ماذا لو اختفى النفط غداً...

10 مارس 2024 10:00 م

إذا اختفى النفط غداً، فلن يكون هناك وقود طائرات أو بنزين أو ديزل، وسوف تقطع السبل بالسيارات ذات محركات الاحتراق الداخلي والحافلات والشاحنات، وستتوقف الطائرات، وسوف تتوقف السكك الحديدية للشحن والركاب التي تعمل بالديزل، ولن يتمكن الناس من الذهاب إلى العمل، ولن يتمكن الأطفال من الذهاب إلى المدرسة وسوف تتعرض صناعة الشحن، التي تنقل البضائع والركاب للدمار، ولن يكون هناك أي فائدة من استدعاء خدمات الطوارئ، وستكون غالبية سيارات الإسعاف وسيارات الإطفاء وسيارات الشرطة ومروحيات الإنقاذ ومركبات الطوارئ الأخرى معطلة، كما ستختفي معظم الهواتف وأجهزة الكمبيوتر لأن مكوناتها البلاستيكية مشتقة من النفط، لذلك سيكون من الصعب العثور على طريقة للتواصل مع خدمات الطوارئ. كما سيتوقف قطاع البناء، حيث ستتعطل المركبات التي تعمل بالديزل، وستظل الحفارات والجرافات والشاحنات القلابة والرافعات وخلاطات الأسمنت والبكرات الاهتزازية والرافعات المدمجة معطلة، ولن يكون من الممكن بناء منازل أو مبان جديدة أو إجراء أعمال صيانة حيوية لها.

