كلمة صدق

«الصيف ضيّعت اللبن»

21 مايو 2024 10:30 م

«الصيف ضيّعتِ اللبن»، مثل عربي يضرب لمن أراد أمراً فوت أسبابه، أو في تضييع الفرصة.

بعد صدور الأمر الأميري يوم الجمعة المصادف العاشر من مايو 2024, بحل مجلس الأمة ووقف العمل ببعض مواد الدستور لمدة لا تزيد عن أربع سنوات، هنا يحق للمواطنين الذين كانوا يُعلّقون الآمال ببناء بلدهم وتطويرها وازدهارها يحق لهم أن يتوجهوا إلى أعضاء المجلس ليس المنحل أخيراً فقط ولكن حتى للبرلمانات السابقة على مر سنوات بالقول «الصيف ضيعتِ اللبن».

هنا الحديث يجب أن يكون صريحاً وواضحاً بدون مجاملات وذلك من أجل الإصلاح والارتقاء في وضع البلاد في جميع المجالات. فقد تكون فترة الأربع سنوات على الأكثر كفيلة بأن تعيد من يريد أن يخوض الحياة السياسية البرلمانية في البلاد، ويريد أن يمثل الشعب، عليه أن يعيد النظر في حساباته وتحالفاته وخططه ورؤيته للحياة السياسية والمشاركة فيها عبر السلطة التشريعية.

قد تكون فترة الحل التي قد تطول إلى أربع سنوات كفيلة بتفكيك بنية التحالفات الانتخابية التي كلما مر الوقت وتمادت السنين، تمادت هذه البنية في تفكيك المجتمع الكويتي، في تفكيك الشعب الواحد إلى أعراق ومذاهب وعوائل وقبائل وفئات حتى يتسنى لها أن تصل إلى البرلمان، ولو بأغلى الأثمان الذي يدفع ثمنها الوطن والمواطنون. هذه التحالفات الانتخابية المبنية على أسس غير خدمة الوطن وخدمة المواطنين بجميع شرائحهم وفئاتهم يجب أن تتوقف.

قد يقول البعض إن الحكومات المتعاقبة كانت مسؤولة بشكل أو بآخر في الوضع الذي وصلت إليه العملية البرلمانية وما سبقها من عملية فرز في الانتخابات، بسبب تدخلاتها أو بسبب أشخاص نافذين مقربين منها، فإن كان هذا صحيحاً فهو لا يعفي رجال البرلمان ومن اختارهم من المسؤولية، فالرجل الذي يصل إلى البرلمان يجب أن يكون المشرع والمراقب لأعمال السلطة التنفيذية، غير متأثر بها.

إن عدم وجود الحياة البرلمانية ليست بالشيء المثالي، لكنه أمر اضطراري وموقت، وقد جاء أيضاً في الخطاب الأميري الذي تم فيه الإعلان عن حل البرلمان ما يؤكد على أهمية المشاركة الشعبية في الحياة السياسية عبر قاعة عبدالله السالم الصباح، وهذا أمر منصوص عليه في الدستور.

نعم، إن الشعب الكويتي يتنفّس الحرية، يتنفّس حرية التعبير، والشخصية الكويتية مُتميّزة في خارج البلاد وداخلها بالتعبير الحر والجريء عن الرأي.

قد تكون هذه السنوات الذي يتوقّف فيها البرلمان هي فرصة للشعب في استبدال أغلب الطبقة السياسية البرلمانية الحالية بجيل جديد من البرلمانيين، يكون على دراية ووعي وفهم وتضحية بالنفس من أجل خدمة الكويت وخدمة الشعب الكويتي وترك المصالح الضيقة، يخدم الكويت والشعب بصدق وإخلاص، بصدق وإخلاص حقاً وليس ككلام إنشائي.

أما الحكومة، فالشعب بأكمله سوف يراقبها وعيونه مُسلّطة عليها وينتظر منها الإصلاح والإنجاز، إنجازات وإصلاحات طال انتظارها، والصحافة والصحف كذلك تُعاظم دورها في هذه المرحلة المُهمّة في إنارة الرأي العام بالحقائق ونقل رأي الجمهور للسلطة.