كوهين: على نصرالله «أنّ يفهم أنّه التالي»

إسرائيل ترتقي باستفزازها لـ «حزب الله» لاستدراجه إلى حرب لا تريدها واشنطن

27 ديسمبر 2023 10:00 م

- عملية «مشتركة» مثلثة الرأس نفذّها «حزب الله» بالمسيّرات والصواريخ والقصف المدفعي
- إسرائيل تتوحّش باستهداف مدنيين لبنانيين وأول استهداف لمدينة بنت جبيل

تعاظمتْ المخاوفُ من اتجاه جبهة جنوب لبنان إلى فصولٍ أكثر التهاباً «على المقياس» نفسه لِما عبّرتْ عنه «القنبلةُ» التي رماها المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني العميد رمضان شريف حول أن أحداث السابع من أكتوبر كانت إحدى عمليات انتقام محور المقاومة لاغتيال الجنرال قاسم سليماني«والتي انفجرت واقعياً بـ(حركة حماس)و(فلسطينيةِ)منطلقات(طوفان الأقصى)الذي بدا أنه أصيب بـ(نيران صديقة)».

ورغم نفي«حماس»كلام شريف ومعاودتها تأكيد أن عملية 7 اكتوبر كانت بدوافع«الأخطار التي تهدد المسجد الأقصى ورداً على وجود الاحتلال وعدوانه المتواصل على شعبنا ومقدساتنا»، فإن كلام المتحدث باسم الحرس الثوري الذي جاء تعليقاً على اغتيال اسرائيل القيادي فيه رضي موسوي في سورية وتلويحه بأن«هذه الانتقامات (التي حصلت لاغتيال سليماني) ستبقى مستمرّة»، عزّز القلقَ من الأبعاد الجديدة التي ستتخذها الحربُ في غزة بعدما كانت طهران نأت بنفسها في بداياتها عن مسؤوليتها عن«الضغط على زناد»طوفان الأقصى.

وفي ضوء ذلك تَقاسَم المشهد من حول جنوب لبنان وفيه مساران:

- الأول طبعتْه أسئلةٌ عن سرّ «إفشاء» الحرس الثوري كون حرب غزة انطلقتْ لحساباتٍ عابرة للقضية الفلسطينية وتتصل بأجندة إيران والمحور الذي تقوده، وهل الأمر - ولو تمت لاحقاً محاولة احتوائه بتوضيحٍ من شريف حول أن ما قصده هو أن «أحد نتائج طوفان الأقصى كان انتقاماً لاغتيال سليماني»- هو في إطار محاولةٍ لإرساء «توازن ردع» كلاميّ بمفعول رجعي إلى حَدَثٍ وقعَ وذلك «تعويضاً» عن عملٍ ثأري لاغتيال موسوي دونه حالياً تعقيداتٌ كبرى في ضوء موازين القوى التي يحكمها الحضورُ الأميركي بـ«كامل الترسانة»البحرية في المتوسط.

- والثاني ما أملاه هذا التطور من ترقُّب ثقيل لكيفية تلقُّفه من الولايات المتحدة كما اسرائيل خصوصاً التي تتحيّن الفرصةَ لتوسيع حرب غزة وتحويلها«مطحنة»تُجرّ إليها إيران بطريقة أو أخرى والأهمّ «حزب الله» بوصْفه مَن حوّل حياة مستوطنات الشمال كابوساً بدأ يرتدّ على بنيامين نتنياهو.

ولم يكن عابراً أن التصعيدَ النوعي على مقلبيْ الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، سواء بتنفيذ «حزب الله»، أمس، أولَ عملية «مشتركة» بين سلاح المسيَّرات الانتحارية والصواريخ والمدفعية في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة، أو بإمعان إسرائيل في الإغارة على المنازل بَمن فيها من مدنيين سقط منهم اثنان (رجل وزوجته كانا في منزل شقيق عنصر في الحزب تم نعيه لاحقاً) في أول استهدافٍ لمدينة بنت جبيل، وُضع في إطار مزدوج:

الأول رَبَطه البعض بمسرح العملياتِ الساخن نفسه الذي استُهدف في سياقه موسوي إلى جانب كونه ردّاً بالتماثل من «حزب الله» على توحُّش الاسرائيليين تجاه قرى لبنانية.

