البيت الأبيض يحذّر من نفاد المساعدات لكييف بحلول نهاية العام
بعد تحذيرات ستولتنبرغ... هل وصلت الحرب الروسية - الأوكرانية إلى «طريق مسدود»؟
4 ديسمبر 2023
10:00 م
أثار تحذير الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، من ضرورة الاستعداد لتلقي «أخبار سيئة» من أوكرانيا، تساؤلات في شأن مسار الحرب والتي دخلت شهرها الـ 22 على التوالي، من دون آفاق قريبة للتوصل إلى تسوية، وبعد الكثير من التقارير التي تحدثت عن فشل الهجوم المضاد الذي كانت تأمل منه كييف في طرد القوات الروسية خارج أراضيها.
وفي السياق، حذّرت مديرة مكتب البيت الأبيض للإدارة والموازنة شالاندا يانغ، الكونغرس، أمس، من أن الفشل في الاتفاق على تمويل جديد لأوكرانيا بحلول نهاية العام «سيشلّ» كييف ميدانياً في معركتها ضد القوات الروسية.
وأفادت يانغ في رسالة إلى رئيس مجلس النواب بأن الوقت ينفد سريعاً لدعم معركة أوكرانيا في مواجهة الغزو.
وكتبت «لكي أكون واضحة، اذا لم يتحرك الكونغرس بحلول نهاية العام ستنفد لدينا الموارد اللازمة لتسليم المزيد من الأسلحة والمعدات إلى أوكرانيا».
وأضافت أن «قطع تدفق إمدادات الأسلحة والمعدات الأميركية من شأنه أن يشل أوكرانيا في ميدان المعركة».
وطلب الرئيس جو بايدن من الكونغرس في أكتوبر الموافقة على حزمة تمويل للأمن القومي قدرها 106 مليارات دولار تتضمن دعماً لأوكرانيا وللحرب الإسرائيلية على حركة «حماس».
لكن الكونغرس بقي شهوراً يعاني من الشلل بسبب الخلافات الداخلية بين الجمهوريين فيما يعارض النواب اليمينيون المتشددون خصوصاً، أي مساعدات إضافية لكييف في ظل تواصل الحرب.
تولى الجمهوري مايك جونسون، وهو حليف للرئيس السابق دونالد ترامب لا يُعرف عنه الكثير، رئاسة مجلس النواب في أكتوبر بعدما أطاح انقلاب يميني بسلفه كيفن ماكارثي.
وبعد تولي جونسون مهامه، تجنّب الكونغرس إغلاقاً حكومياً كان من شأنه أن يحدث حالة من الفوضى خلال عطلة عيد الشكر في نوفمبر، لكن الاتفاق الذي أبقى المؤسسات الفيديرالية مفتوحة حتى منتصف يناير استثنى أبرز حلفاء الولايات المتحدة من المساعدات.
«نفد المال»
وذكرت الرسالة شديدة اللهجة الصادرة عن يانغ أنه بحلول ذلك الموعد، سيكون الوقت تأخّر ونفدت الأموال المخصصة لأوكرانيا.
وكتبت «لا يوجد صندوق سحري للتمويل متوفراً من أجل هذه اللحظة. نفد لدينا المال ويكاد الوقت ينفد».
ولفتت إلى أن الفشل في الاتفاق على مزيد من التمويل لا يعرّض المكاسب التي حققتها أوكرانيا حتى اللحظة إلى الخطر فحسب، بل يعزز أيضاً إمكانية تحقيق روسيا انتصارات عسكرية.
وقالت «هذه ليست مشكلة يمكن تركها للعام المقبل. الآن هو الوقت لمساعدة أوكرانيا ديموقراطية على مواجهة العدوان الروسي. إنه الوقت ليتحرك الكونغرس».
وتضغط أوكرانيا للحصول على مزيد من المساعدات الخارجية فيما تكثّف القوات الروسية هجماتها في الشرق بعدما صدّت هجوم كييف المضاد.
ومع دخول الحرب ثالث فصل شتاء، بقي الوضع على حاله إلى حد كبير على خط الجبهة خلال العام الماضي رغم التحرّك الكبير للقوات الأوكرانية خلال الصيف بالاعتماد على المعدات العسكرية الغربية.
وفيما صوّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين و«حماس»، كقوتين مماثلتين تحاولان «القضاء» على ديموقراطيات مجاورة، سعى بايدن لربط الحزمة المخصصة لأوكرانيا والبالغة قيمتها 61 مليار دولار بمبلغ مخصص لإسرائيل قدره 14 مليار دولار ضمن حزمة المساعدات التي طالب بها في أكتوبر.
وقدّمت الولايات المتحدة بالفعل مساعدات أمنية بقيمة 40 مليار دولار لأوكرانيا منذ الغزو الروسي في فبراير 2022.
وتهدد أوكرانيا أيضاً بالتأثير على فرص إعادة انتخاب بايدن الساعي للفوز بولاية ثانية العام المقبل، فيما تظهر الاستطلاعات بأن عدداً متزايداً من الناخبين يرى أن الولايات المتحدة تبذل أكثر مما ينبغي لمساعدة كييف.
