اقرأ ما يلي

قاتل متسلسل... محبوب جداً !

22 أغسطس 2024 10:00 م

دخلت دار سينما لحضور فيلم يجب أن يكون درامياً ورومانسياً.

نحن متطورون اليوم أكثر في مجالات عدة «من المفترض»... شعرت بالملل وأنا أتابع الفيلم الخالي من المشاعر الرومانسية أو الدرامية. فالقصة تم سردها بسرعة بحيث لا وقت لتصوير العاطفة.

تذكرت أفلاماً قديمة عدة لها الطابع نفسه، وكيف أثرت بنا وقتها... أما اليوم فالسرعة التي وصلنا لها جعلتنا لا نستمتع بأي شعور إنساني فطري، وبأن المشاعر الجميلة يجب أن تنتهي بأسرع وقت.

عزيزي القارئ، ألا تفكر أحياناً بأن مشاعرك اختلفت عن السابق؟ وبأن الناس تغيرت؟

لأعطيك مثالاً بسيطاً... ربما كانت تلك الرسائل تُنقل كنوع من الفكاهة الاجتماعية ولكنها حقيقة، كتصوير الفتاة سابقاً عندما تشعر بالحزن لدى طلاقها وتفكر بأبنائها.

اليوم تقيم حفلاً كبيراً، بموسيقى ورقص احتفالاً بنهاية العلاقة.

أليس غريباً تكرار المشهد باستمرار؟ أيضاً بالطريقة الفكاهية نفسها، تصوير الأبناء وهم يحادثون والديهم وكأنهم أصدقاؤهما، لكن بعدم احترام أيضاً كنوع من الضحك والفكاهة، كي لا تأخذ الأمور بجدية، ولكن تكرارها يعطينا انطباعاً بأنه يجب أن ينتهي عهد احترام الوالدين والتعامل معهما مثل أفلام هوليوود، حيث اعتدنا في أفلامهم على رؤية الابن الذي يضرب والده الشرير كنوع من التأديب، على الرغم من رفض تلك الشعوب هذا النوع من التصوير.

والتواصل الاجتماعي عندهم اليوم يصور جمال احترام الوالدين وأمنيتهما بأن يتأدب الابن أو الابنة عند حديثهما مع الوالدين... انظر كيف استطاعت أفلامهم تصوير حياتهم المتحضرة خالية من الاحترام وتشجيع القوانين التي تؤيد استقلال الفرد عن عائلته بعد سن معينة من المراهقة تحت مسمى الحرية والاستقلالية.

إن أقصى العقوبات التي وُضعت على القاتل لم تردع الآخرين عن القيام بجريمة، بل أصبحنا نرى قتلة متسلسلين مشاهير يعيشون بيننا.

أغلب القتلة المتسلسلين القدماء الذين قرأت عنهم يحبون الأضواء واهتمام الناس بجرائمهم، بل وبعضهم يصبح لديه معجبات لوسامتهم، مشجعات على تخفيض العقوبة عليهم.

الجريمة تقود للشهرة السريعة، قاتل يساوي بطولة فيلم. تخيّل كيف يتم تعظيم دور القتلة في المجتمع بهذه الطريقة، أحدهم يحاكم الآن بجريمة اغتصاب وقتل وإهانة لجثث عدد من الفتيات، والناس تتهافت على اختيار الممثل والمخرج اللذين سيقومان بتصوير فيلم لهذه القصة.

أفكر بيني وبين نفسي كيف سيمثلون الأحداث وكيف سنشاهد عمليات القتل والاغتصاب والتقطيع وغيرها بصورة طبيعية؟

سيكون هناك أطفال أمام الشاشة، هل فقدنا الإحساس بخطورة العنف؟ وقمنا بتشجيع الجريمة والحض على تصويرها درامياً كي نشبع الفضول الذي بداخلنا؟

نعم نحن نملك الخير والشر بداخلنا، ولكن لماذا نحفّز مشاعر العنف ونثبّط مشاعر الطيبة والإحساس بالآخرين؟ ما الذي حدث لنا؟