الجيش يُخيّر مسؤولي الحركة في حي الشجاعية... «الاستسلام أو القتل»

تكتيك إسرائيلي لـ«القضاء على حماس»... «استهداف القادة»

3 ديسمبر 2023 10:00 م
ذكرت مصادر لصحيفة «الغارديان» البريطانية، أن الهجوم الإسرائيلي المقبل على جنوب قطاع غزة، «مبني على معلومات استخباراتية مستمدة من مئات المسلحين الذين تم اعتقالهم خلال القتال شمال القطاع، ما سيسمح للجيش بالعثور على قادة حماس وقتلهم».
ويعتقد السياسيون والجنرالات في إسرائيل، أن القضاء على كبار القادة، لاسيما زعيم الحركة في القطاع يحيى السنوار، يشكل «أفضل فرصة» للقضاء على الحركة المتجذرة بعمق في غزة، بعد ما يقرب من عقدين من سيطرتها التامة على القطاع.
وأكد مسؤولان عسكريان لديهما معرفة باستراتيجية المرحلة المقبلة، للصحيفة، أنه «سيكون هناك تركيز مكثف على استخدام المعلومات الاستخباراتية الجديدة، لاستهداف قادة حركة حماس».
ويقول منتقدون للعملية العسكرية، إن الاستراتيجية الجديدة «لن تفعل الكثير لتقليل التكلفة المرتفعة في أرواح المدنيين» الذين يقتلون في غزة.
وتلاشت الآمال في التوصل إلى هدنة إنسانية جديدة، وذلك بعدما تبادلت إسرائيل و«حماس» اللوم في فشل تمديدها، وقاما بتشديد موقفهما علناً.
فقد أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفد جهاز «الموساد» بالعودة من قطر، حيث كان يتفاوض على هدنة ثانية محتملة، قائلاً إن «حماس لم تلتزم بجزئها من الاتفاق، الذي يتضمن إطلاق سراح جميع الأطفال والنساء وفقاً للقائمة التي أعطيت لها ووافقت عليها».
في المقابل، قال القيادي في الحركة صالح العاروري، إنه «لن يتم إطلاق سراح المزيد من الرهائن ما لم يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع (المعتقلين) الفلسطينيين في إسرائيل».
وتابع: «دعوا الحرب تأخذ مجراها. فهذا القرار نهائي ولن نتراجع عنه».
وأدى احتمال شن هجوم عسكري على جنوب القطاع، إلى نشر أجواء من الرعب في غزة، حيث فر 4 من كل 5 أشخاص من منازلهم إلى الملاجئ المزدحمة والمدارس والخيام وممرات المستشفيات، بحسب تقارير إعلامية.
وبعد انتهاء وقف إطلاق النار الذي استمر لمدة أسبوع، تتعرض الكثير من مناطق الجنوب لقصف مكثف، حيث يواجه ما يصل إلى 1.5 مليون مدني نزوحاً ثانياً من الأماكن التي ادعت إسرائيل في البداية أنها ستكون آمنة.
«ليس بأي ثمن»
وحضت الولايات المتحدة على بذل المزيد من الجهد لحماية المدنيين. وقالت نائبة الرئيس كامالا هاريس، على هامش أعمال قمة المناخ «كوب 28» في دبي، إن «لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، لكن ليس بأي ثمن».
وأضافت: «الولايات المتحدة واضحة بشكل لا لبس فيه، إذ يجب احترام القانون الإنساني الدولي. لقد قُتل عدد كبير جداً من الفلسطينيين الأبرياء».
وفي بريطانيا، حذر زعيم المعارضة كير ستارمر، إسرائيل أيضاً من حرب في جنوب غزة ستكون دموية مثل حملتها في الشمال.
وقال: «لا يمكننا العودة إلى الطريقة التي جرت بها المرحلة الأولى من هذه الحرب. لقد فقد الكثير من الأشخاص الأبرياء أرواحهم سواء في إسرائيل أو في جميع أنحاء غزة. علينا أن ننظر إلى هذه المرحلة على أنها مرحلة مختلفة».
وأوردت «الغارديان» أنه «تحت ضغط الولايات المتحدة في شأن مقتل المدنيين في غزة، يرى الجيش الإسرائيلي أن حملة شاملة لاغتيال قيادة حماس هي أفضل أمل له لتحقيق أهدافه بتدمير الحركة وإجبارها على إرجاع الرهائن الإسرائيليين بشروط مقبولة، وإنهاء الصراع».
وفي هذا الصدد، قال المحلل المسؤول السابق في «الموساد» يوسي ألف: «نحن نتعرض لضغوط أميركية تزداد صرامة».