والثاني برغبة إسرائيلية باتت بمثابة «هدف» تسعى إليه ويتمثل في تعمُّد رفع وتيرة التصعيد لجرّ «حزب الله» إلى ملعب النار بالتوقيت والمكان اللذين تحددهما هي، على قاعدة أن الفرصة مؤاتية لمحاولة «إصابة عصفورين» معاً هما «حماس» و«حزب الله»، وهو ما يستدعي سياقاً يحرج الأميركيين ويفرض زجّهم في المعركة وإخراجهم من«منطقة الاعتراض»على فتْح الجبهة مع لبنان، وصولاً إلى تردُّدهم في تزويد تل ابيب بنوعيات من الأسلحة وطائرات هيليكوبتر هجومية إضافية طراز «أباتشي» تَعتبر واشنطن أنها ستكون من عُدّة المعركة التي تسعى إليها إسرائيل مع «حزب الله».

كوهين يُهدد

ولم يكن عادياً أمس، بالتوازي مع تهديد وزير الخارجية الإسرائيليّ إيلي كوهين الأمين العام لـ«حزب الله»السيد حسن نصرالله بأن عليه «أنّ يفهم أنّه التالي» (في إشارة إلى اغتيال موسوي) وإذا أراد تجنُّب ذلك، فعليه تنفيذ قرار مجلس الأمن «رقم 1701»، انتقال سكان مستوطنات شمال اسرائيل من الضغط على حكومة نتانياهو إلى تشكيل قوة ضغط تحت مسمى «اللوبي 1701» على إدارة الرئيس جو بايدن الذي تتداخل عناصر عدة في حساب حملته الانتخابية وحمايتها في الأشهر الأخيرة الفاصلة عن «رئاسية 2024».

وجاء في رسالة منظمة «اللوبي 1701» (تمثّل 60 ألفاً من سكان المستوطنات الشمالية في إسرائيل الذين تم إجلاؤهم من منازلهم) التي وُجهت أيضاً إلى مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان: «سياستكم الأميركية الديبلوماسية في الشرق الأوسط تجعلنا لاجئين في بلادنا. ونتوقع الدعم الكامل لعملية عسكرية حتى نتمكن من العودة إلى وطننا»، مضيفة: «جميعاً رأينا نتائج مذبحة 7 أكتوبر، ونفهم أن مثل هذا الحدث على الحدود الشمالية هو مسألة وقت فقط بالنسبة لحزب الله».

وزعمت أن «الفشل في تنفيذ القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أدى إلى تواجد حزب الله على حدود إسرائيل وضرب أهداف مدنية بهدف قتل أكبر عدد ممكن من الأشخاص. ولأكثر من ثلاث سنوات، غضت قوات اليونيفيل الطرف، بل وتعاونت مع حزب الله، ما سمح له بإنشاء مواقع عسكرية هجومية على حدود إسرائيل. نحن جميعاً نشعر بالنتائج الآن».

رقعة «متعارف عليها»

وفي موازاة ذلك، تَدَحْرَجَتْ المواجهاتُ على الجبهة الجنوبية - وإن ضمن رقعةٍ «متعارَف عليها» وتتوسع أحياناً - وسط ارتقاء نوعي في عمليات «حزب الله» وفق ما عبّر عنه إعلانه عن «هجوم ‏مشترك بالمسيَّرات الهجومية الانقضاضية والأسلحة الصاروخية والمدفعية على تجمعات جنود ‏العدو الإسرائيلي المستحدَثة وآلياته خلف مواقعه في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة وأوقعوا فيها إصابات مؤكدة»، وذلك بعدما كان أكد استهداف «تموضع قيادي مستحدث للعدو الإسرائيلي في محيط الموقع البحري بالأسلحة المناسبة».

