بعد مضي ثلاثة أسابيع متتالية لم تخلُ من الإبداع والفن، اختتمت مساء الخميس الماضي فعاليات «مؤتمر الطباعة الإبداعية»، والذي أقيم بالتعاون ما بين مركز الشيخ عبدالله السالم الثقافي والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وبتنظيم ناجح لـ«آرت استديو كويت» للدكتورة جواهر البدر، عضو هيئة التدريس السابق في كلية العمارة قسم التصميم المرئي والداخلي في جامعة الكويت.
الحفل الختامي الذي أقيم في متحف العلوم العربية الإسلامية، بمركز الفنون الجملية، قاعة إبراهيم الشطي داخل المركز، تضّمن معرضاً فنياً لأعمال الطباعة، شاركت فيه مجموعة كبيرة من الفنانين الكويتيين والهواة وصل عددهم إلى ما يقارب 50 فرداً، تحت إشراف ثلاثة متخصصين من الولايات المتحدة الأميركية هم توماس بوسكيت، غابريل فلد وكيلي جلانسي.
وانطلقت الفعالية بكلمة مسؤول التسويق والعلاقات العامة والتعليم في مركز الشيخ عبدالله السالم الثقافي هديل الحمود، قالت فيها: «يسعدنا الاحتفال معكم بنتائج ونجاحات مؤتمر الطباعة الإبداعية الذي تم استضافته في مركز الشيخ عبدالله السالم الثقافي منذ الثامن من شهر يناير الجاري، إذ استقطب عدداً كبيراً من رواد الفن وهواته في الكويت، ولاقى استحساناً كبيراً من قبل الزوار».
وأكملت: «شارك في المؤتمر مجموعة مميزة من الفنانين الكويتيين والعالميين، والذين أقاموا العديد من ورش العمل والمحاضرات الفنية القيمة بمشاركة أكثر من 340 فناناً وهاوياً، كما استقطب المؤتمر 19 رحلة مدرسية وأكثر من 12 ألف زائر في هذه الفترة».
وختمت بالقول: «يحقق هذا النوع من التعاون المشترك أحد أهم أهداف المركز الرئيسية، وهي أن يكون المركز منصة دائمة تحتضن المواهب الفنية وتدعم الإبداعات العلمية والثقافية والتاريخية. ومن هنا نتوجه بخالص الشكر والتقدير لجميع من ساهم في إنجاح هذه التجربة الفنية الفريدة، والتي تعتبر الأولى من نوعها في المركز».
تنمية مهارات الأطفال
من جانبه، أكد الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الدكتور محمد الجسار أن التعاون في نجاح هذا المؤتمر هو فريد من نوعه، وأنه كان انطلاقة لأمور عدة هي «وحدة الاقتصاد الابداعي في المجلس، وانطلاقة لهذا المؤتمر، واعتقد أنه انطلاقة أيضاً لـ(آرت استديو كويت). المؤتمر طوال مدته جمع بين أمور عدة، المبدعين والمبدعين الأساتذة والمبتدئين مِمن لا يمتلكون أي خبرة في الإبداع، إذ حضروا للفعالية بمحض الصدفة واندمجوا مع الحاضرين».
وتابع: «هذه فرصة جميلة لتنمية مهارات الأطفال وتوسعة آفاقهم لعميلة الإبداع. وأعتقد ان مجال الإبداع هو مجال واسع، وانطلاقة لشيء جديد»، متوجهاً بالشكر للدكتورة جواهر البدر «صاحبة الفكرة التي باشرت على ولادتها منذ أشهر عدة، حتى تحققت بنجاح كبير».
آفاق جديدة
بدوره، أكد الأمين العام المساعد لقطاع الفنون مساعد الزامل، في كلمة ألقاها نيابة عن وحدة الاقتصاد الإبداعي، أن الرحلة طوال هذا المؤتمر بمثابة استكشاف جماعي، ورحلة عبر النسيج الفني للطباعة، مضيفاً: «لقد ساهمت كل ورشة عمل ومحاضرة ومناقشة وتفاعل في نسج قصة من الإلهام والطموح، ولم يؤد تبادل المعرفة إلى تعميق فهمنا للطباعة فحسب، بل عزّز أيضاً التواصل مع عمقنا الداخلي والتعبير عن الذات. وبينما نودع هذه المساحة المشتركة من الخطاب الفني، دعونا نحمل إحساساً متجدداً بالهدف، ولنطمح إلى تهيئة بيئة لرعاية الفن، تحتضن أصواتاً متنوعة، حيث يتم الاعتراف بالقوة التحوّلية للفن كحافز للتغيير المجتمعي».