وتابع: «أميركا تدعم التخلص من حماس، لكن بشرط عدم قتل الكثير من المدنيين. وبالتالي ربما يمكن مهاجمة قيادات الحركة، ما يؤدي لتفكيك حماس من دون قتل الكثير من الناس».
وفي المرحلة الأولى من القتال داخل غزة، تمكنت القوات الإسرائيلية، من تدمير بنية تحتية كبيرة لـ «حماس» شمال القطاع، لكن مسؤولين عسكريين ذكروا سابقاً لصحيفة «الأوبزرفر»، أنه «رغم مقتل أعداد كبيرة من القادة الميدانيين متوسطي الرتب، فإن الجيش لم يتمكن من الوصول إلى أي من كبار القادة حتى الآن».
«اتفاق أفضل»
وتقع مدينة خان يونس، جنوب القطاع، تحت بؤرة القصف والعمليات البرية منذ انتهاء الهدنة الإنسانية وعدم التمكن من تمديدها.
وضرب أكثر من 50 صاروخاً أهدافاً في المدينة وما حولها، السبت، في حين قتل 9 أشخاص على الأقل، بينهم 3 أطفال، في غارة على منزل في مدينة دير البلح الجنوبية، وفقاً للمستشفى الذي جرى نقل الجثث إليه قبل دفنها.
كما وقعت غارات في الشمال، حيث كان من بين الضحايا الأكاديمي البارز في مجال الرياضيات والفيزياء رئيس الجامعة الإسلامية في غزة، سفيان التايه، والذي ذكرت وكالة «رويترز» أنه قتل مع جميع أفراد أسرته.
وقال ناطق عسكري، بعد ظهر السبت، إن الجيش «يركز على مراكز الثقل» التابعة لحماس، الموزعة في جميع أنحاء قطاع غزة.
وأوضح الخبير في معهد دراسات الأمن الدولي في تل أبيب كوبي مايكل، أن «الجيش الإسرائيلي استخلص الدروس من حملته» قبل الهدنة.
وتابع: «الهدف المقبل سيكون استهداف القادة من أجل التوصل إلى اتفاق أفضل في ما يتعلق بالإفراج عن الرهائن»، مضيفاً «من المرجح أن يتم إدخال أي معلومات في نظام قائم على الذكاء الاصطناعي يسمى حبسورا (غوسبيل) لتحديد الأهداف بوتيرة سريعة».
ويشكك بعض الخبراء في أن الأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعي قد قللت من الأضرار التي لحقت بالمدنيين، مشيرين إلى الدمار واسع النطاق الذي لحق بأحياء بأكملها في غزة.
وقد حذر بعض حلفاء إسرائيل ومنتقديها من أنها «لم تضع خططاً لمستقبل غزة بعد انتهاء الحرب»، ما يجعل إعادة إعمار القطاع المدمر وإدارته تحدياً هائلاً؛ حيث تؤكد الأمم المتحدة أن 60 في المئة من المساكن قد دمرت أو تضررت جزئياً.
ومن المرجح أن تتفاقم المخاوف بسبب الخطط الإسرائيلية لإقامة منطقة عازلة على الجانب الفلسطيني من حدود غزة، لمنع الهجمات المستقبلية، والتي ذكرت «رويترز» أنها قد تتم بالتعاون مع قوى إقليمية.
«الاستسلام أو القتل»
وغداة مجزرة في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، التي أدت إلى استشهاد المئات، هدد الجيش الإسرائيلي 9 من قادة «حماس» في المنطقة، ووضعهم أمام خيارين «الاستسلام أو القتل».
وأفاد في بيان «هذا البلاغ موجه لقادة كتيبة الشجاعية في حماس: اعتبروا هذا الإشعار إشعاراً أخيراً.
‏إنكم جميعاً مستهدفون. جيش الدفاع سيعمل بقوة شديدة للغاية في الحي من أجل تفكيك البنى التحتية الحمساوية الإرهابية. أمامكم خياران: الاستسلام ووضع أسلحتكم؛ البقاء ومواجهة مصير مشابه لذلك الذي واجهه وسام فرحات ويونس مشتهى».
وكانت القوات الإسرائيلية أعلنت مقتل فرحات بغارة على حي الشجاعية.
وشنت المقاتلات الإسرائيلية السبت، غارات عنيفة على حي الشجاعية، ووصف الناطق باسم الدفاع المدني في غزة، الهجوم بـ «المذبحة»، بعدما قصفت 50 منزلاً في الحي على رؤوس ساكنيها.
ولفت إلى وجود مئات الشهداء، نحو 300، لافتاً إلى أن طواقم الإسعاف لم تتعامل مع الكثير من الإصابات ما يدل على العدد الكبير من الضحايا.