وسبق ذلك أيضاً إعلان الحزب عن عملية ضد «موقع خربة ماعر ومرابض المدفعية فيه إلى جانب تموضع لجنود العدو حوله، وذلك بواسطة صواريخ بركان»، و«استهداف خيمة لقوّة خاصة في جيش العدو الإسرائيليّ جنوب موقع الضهيرة واستُخدمت خلال العملية الصواريخ الموجّهة، وتم تحقيق إصابات مباشرة في الخيمة ووقوع أفرادها بين قتيلٍ وجريح».

كذلك، تبنى عملية استهدفت موقع حدب البستان الإسرائيلي، قبل أن تفيد تقارير عصراً عن دوي صفارات الإنذار في كريات شمونة ومرغليوت في اصبع الجليل وعن توجه فرق الطوارئ الإسرائيلية إلى «أماكن محتملة لسقوط الصواريخ في كريات شمونة حيث سُمع صوت انفجارات ضخمة».

وكان ناطق باسم الجيش الإسرائيلي أكد أنّ الدفاعات الجوية تمكّنت من اعتراض عدد من الصواريخ تم إطلاقها من لبنان باتجاه الجليل الغربي، لافتاً إلى «أن القوّات الإسرائيلية هاجمت مصادر إطلاق النار، وخلال ليل الثلاثاء - الأربعاء شنت طائرة تابعة لسلاح الجو غارة على موقع عسكري لحزب الله داخل الأراضي اللبنانية»، قبل أن يعلن عصراً «اننا قصفنا بنى تحتية ومواقع عسكرية لحزب الله في جنوب لبنان».

وسبق ذلك إعلان إذاعة الجيش الإسرائيلي أنه تم اعتراض 8 صواريخ من أصل 18 أطلقت من جنوب لبنان على رأس الناقورة في الجليل الغربي. كذلك، أفادت أنه «تم أخيراً قبالة سواحل بيروت فوق البحر المتوسط، اعتراض طائرة مسيرة إيرانية الصنع، أطلقت من العراق (ناقلة عن مصادر أمنية) أن المجموعات الإيرانية أطلقت الطائرة من دون طيار بمبادرة منها وليس بتوجيه من حزب الله».

في المقابل، استفاقت مدينة بنت جبيل أمس على ما وصفته الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية بـ «مجزرة ارتكبها العدو الاسرائيلي ليلاً استشهد بنتيجتها 3 من ابناء المدينة وجُرح آخر».

وفي التفاصيل أن الطائرات الحربية أغارت قبيل منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء على منزل من آل بزي في حي الدورة وسط مدينة بنت جبيل، ودمّرته، فهرعت الى المكان فرق الإسعاف وعملت على البحث تحت الركام والإغاثة طوال ساعات الليل، حتى تمكنت من انتشال جثامين كل من علي بزي وشقيقه ابراهيم بزي وزوجة ابراهيم شروق حمود، بالإضافة الى جريح من آل بزي.

وإذ كان إبراهيم بزي حضر الى لبنان قبل أيام من استراليا حيث يقيم منذ أعوام، ليصطحب زوجته شروق ومغادرة لبنان والاستقرار في أستراليا، عاد «حزب الله»ونعى علي بزي، علماً أن عنصرين آخرين للحزب سقطا بغارة نفذها الطيران المسيّر على سيارة على طريق سهل القليلة ليل اول من أمس.

وطوال يوم أمس نفذ الطيران الإسرائيلي سلسلة غارات على بلدات عدة بينها المنطقة الواقعة بين الضهيرة وطيرحرفا، وجبل بلاط بين رامية ومروحين، فيما طاول القصف أطراف عيتا الشعب لجهة موقع الراهب وتلة حمامص وأطراف بلدة الناقورة (دوت صفارات الإنذار في مقر «اليونيفيل») والجبين ويارين.