واعتبر الزامل أن «هذا المؤتمر أرسى الأساس لهذه التطلعات، ومن مسؤوليتنا الجماعية الآن أن نبني عليه. ويجب أن تمتد أحلامنا في قطاع الفنون إلى ما هو أبعد من حدود هذه القاعة، بحيث يتردد صداها في المعارض والاستوديوهات والمساحات العامة».
أهمية تقدير الفنان
من جهتها، قالت الدكتورة جواهر البدر: «لقد أخرجنا هذا الحدث الفني الفريد في الأسابيع الماضية من أجوائنا المعتادة إلى أجواء مليئة بالإبداعات وتبادل الخبرات الفنية حيث تمكنا من إزالة واستبعاد الحواجز بين المشاركين عن طريق تفاعل جميع الفئات العمرية والمهنية. وهو ثمرة تعاون بين القطاعين الخاص والحكومي، لكل من لديه شغف في فن الطباعة، وتفعيل مكينة الطباعة التي لا يوجد منها سوى خمس قطع في الكويت فقط، والتي عملنا عليها هي الأحدث. لذلك منحنا الفنانين الكويتيين فرصة المشاركة لعمل لوحات معبرة وسهلة التعليم. والجميل أن الفرصة كانت متاحة للجميع من المحترفين والهواة والكبار والصغار، فالفن مفتوح للجميع، لأن المجتمعات بالفن ترتقي، ويصبح فيها تعاون وترابط تفيد المجتمع ذاته».
وأكملت: «نتطلع بحرارة إلى المزيد من هذه الفعاليات الفنية الحية التي تنعش الثقافة الإنسانية، إذ طبعت فينا هذه التجربة أهمية تقدير الفنان واحتوائه في بيئة ثرية تشجع هذا النوع من النتاج الفني وصقل الذوق العام عموماً. وبإذن الله سيكون موعد المؤتمر في شهر يناير من كل عام».
تقديم رؤى مختلفة
من ناحيته، قال مدير البرنامج الاقتصادي الإبداعي في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس جابر القلاف إن «برنامج الاقتصاد الإبداعي لعب لدى المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب دوراً حيوياً في دعم مؤتمر الطباعة الإبداعية بالتعاون مع شركائنا مركز الشيخ عبدلله السالم الثقافي، من خلال توفير منصة للفنانين وتعزيز التعاون وعرض التقنيات المبتكرة، واستضافة الخبراء العالميين والمحليين وتسهيل فرص التواصل لصانعي الطباعة، ما أتاح الفرصة لتبادل الأفكار واستكشاف إمكانات جديدة في هذا المجال».
وأضاف أن «المؤتمر تمكّن من تقديم رؤى حول مختلفة الاتجاهات المستقبلية للجوانب التجارية والتعليمية والتقدم التكنولوجي وإستراتيجيات الأعمال، ما أثرى الخطاب الفني».
«المجلس الوطني» حاضن للأفكار والمبادرات الشبابية
أشار مساعد الزامل إلى المزج الجميل والرائع ما بين المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ومركزي الشيخ جابر الأحمد الثقافي والشيخ عبدالله السالم الثقافي، لافتاً إلى أن انطلاقة المجلس في السنة الأخيرة لرؤية إستراتيجية متجددة، بأنها «تود أن تكون متمردة على الكلاسيكيات، وتحضن كل الأفكار والمبادرات الشبابية الإبداعية بروح ثقافية عالية المستوى، وهذا لن يأتي إلا إذا كان المجلس الوطني حاضناً لها ويقوّيها، وينشئ لها كل التخطيط الإداري والمالي في إظهارها للناس بشكل رائع ومتميز».
تأسيس مركز كامل للحفر
كشفت الفنانة التشكيلية ثريا البقصمي عن حلمها منذ السبيعينات من القرن الماضي، بالقول: «حلمي منذ السبعينات تأسيس مركز كامل لفن الحفر والطباعة، وجميل أن ينتشر في الكويت، إذ ليس من المعقول أن يكون في الكويت أربعة حفارين فقط. كما أتمنى أن يتم تخصيص عدد من الاستديوهات الفنية الموجود في مركز عبدالله السالم لهذا الغرض الفني، مع استيراد المزيد من المكابس وتخصيصها لفن الحفر».