأن تلعب دوراً محورياً في تقرير مصير الولاية المتأرجحة التي تصوّت أحياناً للجمهوريين وأحياناً أخرى للديمقراطيين والقادرة على حسم نتيجة الانتخابات الرئاسية المقررة في الخامس من نوفمبر المقبل.

وعبّر أفراد هذه الجالية قابلتهم «فرانس برس» عن استعدادهم للإنصات لما ستقوله هاريس ودراسة خياراتهم، في تحوّل لافت عن مواقفهم العدائية المباشرة حيال بايدن.

وقال ناشر صحيفة «صدى الوطن» أسامة السبلاني «نحن الآن في حالة استماع».

ولدى قبولها بتسميتها كمرشحة الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة خلال مؤتمره الخميس الماضي، تعهّدت هاريس «إنجاز» وقف إطلاق النار وضمان حصول الفلسطينيين على حقّهم في «الكرامة والأمن والحرية وحق تقرير المصير».

لكن ساد غضب في أوساط المندوبين المؤيّدين للفلسطينيين، إثر رفض طلب إدراج ممثلين عنهم على قائمة المتحدّثين.

وأفادت مجموعة «نساء مسلمات من أجل هاريس-وولتز» (في إشارة إلى المرشح لمنصب نائب الرئيس عن الحزب الديمقراطي تيم وولتز) بأن القرار بعث «رسالة فظيعة»، وأعلنت أنها ستحل نفسها وتسحب دعمها للحملة.

وأخيراً، التقت هاريس التي تعهّدت «عدم السكوت» عن معاناة الفلسطينيين مع شخصيات ضمن حركة «غير ملتزمين» الوطنية التي أطلقت التهم بحق بايدن خلال الانتخابات الديمقراطية التمهيدية.

ورغم أنها لم تقدّم أي وعود صلبة، إلا أن القادة أفادوا بأنها أثارت إعجابهم عبر إظهار تعاطفها.

نفوذ متزايد

ولطالما كانت ميتشيغن التي تضم مصنّعي السيارات «الثلاثة الكبار» (فورد وجنرال موتورز وكرايسلر) محطة مهمة للطامحين بالوصول إلى البيت الأبيض.

ودفعت فترات الركود الاقتصادي في سبعينيات القرن الماضي كثيرين لمغادرة ولاية «حزام الصدأ» كما تُعرف، في وقت دفعت الاضطرابات في الشرق الأوسط لبنانيين وعراقيين ويمنيين وفلسطينيين للهجرة إليها.

وقال رئيس بلدية ديربورن عبدالله حمود في مقابلة أخيراً «نحن مدينة عالمية حيث نحو 55 في المئة من سكاننا من أصول عربية. بالنسبة لكثير منا، عندما تتطرق لما يحدث في غزة، هؤلاء أفراد عائلاتنا وأصدقاؤنا».

وتبدو ديربورن التي تشتهر بكونها مسقط رأس هنري فورد، للوهلة الأولى، كأي مدينة أميركية صغيرة بشوارعها العريضة ومراكز التسوّق.

لكنها أيضاً مقر «المركز الإسلامي في أميركا» (أكبر مسجد في البلاد) وعدد كبير من المتاجر والمطاعم والمقاهي الشرق أوسطية.

يستذكر السبلاني كيف تركّزت حملة رئيس البلدية في منتصف الثمانينيات عندما أسس صحيفته، على «مشكلة العرب».

لكن مع ارتفاع أعداد أفراد الجالية وتولي أبناء عمال المصانع وظائف كمحامين وأطباء ورجال أعمال، ازداد نفوذهم السياسي أيضاً.

«أهون الشرّين»

وعلى اعتبار أنهم ينتمون إلى شريحة محافظة اجتماعياً تاريخياً، فضّل العرب والمسلمون بفارق كبير جورج بوش الابن في انتخابات العام 2000.

لكن سنوات «الحرب على الإرهاب» التي قادتها الولايات المتحدة وتخللتها حروب في الشرق الأوسط وأفغانستان، وتم في إطارها تشديد الرقابة على المسلمين في الولايات المتحدة زجّت بهم في المعسكر الديمقراطي.

وعام 2018، انتخب سكان جنوب شرقي ميتشيغن رشيدة طليب، أول فلسطينية أميركية تشغل مقعداً في الكونغرس، في عتبة مهمة بالنسبة للجالية.

كما انتُخب ثلاثة رؤساء بلديات أميركيين من أصول عربية أخيراً في الضواحي المعروفة بعنصريتها تاريخيا حيال غير البيض.

وردّا على حظر الرئيس السابق دونالد ترامب السفر من بلدان مسلمة ودعمه المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة وغير ذلك، دعم الناخبون في ديربورن بايدن بغالبية ساحقة عام 2020، ما ساعد الديمقراطيين على ضمان الفوز بالولاية بفارق ضئيل.

لكن السكان يشعرون بالامتعاض من الطلب منهم التصويت لـ«أهون الشرّين» ويريدون بدلاً من ذلك مرشّحاً يحقق مطالبهم مثل وقف دائم لإطلاق النار في غزة والتوقف عن إمداد إسرائيل بالأسلحة.

وقالت الناشطة والرئيسة التنفيذية لغرفة التجارة الأميركية فاي نمر «أعتقد بأن نائبة الرئيس هاريس لديها فرصة... يمكنها إما أن تكمل مسيرة الرئيس بايدن وإما تضع أجندتها الخاصة فيها».

شعر الأميركيون من أصول عربية بالرضا عن خيار هاريس لمنصب نائب الرئيس، إذ ان وولتز تنبى نهجاً تصالحياً مع معارضي الحرب، بخلاف حاكم بنسيلفانيا جوش شابيرو الذي اتّخذ موقفاً مشدداً ضد المتظاهرين في الجامعات.

لكن سقف المطالب بات أعلى. وقالت المحامية الديمقراطية سجود حماد «لم نعد نقبل بالفتات»، متعهّدة التصويت لمرشحة حزب الخضر جيل ستاين ما لم تر مواقف أقوى من هاريس خلال الحملة.