ويعتقد محللون عسكريون، أن الجيش الأوكراني بات أمام تحديات عدّة، خصوصاً في ظل المعاناة التي يواجهها خلال الشتاء، ومواصلة روسيا لضرباتها الجوية، وهجماتها بطائرات من دون طيار، فضلاً عن كون أوروبا عاجزة عن توفير مليون طلقة ذخيرة، وعدت بها قبل عام.
ماذا قال ستولتنبرغ؟
في مقابلة مع قناة «آيه آر دي» التلفزيونية الألمانية، السبت، علّق ستولتنبرغ، على سؤال عما إذا كان يخشى أن يزداد الوضع في أوكرانيا سوءاً في المستقبل، بالقول إنه «يتعين علينا أيضاً أن نكون مستعدين لتلقي أخبار سيئة».
وأضاف أن «الحروب تتطور على مراحل، لكن علينا أن ندعم أوكرانيا في الأوقات الجيدة والسيئة على حد سواء»، موضحاً أن من الضروري تعزيز إنتاج الذخيرة، خصوصاً بعدما لم تتمكن دول «الناتو» من تلبية الطلب المتزايد عليها.
وأشار إلى أن أوكرانيا الآن في «وضع حرج»، لكنه رفض أن يوصي بما يجب أن تفعله، قائلاً «سأترك الأمر للأوكرانيين والقادة العسكريين لاتخاذ هذه القرارات العملياتية الصعبة».
واعترف الأمين العام بأنه لم تحدث تطورات مهمة في ساحة المعركة خلال الأشهر القليلة الماضية، مضيفاً أن «الحروب بطبيعتها لا يمكن التنبؤ بها، لكننا نعلم أنه كلما زاد دعمنا لأوكرانيا، انتهت الحرب بشكل أسرع».
صعوبات واسعة
من جانبها، اعتبرت صحيفة «الغارديان» البريطانية، أن النتائج المخيبة للآمال لهجوم أوكرانيا المضاد في الصيف، وضغوط الميزانية المحلية، والإمدادات العسكرية غير الكافية، وعلامات التأييد الشعبي المتذبذب، بالإضافة إلى تشتيت الانتباه بعد الحرب في غزة، جاءت كعوامل تتضافر لاستنزاف عزم الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي في شأن الدعم القوي لأوكرانيا في مواجهة روسيا.
وكتبت أن تلك العوامل تأتي جنباً إلى جنب مع الشكوك حول قيادة الرئيس فولوديمير زيلينسكي، للمعركة، وما يُشاع عن خلاف مع كبار القادة، وتراجع الثقة في حكومته، وانخفاض الروح المعنوية بين عائلات الجنود المعبئين، وكذلك الهجمات الروسية البرية وبمسيرات على البنية التحتية للطاقة، ما أشعر الكثير من السياسيين الأميركيين والأوروبيين بأن الحرب تبدو وكأنها وصلت لطريق مسدود.
يأتي ذلك في وقت ذكر معهد دراسة الحرب الأميركي، أن الظروف الجوية السيئة أبطأت وتيرة القتال «عبر خط المواجهة بأكمله، لكنها لم توقفها تماماً».
في الوقت نفسه، أمر الرئيس فلاديمير بوتين، بزيادة عدد القوات العسكرية بنحو 170 ألفاً، ما يضاهي نسبة 15 في المئة، مما يصل بعدد قوات الجيش الروسي إلى نحو مليون و320 ألف عنصر.
كذلك، أقرت دول الاتحاد الأوروبي بأنها ستكون عاجزة عن توفير مليون طلقة ذخيرة، كانت وعدت بأن تزود بها أوكرانيا التي تحتاج إليها لردع أي تقدم عسكري، ثم استرجاع أراضيها الواقعة تحت سيطرة القوات الروسية.
ويسعى كلا الطرفين إلى تحقيق مكاسب على الأرض قبل توغل الشتاء القارس، مع العمل على إعادة حشد قواتهما في النزاع الذي لم يشهد أي تغيير يذكر على الخطوط الأمامية في الأشهر الأخيرة من الحرب المستمرة منذ فبراير 2022.
قتال من دون نتائج
ومن أوكرانيا، اعتبر الخبير السياسي رئيس تحرير «أوكرانيا بالعربية»، محمد فرج الله، في تصريحات لـ«سكاي نيوز عربية»، أنه إلى حد كبير يمكن التأكيد أن الحرب وصلت كعمل عسكري إلى «مسار مسدود».
لكن فرج الله يرى أن ذلك ليس بسبب البرد القارس، إنما حتى قبل انخفاض درجات الحرارة لهذا المستوى، حيث وصلت إلى حالها الراهن قبل شهر عندما أصبح واضحاً تكافؤ القوة بين الجانبين.
