رغم مؤشرات «نفاد صبر» صادرة عن الحليف الأميركي الذي أوفد مستشار الأمن القومي جيك سوليفان إلى القدس، تكثف إسرائيل العازمة على مواصلة حربها على حركة «حماس»، حتى النهاية، غاراتها الجوية في قطاع غزة، الذي يواجه سكانه المحاصرون الذين نجوا حتى الآن من الحرب الوحشية، الجوع، إضافة إلى قاتل صامت غير مرئي يطاردهم الآن... «المرض».
سياسياً، تراجع عضو المكتب السياسي لـ «حماس» موسى أبومرزوق، عن تصريحاته، التي ألمح فيها إلى إمكانية اعتراف الحركة بإسرائيل، قائلاً «أسيء فهمها ولا نعترف بشرعية الاحتلال».
وكان أبومرزوق، صرح في مقابلة أجراها، مع موقع «المونيتور» الاثنين، ونشرت أمس، «عليكم اتباع الموقف الرسمي... الموقف الرسمي هو أن منظمة التحرير الفلسطينية اعترفت بدولة إسرائيل».
وأكد «نسعى لأن نكون جزءاً من منظمة التحرير ونحترم التزاماتها»، مضيفاً أن «حماس لا تزال تسعى إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967».
يأتي ذلك، بينما أكد رئيس المكتب السياسي لـ «حماس» إسماعيل هنية، في خطاب متلفز، الأربعاء، أن الحركة «منفتحة على نقاش أي أفكار أو مبادرات يمكن أن تفضي إلى وقف العدوان وتفتح الباب على ترتيب البيت الفلسطيني على مستوى الضفة (الغربية) والقطاع، وصولاً إلى المسار السياسي الذي يؤمن حق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة وعاصمتها القدس».
لكنه حذر من أن «أي رهان على ترتيبات في غزة أو في القضية الفلسطينية عامة من دون حماس وفصائل المقاومة، وهم وسراب».
وأظهر استطلاع للرأي نشر نتائجه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، وهو مركز مستقل في رام الله، أن هنية سيحصل على 78 في المئة من الأصوات حال إجراء انتخابات في الأراضي الفلسطينية في مقابل 58 في المئة قبل الحرب.
ورأى 64 في المئة، أن «حماس» ستكون الطرف المسيطر على غزة في اليوم التالي لانتهاء الحرب.
ميدانياً، أعلنت وزارة الصحة التابعة لـ «حماس»، استشهاد 67 شخصاً على الأقل وإصابة مئة خلال الضربات في مناطق مختلفة من القطاع.
وفي خان يونس جنوباً، تصاعد الدخان من كومة من الركام، بينما حاول فلسطينيون بالمجارف وأيديهم، استخراج ما تحت الركام.
وارتفعت حصيلة الضحايا منذ السابع من أكتوبر، إلى 18787 شهيداً و50897 إصابة.
سوليفان
وفي القدس، أبلغ وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، سوليفان، أمس، أن الأمر سيستغرق بضعة أشهر لإلحاق الهزيمة بـ «حماس».
وأضاف أن الحركة قامت منذ أكثر من عشر سنوات ببناء «بنيتها التحتية تحت الأرض وفوق الأرض». وتابع أن تدمير الحركة «سيتطلب فترة طويلة من الوقت ستستمر أكثر من أشهر عدة، لكننا سننتصر وسندمرهم».
ووفقا لبيان صادر عن مكتب غالانت، ناقش المسؤولان أيضاً ضرورة إعادة الإسرائيليين إلى منازلهم بالقرب من الحدود مع لبنان بعد نزوح عشرات الآلاف بسبب القتال مع «حزب الله».
«غطرسة إسرائيل»
إلى ذلك، ذكرت مجلة «نيوزويك» الأميركية، نقلاً عن ضابط شارك في مداولات داخل إدارة الرئيس جو بايدن وفي نقاشات مع الإسرائيليين، أن «جزءاً من المشكلة هو غطرسة إسرائيل، لكن الحقيقة البسيطة هي أنها خسرت حرب المعلومات».
ونقلت المجلة عن مصادر عسكرية إسرائيلية وأميركية، أن الجيش «كان يضرب أهدفاً ثابتة رغم تقدير بأن المقاتلين قد أخلوها بالفعل... واختار تدميرها لجعلها غير قابلة للاستخدام»، مشيرة إلى أن «هذه ممارسة تجنبتها الولايات المتحدة في حروبها الأخيرة».
وأضافت المجلة نقلاً عن المصادر، أن واشنطن متشككة في القضاء على «حماس».
«العاصفة الكاملة»
صحياً، قال 10 من الأطباء وعمال الإغاثة لـ «رويترز»، إن نقص الغذاء والمياه النظيفة والمأوى، أدى إلى وقوع مئات الآلاف في براثن الإصابة بصدمات، ولم يعد هناك مفر من انتشار الأوبئة في القطاع مع انهيار النظام الصحي.
وصرّح الناطق باسم منظمة «اليونيسيف» جيمس إلدر، الثلاثاء، «بدأت العاصفة الكاملة للمرض. والآن صار السؤال القائم هو إلى أي مدى سيزداد الأمر سوءاً».
وقالت منسقة الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة لين هاستينغز، إنها «بيئة مثالية للأوبئة وكارثة صحية عامة».
وفي جنيف، قال المفوض العام لوكالة «الأونروا» فيليب لازاريني، خلال فعالية للاجئين، إن الناس الذين يعانون من الجوع يوقفون»يوقفون شاحنات المساعدات، ويأخذون الطعام ويأكلونه فوراً».
وأضاف «ظهر الجوع خلال الأسابيع القليلة الماضية ونلتقي بالمزيد والمزيد من الأشخاص الذين لم يأكلوا ليوم أو يومين أو ثلاثة أيام».