يشهد الإعلام طفرة جديدة في التطور. فبعد منصات الإعلام الثلاث التي اعتدنا عليها (الصحف والإذاعة والتلفزيون)، أصبح هنالك عدد لا يعد ولا يحصى من حسابات المستخدمين في التطبيقات المختلفة للتواصل الاجتماعي المسمى بالإعلام الحديث.
لا يخفى عن أحد مدى قوة الإعلام والرسائل التي يحملها. فقد يغير الإعلام آراء سياسية ويروّج لثقافة مصنعة جديدة بل وقد يصنع ثقافة جديدة.
شاهدنا في السابق تخطيطاً ممنهجاً من قبل الرئيس الأميركي السابق هاري ترومان، لاستعمار العالم العربي فكرياً. وطبق نظريات علماء وضعت لتغيير المجتمعات، ولعل أهمها نظرية دانييل ليرنر، لتمدين العرب وتطويرهم ولكن في الواقع أرادوا «أمركتهم».
كتب ليرنر، في كتابه «زوال المجتمع التقليدي - تحديث الشرق الأوسط» نظريته الشهيرة التي أسماها «نظرية التطوير» والمبنية على استخدام الإعلام لطرح أفكار وأيديولوجيات بشكل ممنهج ليجعل المشاهد يغيّر من نفسه دون أن يشعر.
شاهد ليرنر، صعوبة تقبل المشاهدين للرسائل التي تطرح من الحكومات على الشعب، فقرر تطعيم المسلسلات والأفلام بهذه الرسائل والأفكار وطرحها من قبل شخصيات محببة من المشاهد. حقق عن طريقها نجاحاً كبيراً في التأثير على المجتمعات.
تستخدم الحكومات في جميع أنحاء العالم الإعلام كنوع من القوى الناعمة سواءً كان داخلياً أو خارجياً، ولعل أفضل مثال على ذلك هو قناة الجزيرة.
اعتمدت «الجزيرة» تأطير الأحداث بما يخدم سياسة قطر الخارجية، ورأينا المملكة العربية السعودية تدعم صُنّاع المحتوى وتكرّس جهودهم لترويج المملكة كمركز استثماري وتجاري وسياحي، كما وضعت الحكومة السعودية خططاً طويلة المدى لتغيير الصورة النمطية للمملكة في جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى استقطاب نجوم عالميين للعب في دوري الكرة السعودي، والتعاقد مع شركة المصارعة العالمية «دبليو دبليو إي» لإقامة حدث سنوي في المملكة.
هذه جهود جبّارة ممنهجة وضعت لصنع صورة جديدة للدول، فهذه الحكومات تعي أن الإعلام الحديث أصبح قوة عظمى.
لننظر إلى الشارع الكويتي اليوم، فقد أصبح المواطن عرضة لتشويه وتزوير ممنهج، ممن يتحدون وينتقدون السياسة الكويتية والموروث الكويتي بشكل عام ما يؤدي إلى حالة نسميها في الإعلام «نظرية العالم اللئيم». وقد يلتبس على الأشخاص إذا كان هؤلاء كويتيين أم لا.
في السابق كنا عرضة للصحافة الصفراء التي تنشر الإشاعات وتروّع المواطنين من مشاكل وهمية، ولكن كان المواطن يعلم أن هذه صحافة صفراء لا قيمة صحافية حقيقية لها. أما الآن فأصبح المواطن يتعرّض لهذه الأنواع من الأفكار عبر جميع تطبيقات التواصل الاجتماعي، بل علا صوتها على صوت الصحافة التقليدية الملتزمة بأخلاق المهنة وبدأت تؤثر بشكل سلبي جداً.
إضاءة:
أرى بريقاً لامعاً يبشّر بنهضة الكويت والكويتيين جميعاً، يتمثّل هذا البريق بصاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، وولي عهده الأمين سمو الشيخ صباح الخالد، فالكويت والكويتيون معكم في تصحيح المسار، فلكم السمع والطاعة.