ثلاثة أيام عطلة... ثلاث مرات بصمة!

11 أغسطس 2024 10:00 م

وفقاً لبعض المصادر الإعلامية، قررت إدارة الموارد البشرية لحكومة دبي منح الموظفين ثلاثة أيام راحة في الأسبوع بدلاً من يومين، لتكون فترة العمل أربعة أيام أسبوعياً، علاوة على تخفيض ساعات العمل إلى سبع ساعات، كمرحلة تجريبية تبدأ من 12 أغسطس إلى 30 سبتمبر للعام الحالي.

وتأتي هذه المبادرة في محاذاة تجارب دول عديدة قد تبنت هذا النظام الذي يحصل الموظف بموجبه على ثلاثة أيام عطلة في الأسبوع. تأتي هذه الخطوة في سياق بعض الدراسات التي أظهرت بأن الموظف يكون أكثر إنتاجية إذا حصل على ثلاثة أيام عطلة في الأسبوع بدلاً من يومين.

في المقابل، أعلنت بعض المصادر بأن ديوان الموظفين بالكويت بصدد عمل بصمة ثالثة للموظفين في اليوم الواحد، لتكون الأولى في بدايته والثانية في منتصفه والثالثة في نهايته!

يبدو من الوهلة الأولى بأننا نسير عكس عقارب الساعة بالنسبة للطرق والمناهج الجديدة لإدارة الموارد البشرية التي تستهدف تحقيق القدر الأعلى من الإنتاجية الوظيفية.

في الحقيقة إن كل المبادرات التي تبنتها بعض الدول بالنسبة لمنح الموظف ثلاثة أيام إجازة في الأسبوع كانت تهدف لزيادة الإنتاجية للموظف من جهة والمساهمة في رفع مستوى الرفاهية من جهة أخرى.

بطبيعة الحال هذه المبادرات والخطوات التي اتخذت مبنية على أساس فرضية ان الموظف ملتزم بساعات العمل وتحقيقه لأدني حد من الإنتاجية المطلوبة منه خلال فترة عمله.

في الكويت لدينا إشكالية في قياس إنتاجية الموظف العام، وبالتالي صعوبة إثبات كفاءته. هذه المشكلة تتجسد في التناقض ما بين ظاهرتين وهما، ان الأغلبية العظمى من الموظفين يحصلون على تقييم امتياز والبونص السنوي، بينما على الجانب الآخر هناك تواضع في إنتاجية المؤسسات الحكومية على النحو المطلوب.

يمكن أن تكون هناك أسباب متعددة خلف هذه الجدلية المتناقضة، أهمها عدم وجود منهجية صارمة لقياس الأداء والإنتاجية، علاوة على غياب المعايير الواضحة لتحديد الأكفاء!! بل وصل الحد إلى أن بعض الموظفين الذين يجتهدون ويثابرون يتم تهميشهم أو معاقبتهم بقصد أو من دون قصد من حيث إن الذي يعمل يخطئ ولكن الذي لا يعمل بالتأكيد لا يخطئ، فتتم معاقبة الأول ومكافأة الثاني!!! ومن هذه الممارسة تفشت ثقافة «لا تعمل تسلم وبالواسطة تغنم»!

جراء تدني الإنتاجية وضعف الأداء المؤسسي، ذهبت بعض الآراء في ديوان الخدمة إلى محاولة ضبط الموظف من خلال البصمة الثالثة حتى لا يخرج أثناء العمل مثلما هو الحال بالنسبة للبعض أو كثير من الموظفين. لكن هذا الإجراء في تقديري لن يعالج مشكلة الالتزام بالأداء والإبداع أكثر منه يمكن أن يؤدي إلى الالتزام بالتواجد وشتان ما بين الاثنين. بل إنه من المحتمل بأن هذا الإجراء سيسبب مشاكل أداء أكثر في بيئة العمل من حيث إن الموظفين المتواجدين دون عمل أو تواجد الموظف الذي هو معتاد على الخروج أثناء الدوام سيقوم بمنازعات وظيفية مع قرنائه الملتزمين بالحضور ذلك لأنه غير معتاد على قيم العمل وثقافة الالتزام المهني بالإنتاجية.

السؤال المهم هو، هل تطبيق البصمة الثالثة أو التعطيل لمدة ثلاثة أيام بالأسبوع سيزيد الإنتاجية الوظيفية ويجعل الإدارة الحكومية أكثر إبداعاً وتطوراً مثلما جاء في خطة الدولة؟

أتمنى ذلك، ولكني ومن واقع خبرتي العملية لن يؤدي أي منهما للارتقاء بالأداء الوظيفي والمؤسسي ما لم يتم تطبيق معايير الحوكمة وغرسها كثقافة وظيفية لدى الموظف العام ابتداء بالقياديين وانتهاءً بأدنى السلم الوظيفي.

وما لم يحس الموظف الكويتي في القطاع الحكومي بأهميته، وأن الأكفأ هو الأجدر بالمنصب الإشرافي أو القيادي أو الترقية وفقاً لنظام يراعي المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص كما نص الدستور الكويتي في مادتيه السابعة والثامنة، لا يمكن أن يثابر ويجتهد ليعمل ويبدع.