بلغ سعر «البيتكوين»، أشهر العملات المشفرة عالمياً، مستوى قياسياً جديداً، إذ تجاوز خلال تعاملات الإثنين حاجز 71 ألف دولار، مع ارتفاع الطلب عليها وسط تفاؤل في قرار الاحتياطي الفيديرالي الأميركي بخفض أسعار الفائدة هذا العام.
ووصل سعر الوحدة في تعاملات الإثنين إلى 71632 دولاراً مرتفعة 3.2 في المئة، بأسواق آسيا، حسب بيانات وكالة بلومبرغ للأنباء المالية، أي أنها سجلت ارتفاعاً بنحو 70 في المئة منذ بداية هذا العام أي بـ 70 يوماً، فيما وصل سعرها في تعاملات «أمس» الثلاثاء 72.274 ألف دولار.
وساهمت بهذا الارتفاع أنباء تفيد بأن هيئة السلوك المالي في بريطانيا قالت إنها ستسمح بإنشاء أوراق مالية مرتبطة بالعملات المشفرة.
ويأتي ذلك بعد أن أعطت السلطات الأميركية الضوء الأخضر هذا العام لصناديق صرف مرتبطة بالسعر الفوري لـ «البيتكوين»، ما أقنع عدداً من المستثمرين الكبار بالمجازفة بإدخال وحدات منها في محافظهم.
هنا يكون الخبر الدولي انتهى ليبدأ معه السؤال محلياً، هل دخل بعض الكويتيين أخيراً نادي الأثرياء محلياً من بوابة «البيتكوين» أو شقيقاتها المشفرات؟
نُموّ مُتضاعف
مع نشأتها قبل نحو 14 عاماً تقريباً وتحديداً في 2009 استثمر كويتيون شباب بالعملة المشفرة، مُحقّقين نُموّاً مُتضاعفاً في استثماراتهم لفترة طويلة.
ورغم مرور «البيتكوين» بمنحنى مكاسب عالية وخسائر كبيرة في بعض المحطات زاد إيمان بعضهم بمستقبل هذه العملة واحتفظوا بها كأصول، رغم عدم اعتراف بنك الكويت المركزي بها وتحذيره من مخاطرها، فهل يوجد في الكويت ما يجرّم العملات المشفرة؟
يمنع القانون الكويتي ترخيص شركات تداول العملات المشفرة، ولطالما نشر «المركزي» والجهات المعنية تحذيرات من مخاطر الترويج لها والاستثمار فيها لغاية حماية المواطنين من الكلفة المخفية والتي تتضمّن التعرّض للنصب والاحتيال، إلا أن القانون لم ينصّ على أي عقوبة تقع على الأفراد، حال ثبوت تداولهم لهذا النوع من الأدوات المالية.
وفيما تأثر بعض المستثمرين الكويتيين بهذه المحاذير رأى آخرون أنه يمكنهم المجازفة بتحري الدقة في اختيار الوسيط العالمي، خصوصاً إذا كان مجرّب من «الربع»، أملاً في الثراء السريع، لكن ما الذي يغذّي اندفاعهم استثمارياً لهذه الأصول عالية المخاطر؟
منحنى الفائدة
مع التحول من المنحنى الهابط إلى الاتجاه الصاعد للفائدة الاستثمارية بالعملات المشفرة خصوصاً «البيتكوين» كان التنبؤ بتدفق إقبال الأفراد عليها منطقياً، لاسيما مع بزوغ نجمها مع طول دورة الفائدة البنكية الرخيصة التي أقرّت عالمياً ومحلياً لمواجهة تداعيات أزمة 2008 والتي استمرت لسنوات طويلة على الأسواق اتصلت بجائحة «كورونا» التي انتشرت في 2020.
ووسط ذلك نشطت منصات عدة على «السوشيال ميديا» تروّج لإنشاء محافظ للاستثمار في «البيتكوين» وغيرها من العملات المشفرة مُجزئة رأسمال المستثمر إلى شرائح ما حفّز بعض أصحاب رؤوس الأموال الصغيرة للاستثمار منذ نشأتها.
وهنا قد يكون مفيداً الإشارة إلى شاهد عيان أفاد «الراي» بأنه يعلم عن كويتيين اقترضوا للاستثمار في «البيتكوين» فيما اكتفى بعضهم بضخ حصة من قرضه في شراء عملات رقمية أملاً في سداد مديونيته مُحمّلة بهامش ربحية معتبر مدفوعاً بالعوائد الاستثنائية التي سجلها من سبقه بهذا المسار.
وتابع «البعض تحطم استثمارياً بعد أن سجل خسائر حادة وتحديداً الذين استثمروا عندما كان ثمن الوحدة 20 ألف دولار وباعوا تحت ضغط الهلع عندما وصلت إلى القاع بسعر ألفين، فيما ربح ما لم يفرط بوحداته في منحنى الهبوط لتتضخم لاحقاً رؤوس أمواله المستثمرة».
وعملياً التضييق القانوني على شركات تداول العملات الرقمية النشطة في الكويت والذي شمل في 2018 تشكيل وزارة التجارة والصناعة فرق تفتيش ذات صفة قضائية لمراقبة نشاطها وبعضها خارجيّ ممثلاً بمكاتب رسمية داخل البلاد، لم يكن له تأثير قوي، في مكافحة تداول العملات الرقمية.
وتخطت القيمة السوقية لعملة «البيتكوين» مستويات تريليون دولار، للمرة الأولى منذ نوفمبر 2021، لتستحوذ على حصة سوقية تقارب 50 في المئة من إجمالي العملات المشفرة المتداولة، فيما استحوذت على نحو 61.3 في المئة من إجمالي مكاسب السوق خلال 2023.