إذا اختفى النفط غداً، فسوف تختفي معه المنتجات النفطية وهذا من شأنه أن يؤثر على إنتاج السيارات الكهربائية ومع تعطل سلاسل التوريد، فإن هيكل بطاريات الليثيوم أيضاً سوف يتأثر حيث تتكون بطارية الليثيوم من أربعة أجزاء بها والفواصل عبارة عن أغشية دقيقة مسامية، مصنوعة عادةً من منتجات البولي إيثيلين أو البولي بروبيلين القائمة على النفط، وسيتوقف وجود المطاط الصناعي المشتق من النفط والمستخدم في إطارات السيارات والدراجات. وإذا اختفى النفط غداً، فسوف يتأثر إنتاج الغذاء فالعديد من المركبات الضرورية في الزراعة - الجرارات، وآلات جز العشب، والحصادات، والمكبسات، والرشاشات، والبذارات ستتوقف عن العمل، ولن تتوفر عبوات المواد الغذائية اللازمة للتخزين والحفظ، حيث يستخدم الفحم البترولي، وهو منتج ثانوي في تكرير النفط، كمادة وسيطة في تصنيع الأسمدة الاصطناعية، والتي تعتبر مهمة في زيادة إنتاجية المحاصيل، ومن المرجح أن يترتب على ذلك نقص الغذاء. وإذا اختفى النفط غداً، فسيكون الأمر كارثياً على الخدمات الصحية في كل مكان، وسيفتقر الموظفون إلى القدرة على الحركة، وستتقطع السبل بالإمدادات الأساسية. وبعيداً عن وسائل النقل، يعد البترول مادة خام أساسية للأدوية والبلاستيك والإمدادات الطبية، قفازات اللاتكس، والأنابيب الطبية، والمحاقن الطبية، والمواد اللاصقة، وبعض الضمادات، والمطهرات، ومعقمات الأيدي، ومواد التنظيف، والأطراف الصناعية، وصمامات القلب الاصطناعية، وأقنعة الإنعاش، والسماعات الطبية، وماسحات التصوير بالرنين المغناطيسي، وأقلام الأنسولين، وأكياس الحقن، وتغليف الأدوية، وأقنعة الوجه، ومعدات الحماية الشخصية مشتقة إلى حد كبير من المواد البترولية. عادةً ما تحتوي المعدات المستخدمة في الأبحاث الطبية مثل المجاهر وأنابيب الاختبار والنظارات الواقية على مكونات مشتقة من البترول، حيث يبدأ التركيب الكيميائي الذي ينتج الاسبرين بالبنزين المشتق من البترول، حيث يتم تحويل البنزين إلى الفينول، والذي بدوره يتحول إلى حمض الساليسيليك، ثم يتم تحويله إلى حمض أسيتيل الساليسيليك، والذي يعرفه العالم باسم الاسبرين، ومن الصعب تصور مستشفى حديث من دون هذه المجموعة من المنتجات البترولية الأساسية. إذا اختفى النفط غداً، فسوف تتأثر صناعة الطاقة المتجددة، سوف تختفي الألياف الزجاجية والبلاستيك اللازم لبناء معظم توربينات الرياح، وسوف يختفي الإيثيلين المستخدم في إنتاج الألواح الشمسية، وستصبح معظم مركبات التعدين - الشاحنات الكبيرة وأجهزة الحفر الدوارة وأجهزة حفر الصخور اللازمة لاستخراج المعادن المهمة التي يعتمد عليها إنتاج محطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية ومزارع الرياح والمركبات الكهربائية، معطلة. إذا اختفى النفط غداً، فسوف تتأثر المنازل إلى درجة كبيرة لا يمكن التعرف عليها، وهناك احتمال أن تنهار بعض الأسطح إذا كان البيتومين منتجاً رئيسياً، وسوف تختفي المواد الأخرى المستخدمة في عزل المنازل، وإذا اعتمدت المنازل على زيت التدفئة للتدفئة، فلن تكون هناك تدفئة وسوف تتأثر أرضيات المشمع والبلاط وطلاء الجدران تحديداً، ومن المرجح أن يتأثر انتاج الأثاث والوسائد والسجاد والستائر والأطباق والأكواب المصنوعة من المنتجات المشتقة من النفط، وسيكون الحفاظ على نظافة المنازل تحدياً. إذا اختفى النفط غداً، سيتأثر انتاج منظفات الغسيل ومنظفات الأطباق عادة ما تكون مشتقة من المنتجات البترولية، والصابون، ومعجون الأسنان، وغسول اليد، ومزيل العرق، والشامبو، وكريم الحلاقة، والنظارات، والعدسات اللاصقة، والأمشاط، والفرش، تحتوي جميعها عادةً على منتجات مشتقة من البترول، وسيكون الوصول إلى أي مكان أمراً صعباً، حيث سيختفي الاسفلت الذي يمهد الطرق وممرات المشاة. إذا اختفى النفط غداً، فسوف نفقد ملايين الوظائف، وسوف تستنزف عائدات الضرائب لبعض الدول، ويتقلص الإنتاج الصناعي، وسوف يتقلص النمو الاقتصادي العالمي، وسوف تتفاقم محنة الذين يعانون من فقر الطاقة، وهذه ليست القائمة الكاملة لكل ما يمكن أن يتأثر في العالم، في مثل هذا السيناريو الذي لا يمكن تصوره حتى الآن.

وعلى الرغم من كل هذه الحقائق مازال هناك من يطالبون بوقف إنتاج النفط والغاز وعدم الاستثمار في صناعة النفط والغاز. ان الجميع يتحمل مسؤولية التعامل مع موضوع التغير المناخي والجميع يريد النجاح في خفض الانبعاثات.

ان منظمة أوبك والدول الأعضاء فيها تؤمن بالحلول التكنولوجية التي من المؤكد بإمكانها ان تساهم في خفض الانبعاثات الضارة، كما ان الصناعة النفطية جادة في هذا الملف وقادرة على احداث الفرق فيه.

في النهاية يجب الحرص علي عدم تدمير الحاضر من أجل الحفاظ على المستقبل، في حين ان المستقبل مازال سيعتمد على هذه الصناعة والاضرار فيها يشكل خطراً على المستقبل.

* الأمين العام لـ«أوبك»