وأضاف «من جانب روسيا، باتت عاجزة منذ أكثر من عام عن تحقيق أي نجاح على الأرض بعدما أخذ الجيش الأوكراني زمام المبادرة واستطاع تحرير جزء من الأراضي المحتلة وتنفيذ خطوط دفاعية جيدة... ومن الجهة الأوكرانية توقف الهجوم المضاد وأصبح في حالة معلقة لأن خطوط الدفاع الروسية التي بُنيت، تعد شديدة التعقيد».
وأشار إلى أن كييف كانت تعول على تسلم مقاتلات «إف - 16» أميركية الصنع قبل نهاية العام، وهو ما لم يحدث، لأن الجيش الأوكراني مازال يفتقر إلى الغطاء الجوي، ومن دونه لا يمكن أن يحقق نجاحات عسكرية كما كان في السابق، ولا يمكن أن يحافظ على تقدمه طالما لم يحظ بهذا الغطاء الجوي.
جنباً إلى جنب مع ذلك، يقول فرج الله، إن كييف لم تحصل على المليون قذيفة الأوروبية الموعودة، وما وصل 300 ألف فقط، في حين هناك استهلاك كبير للقذائف، وفي المقابل حصلت روسيا على وفرة من الذخائر بتحالفها مع كوريا الشمالية.
وأوضح أن هذا الوضع يمنع أي طرف من تحقيق نجاحات عسكرية على حساب الطرف الآخر، وهذا هو السبب الأساسي لوصول الحرب لهذا الطريق المسدود.
شتاء عصيب
من جانبه، يرى الباحث في الشؤون الدولية هاني الجمل، في حديث لموقع «سكاي نيوز عربية»، أنه في الوقت الذي تقترب فيه الحرب من عامها الثالث، تُعيد هذه الأيام الشتوية المزيد من الأوضاع القاسية على الشعب الأوكراني الذي بدأ يتأهب في الوقت الراهن لفصل شتاء عصيب، ليس فقط بسبب شدة البرودة لكن تحسباً لهجمات روسية عنيفة في كل أرجاء البلاد.
وأشار إلى أن الجانب الروسي يستغل هذه الظروف الصعبة من أجل تحقيق نجاحات على المستوى الحربي مستغلاً الأوضاع الجغرافية غير المتوازنة في الجبهة الداخلية والتي تشعر المواطن الأوكراني بصعوبة الحياة.
ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد، إذ يزيد من الطين بلّة وجود خلافات كبيرة وتوترات بين الرئيس الأوكراني والقائد العام للجيش، والتي بدت واضحة بعد إقالة زيلينسكي لقائد الوحدة العسكرية الطبية، ومطالبته كذلك بتغييرات ميدانية، وبعد حالة الإنهاك التي بدأت تصيب الجميع في أوكرانيا.
لكنه أشار إلى أن هذا ما حاولت كييف تفاديه من خلال التأكيد على أنه لا يوجد طريق مسدود، فالهدف الإستراتيجي لها يتمثل في استعادة كامل أراضيها، بما في ذلك شبه جزيرة القرم.
ولفت الباحث في الشؤون الدولية، إلى أن تلك الحالة التي وصل إليها الجانب الأوكراني والتي يأتي على رأسها الخسارة الفادحة التي تتكبدها قواته في ساحة القتال منذ بداية الحرب، وتراجع المساعدات الغربية على أمل تحقيق النصر، دفعت العديد من الأصوات في الداخل إلى المطالبة والتفكير جدياً في وقف إطلاق النار وإجراء مفاوضات من أجل وضع نهاية للحرب، رغم الشعور بأن المفاوضات ستصب بلا أدنى شك في مصلحة روسيا.
ويعتقد الجمل أن العمليات الروسية ستستمر باستراتيجية الضربات عن بعد، خصوصاً أن موسكو مستعدة لمواجهة جوية باستخدام صواريخ من مختلف الطرازات، والمدى النيراني من خلال المسيرات محلية الصنع والواردة من دول صديقة لموسكو.
مقتل جنرال روسي بانفجار لغم في أوكرانيا
أعلن حاكم منطقة فورونيج الروسية ألكسندر غوسيف، أمس، مقتل اللواء فلاديمير زافادسكي، نائب قائد الفيلق الرابع عشر في الأسطول الشمالي «أثناء أداء واجبه في منطقة عمليات خاصة».
وأفادت قنوات «تلغرام» الروسية مع مصادر في الجيش، بأن الجنرال قتل في نهاية نوفمبر الماضي، بعد دوسه على لغم بعيد عن خط المواجهة، ما قد يشير الى أن اللغم قد تكون زرعته القوات الروسية سابقاً.
وأورد موقع «آي.ستوريز» للصحافة الاستقصائية، أن زافادسكي هو الميجور جنرال السابع الذي تؤكد موسكو وفاته والضابط الكبير الرقم 12 الذي تُعلن وفاته منذ بداية الحرب في فبراير 2022.
ويرجع محللون عسكريون السبب وراء تعرض كبار الضباط الروس للقتل، إلى نجاح الجيش الأوكراني في اعتراض الاتصالات الروسية المتساهلة.