ولعل سؤال الـ1.54 مليون كويتي (عدد المواطنين) في هذا السياق، يتعلق بماذا يجيب مستثمرو العملات المشفرة للبنوك ووحدة التحريات المالية والجهات الرقابية على السؤال المربك عن سر تدفقاتهم الاستثنائية... من أين لك هذا؟
تشي التجارب العملية في هذا الشأن باتجاهين الأول عندما يكون تحويل قيمة الصفقة مباشرة إلى حساب المستثمر محلياً حيث الإجابة المعلبة... «بيع عملة مشفرة»، وبالمناسبة عادة ما يكون هؤلاء غير محترفين ويكتفون بإظهار الرقم المتسلسل لهم على المنصة الرقمية لشراء الوحدات والمكون بين 24 إلى 36 حرفاً ورقماً مع التوقيع على إجابتهم وهنا تكتفي البنوك بهذه البيانات وفي حال عدم توافرها يحال ملف الشحص إلى وحدة التحريات المالية.
أما المحترفون فيلجأون لفتح حسابات خارجية في بنوك معترف بها محلياً وأشهرها في بريطانيا والبحرين والإمارات، وبذلك عندما يتم التحويل من حسابهم الخارجي إلى حسابهم المحلي يمكن لهم تفادي تشدّد بنوك الكويت في التدقيق على مصدر الأموال باعتبار أنها محولة من جهة مصرفية معترف بها محلياً ودولياً وحتى إذا اضطرّوا للإجابة عن السؤال التقليدي الذي يتعلق بالاستفسار عن مصدر الأموال يستحضرون الإجابة المعلبة من «بيع عملة مشفرة».
تطوّر الأنظمة
ويمكن القول إن هناك عوامل عدة أنعشت إقبال الكويتيين على تداول العملات المشفرة، أهمها تعدّد وتطوّر أنظمة تحويل الأموال القانونية وأبرزها خدمة «بلوك تشين» المُصمّمة للتحويلات المالية عبر الحدود، والتي انضم لها مصارف مرموقة عدة في الكويت ما غذّى نشاط الأفراد للاستثمار في العملات المشفرة وزاد طموحهم للتوسع، كما أنه يمكن تداولها من خلال بورصات العملات الرقمية المرخصة في دول مجاورة، وهنا يمكن تجنب الحظر الكويتي.
وما يستحق التأكيد أنه يستحيل الجزم بموثوقية جميع شركات تداول العملات المشفرة بأي منطقة من العالم، فهناك شركات تسعى للاحتيال على العملاء وأخرى تقدم خدمات دون المستوى ولا تتخذ التدابير اللازمة لحماية الأموال المودعة لديها ما يجعل المتداول عُرضة لمخاطر عدة.
وعملياً، لم يقتصر استثمار الكويتيين في العملات المشفرة على الاستثمار المباشر في وحداتها بل تنوع ليتصل بنشاط التعدين محلياً والذي يعطي لمحظوظيه مكافأة تملك هذه العملة متصاعدة القيمة من دون مقابل شراء والاكتفاء بتحمل تكلفة الإنتاج المنخفضة محلياً، مستغلين أن الكويت تصنف بين أرخص 5 دول في تعدين العملات المشفرة لرخص تعرفة الكهرباء فيها.
وفي هذا الخصوص، يتردّد أن البعض كان ينشئ شبكات تعدين في المنازل المهجورة والخالية من السكان وأحياناً في المزارع ولو موسمياً مع ربط شبكته بأكثر من منزل حتى لا يلفت نظر وزارة الكهرباء على الاستهلاك المبالغ فيه والذي يتطلبه تعدين العملات المشفرة.
كويتي اشترى 13 «بيتكوين» عند تخرجه من بريطانيا بـ 1300 دولار يحتفظ بها للتقاعد
سرد شاب كويتي يعمل حالياً مديراً في إحدى الوزارت لـ «الراي» قصة استثماره لـ «البيتكوين» من البداية حتى الآن، حيث قال إنه عندما أنهى تعليمه الجامعي في بريطانيا وعاد إلى الكويت في 2011 كان يحتفظ برصيد نقدي من مصروفه يبلغ 1300 دولار.
ومن باب المجازفة وقلة المخاطر التي يمكن أن ينكشف عليها إذا خسر هذا المبلغ (نحو 400 دينار) قرر استثماره بشراء 13 وحدة والتي كان ثمنها وقتها 100 دولار معتمداً على حدسه بمستقبل باهر لهذه العملة.
وأضاف أنه لم يفرط يوماً في أي من الوحدات التي اشتراها حتى في أقسى تقلباتها ولا يزال يحتفظ بجميعها، مبيناً أنه ولإيمانه الكبير بهذه العملة صنفها على أنها ادخار التخارج منه برسم مسارين إما بلوغها حاجز الـ100 ألف دولار أو تقاعده مُبكّراً.
21 مليون «بيتكوين» عالمياً
تم تعدين الكتلة الأولى من «بيتكوين» 9 يناير 2009 من أصل 21 مليوناً تم إطلاقها كعملة غير مركزية تعتمد على التشفير.
وفي 22 مايو 2010 قام لازلو هانيتش بأول صفقة في العالم الحقيقي من خلال شراء اثنين من البيتزا في جاكسونفيل، فلوريدا بـ 10,000 «بيتكوين». وفي 5 أيام، ارتفع سعرها 1000%، حيث ارتفع من 0.008 $ إلى 0.08 $، وبعد «البيتكوين»، تأتي الإيثيريوم كثاني أهم العملات الرقمية في العالم.