«البنتاغون» تُرسل جنرالاً إلى كييف... وموسكو تُحقق تقدماً «كبيراً» جنوباً

ملامح «إستراتيجية جديدة» لمواجهة روسيا في أوكرانيا

12 ديسمبر 2023 10:00 م

تبحث واشنطن وكييف عن «إستراتيجية جديدة» بعد الهجوم المضاد «الفاشل»، وفق صحيفة «نيويورك تايمز»، التي أضافت أن «البنتاغون» سترسل الجنرال أنطونيو أغوتو إلى أوكرانيا لتطوير استراتيجية عسكرية جديدة.

يأتي ذلك في وقت أجري الرئيس فولوديمير زيلينسكي، أمس، محادثات في واشنطن مع المسؤولين الأميركيين، وفي مقدمهم الرئيس جو بايدن، وحذّر من أنّ الإخفاق في مساعدة كييف على دحر الغزو الروسي يحقّق «أحلام» الكرملين بتدمير الديموقراطية في أوروبا.

وكتبت «نيويورك تايمز»، أن «القادة العسكريين الأميركيين والأوكرانيين يبحثون عن إستراتيجية جديدة تمكّن كييف العام المقبل، من إحياء فرصها» في مواجهة الغزو الروسي.

ووفقاً للصحيفة، سيصل أغوتو من ألمانيا، وسيبقى في أوكرانيا لفترة طويلة، ليكون قادراً على تقديم نصائح أوضح، مشيرة إلى أن وجود الجنرال في كييف، قد يكون خطوة نحو التخلي عن عدم التمركز الدائم للمستشارين العسكريين الأميركيين في أوكرانيا.

ونقلت الصحيفة عن مصادرها أن المستشارين الأميركيين والأوكرانيين يأملون في وضع الاستراتيجية الجديدة خلال المناورات المقرر إجراؤها في يناير المقبل في ألمانيا.

وترى «نيويورك تايمز» أن الهدف من الاستراتيجية، «خلق تهديد كاف يدفع روسيا إلى أن تضع في اعتبارها أن تنخرط في «مفاوضات جدية في نهاية 2024 أو 2025».

وتأتي الخطوة بعد «فشل» الهجوم المضاد الأوكراني في تحقيق هدفه، وفي أعقاب أسابيع من النقاشات الساخنة بين كبار المسؤولين الأميركيين والأوكرانيين، بحسب الصحيفة.

وقال مسؤولون أميركيون لـ«نيويورك تايمز»، إن الكثير من القادة الأوكرانيين لا يدركون «مدى عدم استقرار» الدعم الأميركي للحرب، مضيفاً أن هؤلاء الجنرالات والمسؤولين المدنيين لديهم«توقعات غير واقعية»حول ما يمكن الولايات المتحدة دعم كييف به.

وأشار إلى أنهم يطلبون على سبيل المثال، الملايين من القذائف المدفعية من المخزونات الغربية، وهي بالأساس غير متوافرة.

وذكر مسؤولون أميركيون للصحيفة أيضاً، أن كييف سيكون عليها في الوقت المقبل «القتال وفق ميزانية أقل».

«شديدة الجرأة»

ورأى بعض المسؤولين العسكريين، أنه يجب على أوكرانيا بدء إستراتيجية تعتمد على«التمسك والبناء»، حيث تركز على الحفاظ والتمسك بالمناطق التي تسيطر عليها، وبناء قدرتها على إنتاج الأسلحة خلال 2024.

وتعتقد واشنطن أن الاستراتيجية ستحسّن القدرات الأوكرانية وتضمن قدرتها على مواجهة أي تحرك روسي جديد.

وعلى صعيد متصل، تدرس أوكرانيا استراتيجيات استخدمتها بشكل ناجح، حينما شنت هجمات على شبه جزيرة القرم الخريف الماضي.

وأوضحت الصحيفة، أنهم يبحثون«طرقاً مبتكرة لجعل روسيا غير متزنة، عبر شن هجمات ضد مصانع ومخازن الأسلحة وخطوط القطارات التي تستخدم لنقل الذخائر، وتحقيق انتصارات رمزية».

ورفض مسؤول عسكري أوكراني بارز سابق، مناقشة المقترحات، لكنه قال إن«الخطة الجديدة يجرى تنقيحها، وهي شديدة الجرأة».

وأشار المسؤولون الأميركيون إلى أنه حال عدم تغيير الاستراتيجية التي تعمل بها كييف، سيكون عام 2024 مماثلاً لعام 1916، وهو الأسوأ من حيث عدد القتلى في الحرب العالمية الأولى، حيث قتل الآلاف من الشباب ولم تتغير خطوط المعركة إلا قليلاً.

