مجرد رأي

الكويت وإعادة التوازنات إقليمياً

5 مايو 2024 10:00 م

في زمن التحولات الإقليمية التي تشهدها المنطقة والعالم تشكّل التحالفات بين الدول إستراتيجية متعددة، لمواجهة التهديدات الإقليمية، والمساهمة بقوة في دفع عجلة التنمية نحو المستقبل.

ورغم أن التحالف بين الدول ظاهرة قديمة قِدم العصور التاريخية، إلا أنها حتمية تقتضيها طبيعة البيئة الدولية القائمة على تعدُّد القوى وتعدد السياسات.

وفي هذا الإطار تبرز أهمية تعددية الأطراف بالنسبة للكويت الكبيرة بمكانتها العالمية الصغيرة مساحة جغرافية، وما يزيد هذه الأهمية أكثر تنامي الصراعات الجيوسياسية في المنطقة إلى حدود باتت مقلقة ومضرّة لجميع الدول.

وهنا قد يكون مفيداً التأكيد على إستراتيجية زيارات الدولة التي قام بها سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الصباح، بداية من دول الخليج وأخيراً مصر والأردن وتركيا المرتقبة وتوقيت هذه الزيارات، التي تعكس أهمية مضاعفة وسط سخونة الأجواء عسكرياً وما يفرضه ذلك من توقعات متشائمة بالنسبة لمستقبل المنطقة اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، لا سيما إذا طال أمد حرب الإبادة التي تشهدها غزة برعاية دولية.

فالدول القوية عندما تسعى إلى زيادة قوتها تلجأ إلى سياسة التحالف كبديل لسياسة التسلح التي تستنزف موارد اقتصادية هائلة، ناهيك عن حاجة التسلح إلى فترة زمنية طويلة. لذلك فإن سياسة التحالف أنجح في زيادة القوة من التحالف على اعتبار أنها تحقق النتائج نفسها وبتكلفة أقل.

وهذا ما حققته الدول الأوروبية الغربية عندما تحالفت مع أميركا لكي تكفل الحماية من أي هجوم نووي روسي، وهذا ما أُطلق عليه اسم المظلة النووية الأميركية.

كما تلجأ الدول إلى المعاهدات غير الرسمية تجنباً لاندفاع الدول الصغرى إلى الرحب بالاعتماد عليها، أما الدول الصغرى فتفضل الحصول على المعاهدات والتحالفات الرسمية.

علاوة على ذلك، هناك تحالفات تجارية تستهدف إنشاء ممرات بديلة لإيجاد مرونة اقتصادية وتنويع الروابط التجارية لبلادها من خلال تنشيط التجارة الإقليمية، مثل طريق التنمية الذي أعلن عنه أخيراً بين العراق وقطر والإمارات وتركيا، وقبله طريق مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا والذي يربط بين جنوب آسيا وأوروبا عبر الخليج العربي والشرق الأوسط.

الخلاصة:

في هذا السياق تظهر أهمية تعزيز الاقتصاد الوطني بقوة التنافسية ما يؤكد حاجته المشروعة والمستحقة لترسيخ علاقات الكويت مع الدول الإقليمية، والانتقال من مقعد العزلة النسبية التي ستواجهها إذا زادت وتيرة التحالفات المنعقدة من دونها إلى اتخاذ وضع إستراتيجي أكثر حضوراً دولياً.

وهنا ليس بالضرورة أن يكون تعزيز العلاقات في هذا الخصوص دفاعياً فحسب ولكنه هجومي أيضاً بمعنى تحقيق الدعم التنموي بأن تضمن الكويت من خلاله طرح مبادرات تنموية تسهم في تحقيق «رؤية الكويت 2035» التي لا تزال حبراً على ورق وتسريع الجهود الحكومية إلى ذلك.