خلاف كبير

وما زاد الخلاف مع القادة العسكريين الأميركيين، بحسب«نيويورك تايمز»، هو عدم التوافق حول كيف وأين سيتم تطبيق تلك الاستراتيجية الجديدة، حيث يرى المسؤولون في كييف وعلى رأسهم زيلينسكي، أن شرق البلاد كان المسرح الأكثر أهمية، حيث ركزت القوات الروسية جهودها هناك.

لكن الولايات المتحدة، ترى شرق أوكرانيا ومن بينها منطقة دونباس، أقل أهمية من الساحل الجنوبي الذي تحتله روسيا أيضاً.

وأوردت الصحيفة، أن«واشنطن أرادت أن تركز كييف على الجنوب من أجل إنهاء أو تهديد قبضة روسيا على الأراضي الواقعة بين شبه جزيرة القرم والحدود الروسية، فيما رأت القيادة الأوكرانية أن الدفاعات الروسية لا يمكن اختراقها، بسبب الألغام التي ستتسبب في خسائر فادحة».

ونتيجة لهذا الخلاف، أبقت كييف قواتها منقسمة بين الشرق والجنوب، ورفضت تنفيذ الهجوم من جبهة واحدة، وبدلاً من تحقيق تقدم بارز، بات الوضع في حالة من الجمود.

ويعتقد القادة العسكريون في أوكرانيا أن التوقعات الأميركية كانت «غير واقعية»، خصوصاً في ما يتعلق بحقيقة عدم وجود قوة جوية تحمي وحداتهم على الأرض.

وصرح الناطق باسم البيت الأبيض، أندرو بيتس، الإثنين، بأن بايدن وكبار المسؤولين في البيت الأبيض «على اتصال وثيق ومستمر مع المشرعين، في شأن الحاجة الملحة للموافقة على تقديم مساعدة أمنية جديدة لأوكرانيا بنحو 50 مليار دولار».

وقال بيتس في تصريحات نقلتها«رويترز»:«أمننا القومي على المحك في أوكرانيا. أشار (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين إلى أنه إذا نجح هناك، سيكون لديه مخططات في شأن دول أخرى في شرق أوروبا أعضاء في حلف شمال الأطلسي ونحن ملزمون بالدفاع عنها».

وأضاف:«سيصبح الأمر أكثر تكلفة من كل النواحي إذا لم نتحرك في شأن هذا التمويل الإضافي».

وفي موسكو، اعتبر الكرملين أمس، أن أي مساعدة أميركية جديدة لأوكرانيا ستشكل«إخفاقاً كبيراً».

وقال الناطق ديمتري بيسكوف إن«عشرات مليارات الدولارات التي ضخت لأوكرانيا لم تساعدها على النجاح في ميدان المعركة. وعشرات مليارات الدولارات الإضافية التي ترغب بها أوكرانيا سيكون مصيرها الاخفاق الكبير».

تقدم روسي «كبير»

ميدانياً، حقق الجيش الروسي تقدماً «كبيراً» في منطقة زابوريجيا في جنوب أوكرانيا المحتلة جزئياً، على ما أكد يفغيني باليتسكي الحاكم المعين من جانب موسكو.

وقال باليتسكي عبر تلغرام «تقدمت وحداتنا بشكل كبير شمال شرقي نوفوبوكروفكا».

وتقع نوفوبوكروفكا على بعد نحو 20 كيلومترا شرق روبوتين التي تؤكد كييف أنها استعادتها خلال الصيف لكنها تواجه صعوبة مذاك في إبقائها تحت سيطرتها.

وأفاد باليتسكي بأن القوات الروسية«ليست صامدة على خط الجبهة فحسب، بل تتقدم أيضاً».

وأكد الجيش الأوكراني امس، وقوع هجمات روسية على طول خط الجبهة بما في ذلك في الجنوب.

وذكر في تقريره اليومي«في منطقة زابوريجيا، صدّت قوات الدفاع 3 هجمات للعدو في مناطق شمال بريوتني وغرب نوفوبوكروفكا في منطقة زابوريجيا».

ومن شأن التقدم أن يفاقم الضغط على القوات الأوكرانية في روبوتين فيما تسيطر القوات الروسية على مناطق في غرب وجنوب وشرق القرية.

واعتبرت كييف أن استعادة قرية روبوتين الصغيرة في الجنوب، في اغسطس كان مؤشرا على نجاح هجومها المضاد الذي يبدو أبطأ مما كان متوقعاً.

وسيطرت روسيا على أجزاء واسعة من منطقة زابوريجيا منذ بدء هجومها إلا أن مركز المنطقة الرئيسي ما زال تحت السيطرة الأوكرانية.